ولي العهد السعودي في باريس وملفات عدة على جدول الزيارة

باريس - يبدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأربعاء زيارة رسمية طويلة إلى فرنسا، حيث سيناقش خلال لقائه الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعة قضية الحرب في أوكرانيا ضمن قضايا أخرى. وفق الرئاسة الفرنسية.
وتأتي المحادثات المزمعة بين ماكرون وولي العهد السعودي بعد شهر من حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قمة لجامعة الدول العربية في السعودية لحشد الدعم، وهي قمة عبر فيها الأمير محمد بن سلمان عن استعداده للتوسط في الحرب بين موسكو وكييف.
وباتت السعودية لاعبا دوليا هاما، بعد أن نجحت في تحقيق ما عجزت عنه دول أخرى من خلال التوسط لإطلاق العشرات من الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما قد يؤهلها لأن توسع مدى الوساطة كي تكون أشمل وتستهدف وقف الحرب.
ويستقبل الرئيس الفرنسي الجمعة الحاكم الفعلي للمملكة النفطية الثرية على غداء عمل في قصر الإليزيه، حسب ما أعلن المكتب الإعلامي للرئاسة.
وقال الديوان الملكي السعودي في بيان نُشر فجر الأربعاء، إن الأمير سيترأس وفد المملكة المُشارك في قمة "من أجل ميثاق مالي عالمي جديد" التي ينظّمها ماكرون في باريس في 22 و23 يونيو.
وتأتي هذه الزيارة بعد أقل من عام على زيارة قام بها ولي العهد السعودي إلى العاصمة الفرنسية في 28 يوليو من العام الماضي، حيث التقى ماكرون وأجريا مباحثات بشأن تعزيز التعاون بين البلدين وعددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك وبخاصة في مجالات الطاقة والدفاع.
وأكدت مصادر فرنسية، أنه إلى جانب الزيارات المتبادلة، ثمة مشاورات متواصلة بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي حول العديد من القضايا الثنائية، حيث ترتبط المملكة وفرنسا بشراكة استراتيجية إضافة إلى المسائل الإقليمية والطاقة.
وأوضح قصر الإليزيه أن ماكرون والأمير محمد بن سلمان سيتطرقان إلى "تحديات الاستقرار الإقليمي"، أبرزها على الأرجح الأزمة في لبنان حيث تحتفظ السعودية بنفوذ كبير في وقت عيّن الرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان-إيف لودريان "مبعوثًا خاصًا إلى لبنان" لمحاولة المساعدة في التوصل إلى مخرج من المأزق السياسي.
وفشل البرلمان اللبناني الأربعاء للمرة الثانية عشر في انتخاب رئيس للجمهورية وسط انقسام سياسي يزداد حدّة بين حزب الله وخصومه وينذر بإطالة الشغور الرئاسي، على وقع انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
وبالإضافة إلى العلاقات الثنائية، سيتناول ماكرون والأمير محمد بن سلمان، الذي يملك دارة فخمة تُسمّى قصر لويس الرابع عشر قرب فيرساي في المنطقة الباريسية، "خصوصًا الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على سائر دول العالم"، وفق الرئاسة الفرنسية.
وخلال لقاء ولي العهد السعودي بالرئيس الفرنسي في باريس، في سياق ارتفاع أسعار الطاقة على خلفية الحرب في أوكرانيا، شدد الزعيمان على "ضرورة إيجاد تسوية للنزاع (في أوكرانيا) وتكثيف التعاون لتخفيف آثاره في أوروبا والشرق الأوسط والعالم".
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022 وما تسبب به من ارتفاع في أسعار الطاقة، يسعى الغرب لإقناع السعودية، المصدِّر الأول للنفط في العالم، بزيادة إنتاجها لتخفيف الضغط عن الأسواق.
ويرى مراقبون أن الجانب الفرنسي يولي اهتماما خاصا بملف الغاز والنفط، مع سعي العديد من الدول خاصة في أوروبا للبحث عن موارد طاقة بديلة عن روسيا بعد قرار الأوروبيين فرض حظر على النفط الروسي، وتسقيف أسعار النفط، إلا أن السعودية تؤكد احترامها لتعهداتها والتزامها بكلمتها وبالتالي تمسكها مثل غيرها من منتجي النفط بقرارات مجموعة أوبك + بقيادة الرياض وموسكو.
وفي المقابل تولي المملكة اهتماما خاصا بتنويع شراكاتها في القطاع الدفاعي في ظل مشروع طموح لتوطين الصناعات الدفاعية.
ولعبت الأزمة المندلعة في أوكرانيا منذ 24 فبراير 2022 دورا أساسيا في إدراك القوى الدولية ولاسيما الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الحاجة الماسة للسعودية، لاسيما على مستوى خلق التوازن في أسواق الطاقة العالمية.
ويؤكد ماكرون أنه يريد إقناع الدول غير المنحازة في الملف الأوكراني، بالضغط على موسكو لإنهاء غزوها لأوكرانيا.
وفي مايو، وضع ماكرون طائرة فرنسية بخدمة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي أقلّته إلى مدينة جدّة السعودية لحضور القمة العربية، ثمّ إلى اليابان للمشاركة في قمة مجموعة السبع التي حضرتها أيضًا البرازيل والهند اللتان تنتميان إلى مجموعة الدول الناشئة.
ورأى الرئيس الفرنسي أن زيارة زيلينسكي لجدّة سمحت "بالحصول على دعم واضح جدا من السعودية وقوى كبرى أخرى في المنطقة".
وسيناقش الرئيس الفرنسي مع ضيفه أيضًا التحضيرات لقمة باريس الأسبوع المقبل التي تهدف إلى "جمع التمويل الخاص والعام وتركيزه حيث تشتد حاجة العالم والناس له لمحاربة الفقر وقيادة التحول المناخي الضروري وحماية التنوع البيولوجي"، حسب ما أوضح الجانب الفرنسي.
كما سيشارك الأمير الاثنين المقبل في حفل استقبال رسمي تنظمه المملكة بمناسبة ترشح الرياض رسميًا لاستضافة إكسبو 2030، وفق البيان السعودي.
وتستضيف وزارة الاقتصاد الفرنسية يومي الثلاثاء والأربعاء منتدى "رؤية الخليج" الذي يناقش سبل تعزيز العلقات بين فرنسا ودول مجلس التعاون في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
كذلك يلتئم منتدى آخر سعودي ــ فرنسي، في 19 من الشهر الحالي، في إطار مجلس رجال الأعمال من الطرفين لغرض دفع التعاون الثنائي إلى مجالات أوسع.