وسائل النقل تقترب من الاستغناء عن السائقين

حافلة ذاتية القيادة تجوب شوارع مدينة مالقة الإسبانية.
السبت 2021/02/27
نقل مستدام

تعددت تجارب القيادة الذاتية في السيارات والحافلات، وبدأ التنافس بين شركات التكنولوجيا في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة لتقديم نقل مستدام والتخلي عن الوقود الأحفوري والسائقين، ومن آخر التجارب التي تبشر بالنجاح الحافلة التي بدأت تجوب شوارع مالقة في إسبانيا.

مالقة (إسبانيا) - بدأت حافلة ذاتية القيادة تجوب شوارع مالقة بجنوب إسبانيا وهو مشروع وُصِفَ بأنه الأول من نوعه في أوروبا رغم التجارب السابقة في دول أخرى مثل ألمانيا وسويسرا واليونان وفرنسا وإستونيا.

والحافلة ذاتية القيادة هي الأولى من نوعها التي تنخرط ضمن حركة المرور العادية مع المركبات الأخرى، كما أنها صديقة للبيئة إذ تعمل على الكهرباء بالكامل ولا تنتج أي انبعاثات.

وأثارت الحافلة التي تم توجيهها في جزء من الطريق بواسطة سائق أشرف عليها، حيرة مستخدمي هذه الآلية عند القيادة عبر بعض الأقسام خاصة الخطوط المستقيمة والمنحنيات الصغيرة وبطريقة مستقلة دون وجود أي اتصال مع توجيه المقود أو الدواسات.

وقال مجلس المدينة في بيان إن هذه الخطوة تعزز التزام مالقة بالتنقل المستدام واستخدام تقنيات جديدة تتكيف مع النقل.

ووُضعت هذه الحافلة في الخدمة السبت، وهي كهربائية بالكامل ومزوّدة بأجهزة استشعار وكاميرات، وتؤمّن ستّ رحلات يومياً مسافة كلّ منها ثمانية كيلومترات بين الميناء ووسط المدينة الأندلسية.

وأوضح رافاييل دوربان كارمونا مدير القسم الجنوبي في شركة “أفانزا” التي تتولى إدارة الكونسورسيوم المسؤول عن المشروع أن “الحافلة تعرف في كل الأوقات مكانها وما حولها”.

الحافلة الجديدة تتفاعل مع إشارات المرور المزودة هي الأخرى بأجهزة استشعار تشير إلى توقيت تحولها إلى اللون الأحمر

وأضاف أن من أبرز خصائصها قدرتها على “التفاعل مع إشارات المرور” المزودة هي الأخرى بأجهزة استشعار تشير إلى توقيت تحولها إلى اللون الأحمر.

وفي الحافلة أيضاً نظام يعمل بالذكاء الاصطناعي يمكّنها من تحسين “قراراتها” استناداً إلى البيانات المسجلة على طول مسارها.

وتشبه هذه المركبة التي صممتها شركة “إيريزار” الإسبانية أي حافلة تقليدية مخصصة للمدن، ويبلغ طولها 12 متراً ويمكن أن تحمل 60 راكباً.

ولم تكن المشاريع التجريبية الأخرى لمركبات ذاتية القيادة في أوروبا تتعلق بحافلات مدن ذات حجم تقليدي تُسيّر في شوارع مفتوحة أمام المركبات الأخرى.

ولأن القانون الإسباني لا يسمح بتسيير مركبة ذاتية القيادة، يجلس السائق في مكانه المعتاد لكنه لا يلمس المقود ولا الدواسات إلاّ في حالات استثنائية لتصحيح المسار قليلاً عند الاقتراب من دوّار مثلاً.

وفي حال طرأت مشكلة يمكن للسائق تولّي القيادة في أي وقت. والمبادرة المسماة “أوتوموست” التي تلقت تمويلا بقيمة 9 ملايين يورو ليست مخصصة للاستخدام التجاري الفوري، بل لا تزال في مرحلة البحث والتجربة. ومع ذلك كان المواطنون الإسبان أول من تمكن من “اختبار” هذه التكنولوجيا.

وقالت مارتا التي كانت من أوائل ركاب الحافلة “كل شيء طبيعي، حتى لَيعتقدنّ المرء أن السائق هو الذي يقود (…) أنا مرتاحة وأشعر بالأمان وإلا لما كنت ركبت في الحافلة خصوصاً أنني جئت مع حفيدي”.

وتلقى هذا المشروع تمويلاً من الحكومة الإسبانية وحظي بتعاون عدد من الجامعات.

أما خارج النطاق الأوروبي فبدأت سنغافورة في اختبار التشغيل التجاري للحافلات الذاتية القيادة في نهاية شهر يناير في إطار طموحات السلطات في سنغافورة لإنشاء نظام مواصلات عامة يقوم بشكل كامل على المركبات ذاتية القيادة.

وقال خور جينغ قيان أحد الركاب على متن الحافلة ذاتية القيادة إن التجربة أشعرته وكأنها “غير حقيقية” بسبب عدم وجود سائق يقودها.

وأضاف “ولكنني سمعت عن تلك التكنولوجيا ورأيتها سابقاً. أعتقد أنها مبتكرة وهي بالتأكيد الطريق إلى المستقبل”.

----

ويجري أيضا اختبار سيارات الأجرة ذاتية القيادة في مدن صينية عدة، ففي شنغهاي أصبح بعض السكان لا يترددون في الجلوس من دون أي خوف على المقعد الخلفي لسيارة أجرة من دون سائق يطلبونها بواسطة الإنترنت، وأن يكونوا بالتالي حقل تجارب لهذه التكنولوجيا المستقبلية التي تحاول كبرى شركات صناعة السيارات ذاتية القيادة تعميمها مستفيدة من ميل الصينيين إلى الابتكارات.

وأطلقت أبرز الجهات الصينية العاملة في مجال التكنولوجيا مشاريع سيارات ذاتية القيادة كما فعلت نظيراتها الأميركية وسط مناخ تنافس تكنولوجي محموم بين بكين وواشنطن.

ومن المتوقع أن تختبر “وايمو” (إحدى الشركات التابعة لمجموعة غوغل) سيارات الأجرة الآلية ذاتية القيادة في سان فرانسيسكو،علماً أنها وُضعت في الخدمة في ولاية أريزونا منذ عام 2017.

وكانت وايمو قد علقت اختبارات سياراتها ذاتية القيادة خلال مارس الماضي بسبب تفشي فايروس كورونا، لكنها قررت تطبيق نهج جديد ومتعدد المستويات في استئناف أنشطتها بصورة أوسع مع الحفاظ على الإجراءات الاحترازية.

وأدرجت “غوغل” تلك الخطوات التي تتخذها للمضي قدما بأمان بما في ذلك ممارسة إرشادات التباعد الاجتماعي في مرافقها وتنظيف سياراتها ذاتية القيادة عدة مرات في اليوم.

وقالت إدارة وايمو “نحن نتبع نهجًا مدروسًا بعناية من أجل إعادة عمليات القيادة الخاصة بنا إلى الطريق، حتى مع تطبيق إجراءات السلامة الجديدة الخاصة بها ستستأنف الشركة عملياتها شيئًا فشيئًا، بدءًا بنشر أسطولها التجريبي ثم التقدم بمسؤولية لخدمة راكبي وايمو مرة أخرى”.

كما أعلنت أنها تنوي استئناف أنشطتها في مدن أخرى بما في ذلك ديترويت ولوس أنجلس. وتعرضت سيارة ذاتية القيادة تابعة لشركة “أوبر” إلى حادث في مارس 2018 في الولايات المتحدة أسفر عن سقوط ضحايا.

ويعتبر الخبراء أن أبرز العقبات التي تحول دون الاستقلالية الكاملة للمركبات تتمثل في الجوانب التنظيمية وفي تردد العامّة في القبول باستخدامها نظراً إلى المخاطر التي يخشون أن تشكلها من حيث السلامة والأمن السيبراني.

----لم يعد ضروريا وجود السائق

 

17