يا حمّالي مخازن أمازون اتحدوا

خففت النقابات العمالية من ظلم القوانين الداخلية في المصانع لكنها مازالت تكافح لحماية الحمّالين في مراكز توزيع البضائع على غرار شركة أمازون التي تعد أهم مواقع التجارة الإلكترونية الرائدة في العالم والتي يعاني عمالها من الضغوطات في العمل الشاق وكثرة الإصابات ما دفع المشرع الأميركي إلى تقديم قانون حماية عمال المستودعات.
لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - كان كيث ويليامز بالكاد يستطيع الإمساك بإبريق الحليب في اليوم التالي لدوام مرهق في رفع الصناديق الثقيلة بمستودع أمازون في ولاية نيويورك. وعانى من الآلام في يديه ومعصميه.
ويعتبر ويليامز وتيرة العمل السريعة في منشأة أمازون سبب الإصابة التي تكبدها في فبراير 2023. وقال، إن الشركة فرضت النمط من خلال قياس إنتاجيته بدقة ودفعه إلى العمل بشكل أسرع.
وصرّح العامل الذي يعمل على إدراج مستودعه مع نقابة تايتماسترز “لقد تجاوزت السرعة ما يمكن أن يتحمله جسدي”.
ودفعت هذه الإصابات المشرعين في واشنطن العاصمة إلى تقديم قانون حماية عمال المستودعات، وهو مشروع قانون فيدرالي شامل يمكنه تنظيم أهداف الإنتاجية في صناعة التخزين.
وتعدّ الصناعة واحدة من أسرع القطاعات نموا في البلاد، حيث توظف ما يقرب من 2 مليون أميركي.
لكن الشركات “تعامل العمال كما لو كانوا أطرافا يمكن التخلص منها”، على حد تعبير عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس إد ماركي.
وقال ماركي، وهو راعٍ لمشروع القانون، “يستحق العمال معايير متسقة وموثوقة تضمن السلامة الأساسية والكرامة والاحترام في مكان العمل”.
ويطلب مشروع قانون ماركي، الذي يعكس أكثر من عشرة مقترحات مماثلة في الولايات الأميركية، من الشركات إخبار الموظفين بحصصهم أو أهدافهم الإنتاجية، حيث قد يضطر العمال إلى الضغط على أنفسهم للعمل بجدية أكبر وأسرع إن لم يعرفوا ما هو متوقع منهم.
ويحظر مشروع القانون أيضًا على أصحاب العمل إلزام العمال بمعايير يحددها المنظمون على أنها تعرض سلامتهم للخطر.
وتعارض رابطة الأعمال التابعة لغرفة التجارة الأميركية مشروع القانون الذي تقول إنه يضيف عبئا ثقيلا على قطاع التخزين.
واعتبر مارك فريدمان، نائب الرئيس، غرفة التجارة الأميركية، “هذه إدارة تفصيلية تدخلية من الحكومة الفيدرالية”.
وقال، إن المستودعات تهدف بالفعل إلى الحفاظ على سلامة عمالها، ومن غير المناسب أن يخبر المنظمون الشركات كيفية مراقبة الإنتاجية وإنفاذها.
وفرضت كاليفورنيا في يونيو أكبر عقوبة بموجب نسختها من القانون تتمثل في غرامة تقارب 6 ملايين دولار ضد عملاق التجارة الإلكترونية أمازون، لعدم كشف الشركة عن أهدافها الإنتاجية كما يطلب القانون.
وتقرر فرض غرامات مماثلة ضد متجر التجزئة دولار جينيرال وموزع المواد الغذائية سيسكو.
وتعارض أمازون، التي تستأنف الغرامة، فكرة أن لديها حصصا في مستودعاتها.
وقالت المتحدثة مورين لينش فوغل في بيان “لا يوجد ما هو أكثر أهمية من صحة موظفينا وسلامتهم”.
وأكدت أمازون الاستغناء عن عدد صغير جدا من العمال بسبب مشاكل في الأداء، وأن العمال أحرار في مناقشة التوقعات مع مديريهم.
توسع المستودعات
تضاعف عدد الوظائف في قطاع التخزين ثلاث مرات تقريبا خلال العقد الماضي مدفوعا بانفجار التجارة الإلكترونية وخدمات التسليم. وبلغ حوالي 2 مليون، حسب البيانات التي نشرها الاحتياطي الفيدرالي.
لكن العمل خطير، حيث يزيد معدل الإصابة عن ضعف المعدل في مكان العمل العادي.
وقال جوردان باراب، وهو مسؤول كبير سابق في الإدارة الفيدرالية للسلامة والصحة المهنية، إن التقدم في تكنولوجيا المراقبة والتحليلات يمنح الشركات المزيد من الأدوات لدفع العمال إلى ما قد يكون غير آمن.
وأضاف “تكتشف خوارزميات الإنتاجية جميع أنواع الطرق المتطورة لجعل العمال يعملون بشكل أسرع، حتى لو كان ذلك أقل أمانا”.
وجاء قانون المستودعات في كاليفورنيا، المعروف باسم إيه بي 701، في 2021 للتعامل مع هذه التطورات. ويفرض على المستودعات الكشف عن أهداف الأداء للعمال مباشرة وتمكين المنظمين من التدخل إذا كانوا غير آمنين.
وقالت نانيتبلا سينسيا، وهي عاملة ونقابية في مستودع أونت 8 في مورينو فالي، “لا يوجد زر إيقاف مؤقت. ليس هناك توقف. عليك أن تستمر في مواكبة السرعة. وإذا تباطأت لأنك تتألم بشدة، فسيكون ذلك خطأُك في النهاية”.
رابطة الأعمال التابعة لغرفة التجارة الأميركية تعارض مشروع القانون الذي تقول إنه يضيف عبئا ثقيلا على قطاع التخزين
وكان مستودع أونت 8 من المرافق التي دقق فيها المنظمون في كاليفورنيا.
وقالت أمازون إنها أحرزت تقدما في خفض معدلات الإصابات وأن للعمال القدرة على التحقق من أدائهم في منشآتهم. وأكدت تشويه طبيعة العمل في مستودعاتها.
وقالت لينش فوغل “ليست هذه الطريقة التي تعمل بها توقعات الأداء في أمازون. يضمن نهجنا أن يكون الجميع على قدم المساواة وأن يكون تقييم أدائهم معزولا عن العوامل الخارجة عن سيطرة الموظفين، مثل التغييرات في الأعمال أو المخزون أو مزيج الشحن أو التأثيرات الموسمية”.
وأمكن، بدعم قوي من المجموعات النقابية التي تحاول شمل مستودعات أمازون في جميع أنحاء البلاد، تبني أشكال مختلفة من إيه بي 701 في ولايات أخرى، مع تمرير قوانين مماثلة في نيويورك وواشنطن وأوريغون ومينيسوتا.
وقالت النائبة إيما غرينمان، التي ساعدت في قيادة القانون في مينيسوتا، إن لوائح الحصص ضرورية لسلامة العمال.
وأضافت، أن الضرر كان يحدث لعدم معرفة المعيار الذي من المتوقع أن يلتزم به الموظف الذي يحاول أن يسرع في خضم هذا الغموض حتى لا يُعاقب.
وغرمت وزارة العمل والصناعة في مينيسوتا أمازون في يونيو، لعدم تقديم نسخة مكتوبة من حصة للعمال في الولاية وعدم حمايتهم من مخاطر بيئة العمل. واعترضت أمازون على الأمر.
وقالت لينش فوغل، “نحن نتبع جميع قوانين الولاية والقوانين الفيدرالية وليست حصصنا ثابتة. وشاركنا الإدارة الفيدرالية للسلامة والصحة المهنية هذه المعلومات وغيرها أثناء التحقيق، لكنها اختارت إصدار قرار يعكس عدم فهمها لكيفية قياس الأداء”.
أضواء على أمازون
ركزت المجموعات العمالية ودعاة السلامة في مكان العمل على أمازون، التي تدير معظم أكبر المرافق في البلاد وتعدّ أكبر لاعب في الصناعة.
وقال مكتب مفوض العمل في كاليفورنيا إنه أنشأ قائمة بالمستودعات التي سجّلت أكثر من 1.5 ضعف متوسط معدل الإصابة في القطاع، وأجرى ما يقرب من 100 زيارة ميدانية.
وقالت إيرين تونغ، الباحثة في مشروع قانون العمل الوطني غير الربحي، إن “أمازون استغلت التكنولوجيا الجديدة وأساليب الإدارة الجديدة الرائدة”.
وشاركت تونغ في تأليف تقرير صدر في مايو.
وقال التقرير، إن أمازون تمثل 79 في المئة من العمالة في المستودعات الكبيرة في الولايات المتحدة التي توظف كل منها أكثر من ألف عامل، ولكن 86 في المئة من جميع الإصابات تسجلها هي.
وقالت أمازون في بيان إن النص “يسيء تفسير البيانات، أو يتجاوز عمدا سياقا مهما لملاءمة رواية كاذبة”.
وفرضت الإدارة الفيدرالية للسلامة والصحة المهنية خلال 2023 غرامات بقيمة 150 ألف دولار على انتهاكات السلامة في عدد من مستودعات أمازون في جميع أنحاء البلاد. واعترضت أمازون على هذه العقوبة.
واستأنفت الشركة قرارا أصدرته اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات الفرنسية هذا العام بتغريمها 32 مليون يورو (35 مليون دولار) لإنشاء نظام لمراقبة نشاط الموظفين وأدائهم. وقالت اللجنة إن النظام كان “تدخليا بشكل مفرط”.
وأصدرت الشركة بياناتها الخاصة التي تقول إنها تظهر تحسنا مطردا في معدلات الإصابة على أساس سنوي.
وأشارت أمازون إلى منشورها الذي يحدد عددا من الطرق التي نشرت بها التكنولوجيا التي تقول إنها تخفف العبء على العمال.
ولم ترد الشركة مباشرة على أسئلة حول موقفها من قانون حماية عمال المستودعات، الذي يمكن بموجبه إنشاء “فرقة عمل حصص” وطنية للمساعدة في الإنفاذ والتدريب.
وجادل فريدمان بأن هذه القوانين ستؤدي في النهاية إلى جعل التخزين أكثر تكلفة للمستهلكين. وقال “سيخلق هذا تكاليف جديدة، ويمكن أن تصل الجميع”.