وهم الربح السريع يوقع سكان غزة في شبكات الاحتيال

الفرص الاستثمارية التي يتم الترويج لها بكثافة على وسائل التواصل سرعان ما تنكشف لتتضح أنها احتيال يلحق خسائر فادحة بالآلاف من المستثمرين.
السبت 2023/05/13
حبل الطمع قصير

غزة (الأراضي المحتلة) - حظيت شركات وهمية في غزة خلال الأعوام الأخيرة بإقبال واسع من السكان في ظل بحثهم عن فرص استثمارية تعينهم على معدلات البطالة القياسية وتردي الوضع الاقتصادي. غير أن الفرص الاستثمارية التي يتم الترويج لها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي سرعان ما تنكشف لتتضح أنها احتيال يلحق خسائر فادحة بالآلاف من المستثمرين.

وشكلت هذه القضايا التي صدمت الرأي العام المحلي وأثارت الكثير من الجدل والشكاوى من احتيال بسرقة مبالغ ضخمة، إحراجا للسلطات الحاكمة التابعة لحركة "حماس" الإسلامية. وأثيرت العشرات من القضايا بقاسم مشترك يقوم على استثمار أموال المودعين مقابل أرباح تتراوح بين 20 و40 في المئة، ليتضح لاحقا أنها مجرد عمليات نصب واحتيال.

ولجأت وزارة الاقتصاد في غزة في الثامن من مايو الجاري إلى تحذير علني للسكان من التعامل مع شركة وهمية تطلق على نفسها "بنك الخليج الرقمي"، تستقطب الأموال بادعاء تشغيلها في شراء أسهم البنك.

◙ شركة تجمع خلال فترة وجيزة مبلغ 17.6 مليون دولار من 5932 مستثمرا عبر إيهامهم بربح سريع يتجاوز أحيانا 30 في المئة

وأصدرت الوزارة تحذيرا شديدا لأي شركة أو أي جهة من القيام بتشغيل أموال مواطني قطاع غزة في أي المجالات ذات العلاقة بالتداول الشبكي أو الاستثمار الرقمي، متوعدة بأن كل من يخالف ذلك سيكون تحت طائلة المسؤولية القانونية المشددة. وجاء هذا التحذير بعد تفجر قضية احتيال طال المئات من المستثمرين والمودعين في شركة محلية نشطت تحت اسم "تكنو إليت ميديا للتدريب والاستثمار التكنولوجي".

وضجت منصات التواصل الاجتماعي بحسابات من غزة تشتكي من التعرض لعملية احتيال بعد الاستثمار في الشركة المذكورة، التي صورت نفسها لهم بأنها تستثمر في المجال الإلكتروني وتداول العملات وتستند إلى وجود مقر رسمي لها وموقع إلكتروني.

وأعلنت النيابة العامة في غزة في السابع والعشرين من أبريل 2023، عن إغلاق الشركة المذكورة والتحفظ على كافة الأموال والأصول والعقارات والأملاك التي تعود للشركة، بعد وصول العشرات من البلاغات بقيام إدارتها بالنصب والاحتيال.

واتضح من تحقيقات النيابة أن إدارة الشركة عملت على تحصيل أموال المودعين المجني عليهم بعد إيهامهم بتشغيلها في نشاط تداول عملات رقمية، ليحققوا أرباحا مالية كبيرة خلافا للحقيقة، بما في ذلك إنشاء موقع إلكتروني باسم "البوت".

وبحسب التحقيقات، فإن الشركة المذكورة جمعت خلال فترة وجيزة مبلغ 17.6 مليون دولار من 5932 مستثمرا عبر إيهامهم بالربح السريع والكبير الذي يتجاوز في بعض الأحيان 30 في المئة، مع ضمان عدم وجود أي خسارة.

وصرح النائب العام في غزة محمد النحال بأن النيابة العامة وضعت تصورا لمعالجة القضية بحيث تسير وفق مسارين رئيسيين، هما سلامة وصحة الإجراءات القانونية في معالجة القضية، والمسار الآخر السعي إلى استرداد الأموال التي تم تحصيلها زيادة عن رأس المال لإعادتها إلى أصحابها.

احتيال مقنع
احتيال مقنع

ويعزو مسؤول الإعلام في غرفة صناعة وتجارة غزة ماهر الطباع الإقبال على التسويق الهرمي والاستثمار في شركات وهمية إلى ضيق الأحوال الاقتصادية والبحث عن طرق لمواجهة أعباء الحياة المتفاقمة.

وأصدرت السلطات في غزة منذ نحو عام قرارا يحظر التعامل بكل طرق التسويق الشبكي أو الهرمي، إلا أن العمل في بعض هذه المواقع لا يزال مستمرا ولم يتوقف.

وبحسب مراقبين، فإن الناشطين في هذا النوع من الاستثمار عمدوا إلى العمل بطريقة غير معلنة تحت ستار أنشطة متنوعة، ويعمدون إلى استقطاب المستثمرين لغيرهم ومنحهم أرباحا مقابل ذلك.

ويقول المحلل الاقتصادي من غزة أحمد أبوقمر إن رواج الاحتيال عبر الاستثمار في التسويق الشبكي أو الهرمي مرتبط بضعف القوانين المعمول بها وغياب إجراءات حازمة ورادعة.

◙ الناشطون في هذا النوع من الاستثمار عمدوا إلى العمل بطريقة غير معلنة لاستقطاب المستثمرين لغيرهم ومنحهم أرباحا مقابل ذلك

ويشير أبوقمر إلى أن الكثير من سكان غزة ينخدعون بأوهام الحصول على الربح السريع، في ظل تراجع فرص الاستثمار الحقيقي وتنمية اقتصادية متنوعة المجالات والأهداف.

وينبه إلى أن القاسم المشترك في شركات الاستثمار الوهمية في غزة يقوم على استغلال جوانب استثمار غامضة لدى السكان مثل مجال العملات الرقمية، أو التسويق الهرمي مع العمل على اختراع آلية عمل وهمية.

وكان قطاع غزة قد شهد خلال العامين الماضيين عدة قضايا احتيال عبر تطبيقات الربح السريع عبر الإنترنت، أشهرها تطبيق "كافي 24" الذي تمكن القائمون عليه من جمع الملايين من الدولارات بذريعة استثمارها وتحقيق الأرباح من خلالها.

ويشير رئيس تحرير صحيفة “الاقتصادية” الصادرة في غزة محمد أبوجياب إلى أن مع تزايد اتجاه العالم نحو التكنولوجيا، طفت في العالم العربي أساليب الاحتيال بالتسوق الهرمي في ظل استخدام شركات وهمية لمسميات سليمة ومعتمدة عالميا.

ويلفت أبوجياب إلى أن أشهر هذه المسميات التي تم الترويج لها في غزة طريقة احتيال عالمية تسمى "بونزي سكيم"، التي تعمل على جذب مستثمرين بزعم حصولهم على أرباح كبيرة، على أن يجلب كل مستثمر غيره فتكبر الدائرة ويزيد الخاسرون.

ويؤكد أن ضعف الوعي لدى مجتمع قطاع غزة المغلق على نفسه بفعل الحصار وقيود السفر إلى الخارج، دفع إلى الخلط بين التسويق الشبكي الوهمي والتجارة الإلكترونية السليمة، الأمر الذي نتجت عنه سرقة وتبخر عشرات الملايين من الدولارات.

 ◙ طريقة احتيال عالمية
 ◙ طريقة احتيال عالمية

16