وفاة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح

الكويت - توفي أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح السبت عن عمر 86 عامًا، وفق ما أعلن الديوان الأميري، بعد عهد دام ثلاث سنوات وطبعته أزمات سياسية متكررة في الدولة الخليجية الغنية بالنفط تم خلالها حل البرلمان عدة مرات لأسباب مختلفة.
وقال الديوان الأميري في بيان "ببالغ الحزن والأسى، ننعى الى الشعب الكويتي والأمتين العربية والإسلامية وشعوب العالم الصديقة وفاة المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الذي انتقل إلى جوار ربه ظهر اليوم السبت".
وكان التلفزيون الرسمي الكويتي قد قطع بث البرامج المعتاد في وقت سابق اليوم السبت، وبث بدلا من ذلك تلاوة من القرآن.وأعلنت حكومة الكويت في بيان السبت، الحداد على وفاة أمير البلاد 40 يوما، وغلق المقار الرسمية 3 أيام.
كما أعلنت الكويت السبت تسمية ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أميرا للبلاد، خلفا لسلفه فيما تقرر دفن الأخير في "مراسم تقتصر على الأقارب"، غدا الأحد.
جاء ذلك في بيانين منفصلين لمجلس الوزراء الكويتي والديوان الأميري، عقب إعلان الأخير وفاة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، بعد نحو 3 أسابيع من أزمة صحية "طارئة".
وأفاد مجلس الوزراء الكويتي في بيانه بأنه "ينادي بالشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد". وتشمل ترتيبات الحكم وفق دستور الكويت أن يتولى ولي العهد مقاليد الحكم.
فيما أعلن الديوان الأميري في بيانه أن "مراسم دفن جثمان الأمير الراحل مقتصرة على أقرباءه فقط، بمسجد بلال بن رباح (بالعاصمة الكويتية) غدا الأحد".
فيما يتلقى "أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وأسرة آل صباح، التعازي بفقيد الوطن في ديوان أسرة آل صباح، بقصر بيان، الإثنين والثلاثاء".
ونعت دول عربية أمير الكويت وأعلنت كل من مصر والإمارات الحداد 3 أيام وتنكيس الأعلام وذلك في بيانات رسمية صادرة من الإمارات وقطر ومصر، عقب إعلان الديوان الأميري في الكويت وفاة أمير البلاد.
ونعى رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في بيان، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
ووفق البيان الذي نقلته وكالة الأنباء الإمارات، "نعى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أمير الكويت، ويأمر بإعلان الحداد 3 أيام وتنكيس الأعلام اعتبارا من اليوم (السبت) على جميع الدوائر الرسمية داخل الدولة والسفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج". البلاد.
كما قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في تغريدة بمنصة "إكس" "تعازينا الصادقة لأخي الشيخ مشعل الأحمد الصباح (ولي العهد الكويت) ولدولة الكويت حكومة وشعبا في وفاة الشيخ نواف الأحمد الصباح".
وأضاف "نشاطر الكويت وأهلها أحزانهم في هذا المصاب الأليم، ونسأل الله القدير أن يتغمد فقيدنا الكبير بواسع رحمته ورضوانه وينزله منازل الصديقين والأبرار. إنا لله وإنا إليه راجعون".
كما أفادت الرئاسة المصرية، في بيان، بتقديم "الرئيس عبدالفتاح السيسي، والشعب المصري، نعي الزعيم الفقيد، الرجل العظيم، الذي كان داعمًا لأمته العربية والإسلامية، حريصًا على شؤونها، حكيمًا في قيادته، قدم الكثير من البذل والعطاء لبلاده وللأمتين العربية والإسلامية".
وأعلنت مصر "الحداد على الفقيد لثلاثة أيام في جميع أنحاء البلاد"، وفق البيان ذاته.
وفي 29 نوفمبر الماضي، دخل الشيخ نواف، المستشفى إثر وعكة صحية، لم يحدد الديوان الأميري طبيعتها، ولكن تأتي بعد رحلات علاج عديدة خارج البلاد خلال فترة حكمه القصيرة.
وجاء مرضه الأخير غداة قرار بالعفو شمل سياسيين بالبلاد، قبل أن تظهر هاشتاغات (وسم) تفخر بما قدم في حياته، منها أمير التواضع والعفو والإنجازات التي عرفت بها سيرته السياسية.
وشغل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح منصب أمير الكويت لنحو ثلاث سنوات، لكنّه كان منخرطًا على مدى عقود، في إدارة شؤون الدولة الخليجية الغنية بالنفط التي تحكمها أسرة الصباح.
ولعل أبرز أدوار الشيخ نواف هو توليه وزارة الدفاع عندما غزت القوات العراقية بقيادة صدام حسين بلاده عام 1990، قبل أن يتولى وزارة الداخلية ومنصب نائب رئيس الوزراء لمكافحة الارهاب عندما واجهت قوات الأمن الكويتية الإسلاميين المسلحين في يناير 2005.
وأتاح له أسلوبه الهادئ المتكتم مواصلة دوره عندما هزّت الدولة الواقعة بالقرب من إيران والعراق أزمات سياسية متكرّرة تتعلّق بالحكومة وبشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تمّ حلّه مرّات عدّة.
وسمّي الشيخ نواف الذي كان يحظى بتأييد الأسرة بفضل صورته كسياسي متواضع يعمل بعيدًا عن الأضواء، وليًا للعهد عام 2006 قبل أن يخلف في 2020 أخاه غير الشقيق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي توفي في سبتمبر من ذلك العام عن 91 عامًا.
وكان عليه أن يقود اقتصاد بلاده خلال أزمة اقتصادية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط وأدت إلى خفض الوكالات الدولية التصنيف الائتماني للكويت عام 2020.
وسيحلّ محلّه أخوه غير الشقيق، ولي العهد الحالي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي يبلغ 83 عامًا.
ولد الشيخ نواف عام 1937، وهو خامس أبناء الشيخ أحمد الجابر الصباح، الحاكم الراحل الذي قاد الكويت من 1921 وحتى وفاته عام 1950.
وتابع دراسته الثانوية في الكويت، ولم يكمل دراساته العليا. ويعود تمرسه بالسياسة إلى نحو نصف قرن حين عُيّن حاكمًا لمحافظة حولي وهو في سن الخامسة والعشرين. وبقي في منصبه ذاك حتى 1978 عندما تولى وزارة الداخلية لنحو عشر سنوات.
وفي 1988، تولى وزارة الدفاع، وقادها خلال أشهر الغزو العراقي السبعة والتي انتهت بتدخل الولايات المتحدة على رأس تحالف عسكري في حرب الخليج الاولى عام 1991. وعيّن بعد تحرير الكويت في منصب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، قبل أن يتولى منصب نائب رئيس الحرس الوطني في العام 1994.
وعاد الشيخ نواف للحكومة وزيرًا للداخلية سنة 2003، وسمي في العام ذاته نائبًا لرئيس الوزراء، إلى أن أصبح وليًا للعهد بعد ثلاث سنوات.
وقاد الأجهزة الأمنية خلال توليه وزارة الداخلية بين 2003 و2006، في عملية ملاحقة المقاتلين المتطرفين ما تسبّب باندلاع مواجهات دامية مع الشرطة في يناير 2005، قتل فيها شرطيان وثمانية مقاتلين متطرفين ومدنيان.
وتسلم الشيخ نواف مقاليد الحكم في حين كان العالم يواجه أزمة جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى انخفاض حاد في أسعار النفط، ما انعكس سلبًا على الاقتصاد الكويتي الذي يعتمد إلى حدّ كبير على تصدير النفط.
وفي كلمة ألقاها بعد تأديته اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة الكويتي، أقرّ بأن بلاده تواجه "تحديات خطيرة".
ولم يُحدث الأمير تغييرات جذرية في سياسة بلاده الخارجية. فقد أبقت الكويت على موقفها المتشدد حيال إسرائيل حتى بعد تطبيع الإمارات والبحرين العلاقات مع الدولة العبرية عام 2020. كما حافظت على علاقات وثيقة مع كلّ من السعودية وإيران الخصمين الإقليميين حينها.
وستتجه الأنظار بسرعة إلى المستقبل بسبب عمر الشيخ مشعل والانقسامات بعد تكرار استقالة حكومات الكويت وحل برلمانها. والحكومة الكويتية الحالية هي الخامسة خلال عام واحد. وشهدت فترة ولاية الشيخ نواف أيضًا إجراء البلاد ثلاثة انتخابات برلمانية.
وأدى الجمود السياسي إلى تأخير الإصلاحات الضرورية وعرقلة مشاريع التنمية وتطوير البنية التحتية وقطاع التعليم عدا عن ثني المستثمرين عن توظيف أموالهم في