وفاة أليكسي نافالني تئد آمال التغيير في روسيا

وفاة المعارض الروسي بعد محاولة تسميمه تحرم معارضة باتت ضعيفة من قائدها الرئيسي.
السبت 2024/02/17
وفاة يلفها الغموض

موسكو - تثير وفاة المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني داخل سجنه، الجمعة، حزمة من التساؤلات عن مسؤولية الكرملين في ذلك، حيث يواجه اتهامات غربية ومحلية بالتخلص من معارضيه بأساليب مختلفة تؤدي جميعها إلى الموت.

وجاء نبأ وفاة نافالني في سجنه بينما لم تمر أشهر على مقتل قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين- الذي قاد انقلابا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سرعان ما تراجع عنه بعد وساطة روسيا البيضاء- في حادث تحطم طائرة اتهم الكرملين أيضا بتدبيره.

ويرى مراقبون أن نافالني، العدو اللدود للكرملين، كان رغم سجنه منذ عودته إلى روسيا مطلع عام 2021، يمثل رغم كل شيء، بالنسبة إلى قسم من الشعب، أملًا وإن كان بعيدًا لإنهاء الاستبداد وعهد بوتين.

وكان الناشط في مكافحة الفساد يحظى بشعبية خاصة بين الشباب في المدن الكبرى مثل موسكو، حيث وصل في المرتبة الثانية خلال الانتخابات البلدية عام 2013، وهي الانتخابات الأخيرة التي سُمح له بالترشح فيها.

وصعد نافالني، الذي كان يبلغ من العمر 47 عاما والمحامي السابق، لدائرة الضوء قبل أكثر من عقد من الزمن من خلال التدوين حول ما قال إنه فساد واسع النطاق وبذخ بين طبقة النخبة المحيطة بالرئيس فلاديمير بوتين.

وفاة نافالني بعد محاولة تسميمه وسجنه ثلاث سنوات، تجعل المعارضة ضعيفة ومنقوصة من قائدها الرئيسي

وتحرم وفاة نافالني بعد محاولة تسميمه التي اتُهم الكرملين بالوقوف وراءها وسجنه ثلاث سنوات، معارضة باتت ضعيفة من قائدها الرئيسي.

وبالنسبة إليه كما هو الحال إلى العديد من أبناء جيله، يمثل نافالني صورة معينة للتغيير الإيجابي في المستقبل والإصلاحات المستقبلية.

ووصفت الحكومة الأميركية الجمعة، وفاة المعارض الروسي البارز بأنها “مأساة مروعة”.

وفي تصريحه إلى الإذاعة الوطنية العامة “إن بي آر” قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن “بالرجوع إلى تاريخ الحكومة الروسية الطويل والدنيء في إيذاء معارضيها، فإن هذا يثير تساؤلات حقيقية وواضحة حول ما حدث هناك”.

ومن جهتها، أكّدت زوجة نافالني الجمعة بعد وفاته في سجن روسي ضرورة “معاقبة” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و”محاسبته شخصيًا على الفظائع” التي ارتكبت بحق المعارض الروسي.

وقالت يوليا نافالنايا في مؤتمر ميونيخ للأمن “أودّ أن يعلم بوتين وجميع موظفيه (…) أنهم سيُعاقبون على ما فعلوه ببلدنا وبعائلتي وبزوجي”، مضيفة “علينا محاربة هذا النظام المروّع في روسيا اليوم. يجب محاسبة فلاديمير بوتين شخصيًا على كل الفظائع المرتكبة في بلدنا في السنوات الأخيرة”.

المسؤولون الروس يصورون نافالني على أنه متطرف كان دمية في يد وكالة المخابرات المركزية الأميركية

والتقت نافالنايا في ميونيخ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قدّم لها تعازيه وشدد على أن روسيا “مسؤولة” عن وفاته.

وينفي الكرملين مزاعم نافالني المتعلقة بالفساد وثروة بوتين الشخصية. وحركة نافالني محظورة وفر معظم مناصريه الكبار من روسيا ويعيشون الآن في أوروبا.

ويصور المسؤولون الروس نافالني على أنه متطرف كان دمية في يد وكالة المخابرات المركزية الأميركية التي يقولون إنها عازمة على محاولة زرع بذور الثورة لإضعاف روسيا وجعلها دولة عميلة للغرب.

وكان نافالني يشارك في مسيرات قومية الروسية في العقدين الماضيين. وأدت دعواته لفرض قيود على الهجرة وانتقادات بشأن ما اعتبرها البعض وجهات نظر قومية متطرفة إلى طرده من حزب يابلوكو الحر في 2007.

وفي غضون أكثر من عشر سنوات فرض المحامي نافالني الذي كان لفترة قريبا من الطروحات القومية، نفسه المنتقد الأول لفلايديمير بوتين و”حزبه المؤلف من لصوص ودجالين” على ما كان يقول.

زوجة نافالني أكّدت بعد وفاته في سجن روسي ضرورة "معاقبة" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومحاسبته شخصيًا

وبدأ يبرز من خلال المشاركة في تنظيم تظاهرات كبيرة للمعارضة في 2011 و2012 قُمعت في نهاية المطاف. في العام 2013 حل ثانيا في الانتخابات البلدية في موسكو في إنجاز عزز من شهرته.

وتعرض لمضايقات من قبل السلطات وتجاهلته وسائل الإعلام الرسمية إلا أنه تمكن من تعزيز وضعه بفضل نشره تحقيقات مصورة انتشرت بشكل واسع تندد بفساد السلطة الروسية.

وفي معسكر المعارضين للكرملين، كان يأخذ عليه البعض قربه السابق من اليمين المتطرف أو غموض موقفه من ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في العام 2014.

إلا أن وضعه بات قضية جميع المعارضين والمنظمات غير الحكومية والدول الغربية عندما تعرض للتسميم في آب/أغسطس 2020 في سيبيريا في خضم حملة انتخابات محلية. ونقل إلى ألمانيا وهو على حافة الموت حيث عولج، بموافقة الكرملين.

ولم يثن هذا الأمر نافالني بعد تعافيه من العودة بقوة إلى الساحة في ديسمبر 2020 عندما أوقع عميلا روسيا وحمله على الاعتراف في اتصال هاتفي بأن أجهزة الاستخبارات تقف وراء تسميمه.

وبعد يومين على ذلك وفي تحقيق مصور اتهم فلاديمير بوتين بأنه يبني قصرا فخما مترامي الأطراف يطل على البحر الأسود. وكان لهذا التحقيق وقع كبير دفع ببوتين شخصيا إلى نفي ما ورد فيه.

إلا أن ذلك فضلا عن قضية تسميمه، لم يؤد إلى تعبئة الشعب الروسي وقُمعت التظاهرات سريعا.

وبدت السلطات مصممة على تعقيد حياة المعارض إلى أبعد الحدود فيما بدا هو عازما على عدم الاستسلام.

وأكد أمام المحكمة في سبتمبر 2022 بعدما أمضى 12 يوما في الحبس الانفرادي لأنه ندد بالغزو الروسي لأوكرانيا “لن أسكت، وآمل ألا يصمت كل الذين يسمعونني”.

7