"يوم القريش" يعلن بداية رمضان في الكويت

الكويت - بينما يشارف شهر شعبان على الانتهاء يحرص الكويتيون على إحياء واحدة من العادات والتقاليد القديمة، وهي الاحتفال بـ"يوم القريش" الذي يصادف آخر أيام شهر شعبان، وهو موروثٌ شعبي وجزء من العادات والتقاليد في الكويت ودول خليجية أخرى.
ويأتي احتفاء واستعدادا لبدء صيام شهر رمضان حيث يتناول خلاله أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء عند كبير الأسرة أو بيت الجدة أو إحدى نساء الحي من كبار السن آخر وجبة قبل بداية شهر الصوم.
وقال صالح بن خالد المسباح الباحث في التراث الكويتي لوكالة الأنباء العُمانية، إن هذه العادة قديمة جدّا وتاريخية وتشكّل كرنفالا اجتماعيّا في الكويت ويأتي معناها من (قَرش الشيء) أي أكل الشيء بشكل سريع وهي أكلة سريعة يتناولها الأصحاب والأهل سويّا في المنازل أو الدواوين قبل دخول شهر الصيام بيوم أو يومين.
وأكد أن الكويتيين مازالوا يمارسون هذه العادة ويحافظون عليها كونها جزءا من تراثهم، كما تحرص الوزارات والهيئات في الكويت على الاحتفال بها.
وأوضح المسباح أن كلمة "قريش" باللغة العربية تعني السخاء فيقرقش الإنسان أي يسمع صوت النقود في جيبه، كما أنها تدل على صغر الوجبة أو قيمتها المادية ومن هنا جاءت التسمية، حيث تجود كل أسرة أو تقرقش بما لديها من طعام وشراب.
الكويتيات لهن طقوسهن الخاصة للاحتفال بيوم القريش حيث يتوجهن إلى البحر ويقمن بغسل الملابس والبسط ويتشاركن الطعام بينهن
وأكد أن النساء منذ القدم هنّ من أوجدن هذه العادة خوفا من تلف الطعام ورميه خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وعدم وجود ثلاجات لحفظ الأطعمة سابقا.
وعن أنواع الوجبات التي تزخر بها مائدة القريش، قال المسباح إن السمك يعد الوجبة الرئيسية في المائدة كون أن الجميع يمتنعون عن تناوله طيلة شهر رمضان اعتقادا منهم بأنه يزيد من الإحساس بالعطش فيكون هذا التجمع فرصة للاستفادة من السمك وعدم التخلص منه وخرابه، إضافة إلى التمر والمجبوس والهريس والمرق وغيرها من الأكلات التراثية الكويتية.
وتقول سارة عبدالله، طالبة، إن الاحتفال بيوم القريش وهو يوم رؤية هلال رمضان من العادات التي يحرص الكويتيون على إحيائها سواء أكان هذا اليوم آخر أيام شعبان أم لا، وذلك خشية أن يفاجأوا ببدء الصيام قبل الاحتفال بيوم القريش، مضيفة "من الأشياء التي تميز شهر رمضان في الكويت أبوطبيلة وهو الشخص الذي يقوم بإيقاظ الناس من نومهم لتناول السحور".
وقالت الكاتبة والباحثة في التراث غنيمة الفهد إن لكل بلد عادات وتقاليد تميزه عن غيره وتعتبر جزءا من الموروث الذي يحاول الحفاظ عليه من الاندثار، وقد تتشابه هذه العادات قليلا أو كثيرا بين أبناء المنطقة الواحدة، لكنها جميعها على حد السواء مظاهر تعبر عن حفاوة استقبال شهر الصيام.
وأضافت الفهد أنه كانت للسيدات الكويتيات طقوسهن الخاصة بالاحتفال بيوم القريش حيث يتوجهن إلى البحر ويقمن بغسل الملابس والبسط، بينما يكون الرجال منشغلين بأعمالهم، حيث يجلبن معهن الأكل وبعد الانتهاء من الغسيل يقمن بالتجمع حول السدرة ويتشاركن الطعام بينهن.
وأوضحت أنهن بعدئذ يقمن بتنظيف المنازل وتبخيرها وتعطيرها وتحضير الأواني ذات الحجم الكبير وتزيين أيديهن وأرجلهن بالحناء بينما يردد الجميع مقولة "اليوم قريش.. وباكر نطوي الكريش"، كما تقوم فرقة نسائية بالطواف على منازل الشيوخ والتجار وهي تغني أغنية القريش بغرض الحصول على القمح.
وأضافت أن بعضهن يجتمعن في بيت كبير العائلة (العود) أو إحدى السيدات الكبيرات في السن حيث تبدأ فترات التجمع بعد الساعة العاشرة صباحا ويطلق على هذه الفترة الضحى الكبير وتبقى النساء إلى بعد فترة الغداء لأن الأكل يكون على فترتين الأولى فترة الضحى والثانية فترة وقت الغداء.
كل بلد له عادات وتقاليد تميزه عن غيره وتعتبر جزءا من الموروث الذي يحاول الحفاظ عليه وقد تتشابه هذه العادات بين أبناء المنطقة الواحدة
وقالت إن النسوة يتوافدن على البيت وهن محملات بما لذ وطاب من الأكلات المتوافرة من بيوتهن للاحتفال بقدوم الشهر الفضيل من ناحية وللقاء بقية أفراد الأسرة والأهل والأصدقاء من ناحية ثانية.
وأضافت الفهد أن البعض يقيم الحفل في إحدى الصالات أو الفنادق ويكون الأكل على شكل بوفيه مع فرق شعبية ودعوات خاصة.
وقالت مريم العنزي الموظفة في أحد البنوك المحلية، إن الموظفين في الوزارات والمؤسسات الحكومية والهيئات والشركات الخاصة والبنوك يحرصون على تنظيم "مائدة القريش" كنوع من الترابط بينهم من جانب والتمسك بالعادات المجتمعية من جانب آخر.
وأضافت لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن “يوم القريش” أصبح كرنفالا اجتماعيا بعد أن كان موروثا شعبيا وجزءا من العادات والتقاليد في الكويت، موضحة أنه يقام في آخر أيام شهر شعبان احتفاء واستعدادا لبدء شهر الصيام حيث يتناول خلاله أفراد العائلة بطريقة رمزية آخر وجبة نهارية قبل بداية شهر الصوم.
وقالت الإعلامية الكويتية هنادي البلوشية إن الاحتفال بالقريش هذا العام يأتي بنكهة مميزة مصحوبة بلذة الاشتياق، خاصة بعد عامين متتاليين من الحظر ومنع التجمعات التي اختفت تقريبا بسبب الإجراءات الاحترازية لمكافحة فايروس كورونا الأمر الذي دفع الأهالي للاحتفال هذا العام بشكل مميز ومكثف.
وأكدت البلوشية أن القريش عادة تراثية جميلة تطورت مع مرور الزمن وأنها لم تعد تقتصر على العائلة في المنزل بل امتدت جذورها إلى مقرات العمل وتجمعات الأصدقاء في المطاعم والمقاهي قُبيل حلول شهر رمضان.