وفد الجيش يعود إلى الخرطوم على وقع خسائره في قاعدة استراتيجية

الوفد التفاوضي يعلن مغادرته جدة "للتشاور"، في وقت تمكنت قوات الدعم السريع تدمير 3 طائرات حربية ومخازن للأسلحة والمعدات الحربية والمؤن في وادي سيدنا العسكرية.
الخميس 2023/07/27
آمال ضعيفة في العودة إلى استئناف المفاوضات

الخرطوم - أعلن الجيش السوداني، اليوم الخميس، عودة وفده التفاوضي من مدينة جدة السعودية إلى البلاد للتشاور، معربا عن استعداده لمواصلة التفاوض مع قوات الدعم السريع في حال تذليل المعوقات، تزامنا مع تكبده خسائر جديدة في قاعدة وادي سيدنا العسكرية بكرري بمدينة أم درمان.

ومنذ مطلع مايو الماضي، تستضيف السعودية مفاوضات غير مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع بتسهيل مشترك مع الولايات المتحدة.

ووقع الطرفان في 11 مايو على إعلان جدة لحماية المدنيين، لكنهما لم يلتزما به فسرعان ما تجددت المواجهات المسلحة وبصورة أكثر عنفا، برغم توقيع عديد من الهدن.

ومشيدا بجهود السعودية لإنجاح جميع جولات المباحثات في جدة، قال الجيش في بيان "نؤكد رغبتنا في التوصل إلى اتفاق فاعل وعادل يوقف العدائيات ويمهد لمناقشة قضايا ما بعد الحرب".

ولفت إلى أنه أرسل وفده إلى جدة، في 5 مايو الماضي، استجابةً لمبادرة مشتركة طرحتها الولايات المتحدة والسعودية، واتهم قوات الدعم السريع بعدم تنفيذ التزاماتها بموجب تفاهمات جرى التوصل إليها في أكثر من جولة تفاوضية.

وبحسب بيان الجيش "عقب عطلة عيد الأضحى المبارك، انخرط وفدنا في مباحثات غير مباشرة برعاية الجانب السعودي، وتم التوصل إلى تفاهمات مبدئية حول اتفاقية إعلان المبادئ العامة للتفاوض وآلية المراقبة والتحقق، والتي تتمثل في إنشاء "المركز المشترك لوقف إطلاق النار"، الذي ستقوده السعودية".

وتابع "كما تباحث الوفد حول مسودة وقف للعدائيات تم التوافق فيها على كثير من النقاط، إلا أن الخلاف حول نقاط جوهرية، بينها إخلاء المتمردين لمنازل المواطنين في العاصمة وإخلاء مرافق الخدمات والمستشفيات والطرق، أدى إلى عدم التوصل لاتفاق وقف العدائيات".

ومضى قائلا "ونتيجة لذلك عاد وفدنا إلى السودان الأربعاء 26 يوليو 2023 للتشاور، مع الاستعداد لمواصلة المباحثات متى ما تم استئنافها بعد تذليل المعوقات".

وتزامن بيان الجيش مع تحقيق قوات الدعم السريع انتصارات ميدانية جديدة حيث أعلنت في بيان نشرته على صفحاتها الرسمية على فيسبوك وتويتر "تنفيذ مهمة عسكرية جديدة فجر اليوم (الخميس)، داخل قاعدة وادي سيدنا العسكرية بكرري أم درمان".

وقالت قوات الدعم السريع إن "القوات الخاصة التابعة لها تمكنت من تدمير 3 طائرات حربية ومخازن للأسلحة والمعدات الحربية والمؤن ومقتل وجرح العشرات من قوات الانقلابيين وفلول النظام البائد".

وأكد البيان أن "قوات الدعم السريع ستكثف عملياتها الخاطفة في جميع مواقع ما وصفتها "ميليشيا البرهان"، التي صارت جميعها أهدافًا مكشوفة لقواتنا المنتشرة في العاصمة والولايات".

كما أكدت أن قواتها "مصممة على اجتثاث الانقلابيين وفلولهم من جذورهم وإلى الأبد، لكي تنعم البلاد بالأمن والاستقرار والسلام والديمقراطية".

وكانت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" أعلنت قبل أيام، تنفيذ عملية خاصة داخل وادي سيدنا العسكرية بأم درمان أدت إلى تدمير 4 طائرات مقاتلة وعدد من المخازن العسكرية.

وتسعى قوات الدعم السريع من خلال الاستهداف المتكرر لقاعدة وادي سيدنا الجوية العسكرية، التي تعد مفتاح السيطرة على الحكم في السودان، شلّ قدرات الجيش سواء من حيث الهجمات التي تستهدف قواتها داخل الخرطوم، ونقاط تمركزها بالمحاور الإستراتيجية، وبالأخص رؤوس الجسور التي تربط مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان)، ومن حيث الإمدادات العسكرية.

وتلعب هذه القاعدة دورا استراتيجيا في المعارك الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من أبريل الماضي، كما لعبته طوال نصف قرن مضى.

فقاعدة وادي سيدنا الجوية التي تقع شمالي أم درمان على بعد 22 كلم من مركز العاصمة السودانية الخرطوم، تضمّ مطارا مدنيا، وبالمحاذاة منها تقع الكلية الحربية بمعاهدها المتخصصة مثل المشاة والمظليين، وأيضا "مجمع الصافات للتصنيع العسكري" المتخصص في صناعة مختلف أشكال الطائرات المدنية والعسكرية وصيانتها وتطويرها وتحديثها.

ويرى مراقبون أن سقوط قاعدة وادي سيدنا الجوية بيد قوات الدعم السريع من شأنه أن يغير مجرى المعارك في الخرطوم، بالنظر للدور الذي تلعبه حاليا في الميدان.

ومنذ منتصف أبريل الماضي، يخوض الجيش وقوات الدعم السريع اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، بحسب وزارة الصحة والأمم المتحدة.

واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.

وكان مقررا التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي لإنهاء الأزمة في السودان، في الأول من أبريل الماضي، إضافة إلى التوقيع على الوثيقة الدستورية، في السادس من الشهر ذاته، وهذا ما لم يحصل بسبب خلافات في الرؤى بين قادة القوات المسلحة وقادة قوات الدعم السريع، فيما يتصل بتحديد جداول زمنية لدمج قوات الدعم السريع داخل الجيش.