وزير خارجية ليبيا لـ"العرب": الأمن على رأس تحديات حكومة الوفاق

أكد محمد الدايري وزير خارجية ليبيا في حوار مع “العرب” أن مشاورات تشكيل حكومة الوفاق الوطني بدأت بالفعل، متوقعا أن يواجه فايز السراج رئيس الحكومة المكلف صعوبات. وشدد على أن الإرادة والإصرار الليبيين على تجاوز السنوات العجاف الماضية سيخرجان الحكومة إلى النور منتصف فبراير المقبل على أقصى تقدير، وفقا لاتفاق الصخيرات الذي جرى توقيعه في 17 ديسمبر الماضي.
الاثنين 2015/12/28
هل تتم الوحدة على الأرض

القاهرة- قال محمد الدايري وزير الخارجية الليبي في حوار مع “العرب” أثناء وجوده في القاهرة لحضور الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الخميس الماضي، إنه لدى ليبيا مجلس رئاسي يتكون من رئيس الوزراء المكلف وخمسة نواب وثلاثة وزراء وثلاثة وزراء دولة، غالبيتهم ينتمون للتيار الوطني الديمقراطي الذي ينادي بدولة المؤسسات، موضحا أن السراج يحظى بقبول الليبيين بعد إزالة الشوائب التي عابت المجلس الرئاسي.

وأضاف أن تشكيل حكومة الوفاق الوطني لن يعتمد على المحاصصة السياسية أو العشائرية، ولن يتم تهميش المناطق التي عانت في عهد معمر القذافي في جدول أعمال الحكومة الجديدة، مثل الجنوب والشرق، خاصة أن بهما كفاءات جديرة بتقلد مناصب وزارية.

وردا على سؤاله عن أبرز التحديات التي تواجه حكومة السراج، في ظل الأوضاع المعقدة حاليا، قال الدايري: التحدي الأمني، ومحاربة داعش، وعودة الحكومة إلى طرابلس، من أبرز المشكلات، خاصة أنه لا يوجد إجماع حتى الساعة على الوفاق الوطني من قبل الجماعات المسلحة التي تسيطر على العاصمة.

وأوضح أن هناك أطرافا ليبية عدة بدأت مشاورات مع جماعات مسلحة في طرابلس للانضمام إلى المسار السياسي أو تحييدها على أقل تقدير، فيما رحبت جماعات أخرى بالصخيرات وأعلنت أنها ستحمي الحكومة حال تواجدها في طرابلس. ولم ينكر وزير خارجية ليبيا أن هناك جماعات مسلحة في طرابلس تعمل على عرقلة الحكومة والمسار السياسي برمته.

هناك إرادة ليبية وقبولا من جانب المجتمع الدولي لانخراط العناصر المسلحة في الجيش، بعد التخلي عن السلاح ودعم المسار السياسي

تقسيم المسلحين

أشار الدايري إلى تحد آخر يواجه حكومة السراج، يتمثل في إعادة بناء الجيش الليبي، وقال: لدينا وضع عسكري معقد، ففي الشرق جيش وطني، وفي الغرب جماعات مسلحة، ويجري الآن التخطيط لإدماج بعض عناصر التشكيلات المسلحة في الجيش، بعد تجريد الجميع من السلاح.

ونوه إلى أن هناك إرادة ليبية وقبولا من جانب المجتمع الدولي لانخراط العناصر المسلحة في الجيش، بعد التخلي عن السلاح ودعم المسار السياسي. وفي هذا الصدد، أشار إلى عدم استبعاد الاعتماد على بعض عناصر الجماعات المسلحة في الشرطة، عقب تجهيزها وتدريبها.

وتابع أن مواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة، وحل أزمة النازحين واللاجئين في مصر وتونس والجزائر وغيرها، من التحديات الجسيمة التي ستواجه حكومة السراج، ثم تأتي بعدهما أزمة المركزية الشديدة التي رسخها القذافي وتسببت في تهميش الكثير من الأقاليم الليبية. وعن مغزى الأصوات التي تطالب بكنفيدرالية ليبية، قال الدايري إن الوقت مبكر للحديث عنها، وهو أمر يحدده الليبيون في الدستور.

هناك بالفعل عناصر تتلقى التدريب الآن في مصر وفقا للاتفاق الموقع عام 2012، ونسعى لزيادة المتدربين قريبا

وبخصوص المخاطر التي يمثلها داعش في ليبيا، كشف وزير الخارجية عن وجود معلومات تؤكد أن هذا التنظيم نقل أعدادا كبيرة من عناصره إلى ليبيا، ويخطط الآن لجعلها قاعدة خلفية له، عقب تصاعد حدة المشاكل التي يواجهها في سوريا والعراق، وحذر من تفشي خطر داعش في ليبيا وتحويلها إلى نقطة التقاء للجماعات الإرهابية، لا سيما أن عامل الجغرافيا ربما يمكن التنظيم من الالتقاء بحركات متطرفة في غرب ووسط أفريقيا، وعلى رأسها بوكو حرام والقاعدة.

وأشار إلى أن مواجهة التنظيمات الإرهابية سوف تختلف تماما بعد رفع الحظر عن توريد السلاح للجيش الليبي، لافتا إلى أن الموقف الدولي يرحب الآن بإلغاء الحظر، وهناك التزام أممي وفقا لاتفاق الصخيرات برفع القيود المفروضة على تسليح الجيش عقب تشكيل حكومة الوفاق.

وأرجع الدايري تسارع الخطوات الدولية مؤخرا لإيجاد حل سياسي في ليبيا إلى تمدد داعش ووصوله إلى قلب أوروبا والولايات المتحدة واستهدافه روسيا، مؤكدا أنه لا يمكن فصل الأمر عن التسويات التي يجري إعدادها في المنطقة مؤخرا، في أزمتي سوريا واليمن، حيث استشعر المجتمع الدولي الخطر الكبير.

محمد الدايري: إذا تمكن الجيش الليبي الحالي من الحصول على السلاح، وتحديدا الطائرات، فلن نحتاج إلى تدخل عسكري خارجي لدحر الإرهاب

وأكد لـ”العرب” أن المعطيات الليبية أصبحت واضحة للجميع، من حيث حجم التنظيمات الإرهابية، وعدد أعضاء داعش الذي وصل إلى ما يقارب الـ5 آلاف، وبسط سيطرته تقريبا على سرت وأجدابيا، فضلا عن معرفة مصادر تمويلهم بالسلاح والأموال، ما يعني أن الصورة أصبحت مكتملة الوضوح أمام العالم.

وكانت تصريحات رسمية اتهمت أكثر من مرة تركيا وقطر بدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا، وعن هذا قال الدايري: هناك نوايا طيبة تم التعبير عنها من تركيا وقطر على لسان وزيري خارجيتهما في اجتماعي روما 13 ديسمبر، والصخيرات 17 ديسمبر، ونحن نتوق إلى رؤية عمل ملموس منهما يفضي إلى الالتزام بدعم حكومة الوفاق الوطني ليستتب الأمن ويمضي المسار السياسي.

تفاؤل بالتحالف الإسلامي

كانت ليبيا قد أعربت عن انضمامها إلى التحالف الإسلامي الذي أعلنت عنه السعودية لمحاربة الإرهاب، وهنا أوضح الدايري أن ليبيا كانت من السباقين لتلبية دعوة الرياض كعضو مؤسس بالتحالف، عن قناعة وإيمان بضرورة وجود تحالف إسلامي عربي لمحاربة الإرهاب، لكن سننتظر حتى ينعقد الاجتماع التأسيسي الأول الذي ستتم الدعوة إليه في يناير المقبل لنرى ملامحه.

وقال الدايري: للأسف عندما نتحدث عن التحالف نركز فقط على الجانب العسكري، في حين أن هناك جوانب دينية هامة، يجب إعادة النظر فيها، على غرار تجديد الخطاب الديني الذي أصبح يشكل التحدي الأكبر أمام العالم الإسلامي، ورغم شروع الأزهر الشريف في إعادة النظر في هذه المسألة إلا أن جهوده ينبغي أن تكتمل بجهود إسلامية أخرى.

معلومات تؤكد أن هذا التنظيم نقل أعدادا كبيرة من عناصره إلى ليبيا، ويخطط الآن لجعلها قاعدة خلفية له

ويرى وزير خارجية ليبيا أن المعطى الأهم والذي لا بد أن يتم الالتفات إليه اليوم وأكثر من ذي قبل هو الأمل في تبادل المعلومات والتعاون الاستخباراتي الفعال، الذي تفتقده الدول الإسلامية، رغم أن غالبيتها لديها أجهزة ماهرة، إذا تكاملت سوف تفضي إلى نتائج تعالج الكثير من الأزمات التي نواجهها.

وردا على سؤال “العرب” هل يمكن أن تطلب ليبيا تدخل التحالف في مواجهة الإرهاب على أراضيها، أكد الدايري أنهم في المرحلة الحالية لا يطلبون سوى التسليح والتدريب فقط،لأن قوات الجيش الليبي الحالية إذا تمكنت من الحصول على السلاح، وتحديدا الطائرات، فلن تحتاج إلى تدخل عسكري خارجي لدحر الإرهاب.

واستنكر الدايري أن يكون هناك تعارض بين التحالف الإسلامي وتشكيل القوة العربية المشتركة، مشيرا إلى أن ليبيا الآن بصدد متابعة إنشاء القوة العربية، والتحالف الإسلامي ربما يكون مكملا لمشروع القوة، لأن هناك خصوصية عربية قد لا تشارك فيها الدول الإسلامية والعكس، ومن ثم على الجميع المحافظة على المشروعين جنبا إلى جنب.

وحول الدور المأمول من دول الجوار في مستقبل ليبيا، قال: دول الجوار (مصر، تونس، الجزائر، المغرب) لعبت دورا هاما في إقناع الأطراف الليبية باتفاق الصخيرات.

الدايري لم يستبعد اختفاء معالم العزل السياسي في المستقبل، بعد أن ألغى مجلس النواب النظر في قانون العزل السياسي

وتوقع أن ينخرطوا أكثر في الأزمة الليبية خلال المرحلة المقبلة، منوها إلى دلالات زيارة رئيس الوزراء فايز السراج إلى كل من تونس ومصر، وهو ما ينطوي على معان سياسية كبيرة.

وقال الدايري: لا أعتقد أن هناك معوقات حقيقية تمنع تنامي العلاقات المصرية الليبية في المستقبل، وقلل من أهمية الأصوات التي تعارض أي دور للقاهرة في ليبيا، خاصة جماعة الإخوان.

وأوضح أن ما فعلته مصر خلال العامين الماضيين من دعم متعدد الأوجه منحها رصيدا كبيرا بين الليبيين، منوها إلى أن بلاده “تعول على مصر في تدريب عناصر القوات المسلحة والشرطة، وهناك بالفعل عناصر تتلقى التدريب الآن في مصر وفقا للاتفاق الموقع عام 2012، ونسعى لزيادة المتدربين قريبا”.

ولم يستبعد الدايري اختفاء معالم العزل السياسي في المستقبل، بعد أن ألغى مجلس النواب النظر في قانون العزل السياسي، وشهدت الساحة السياسية عودة بعض الوجوه ممن تقلدوا وظائف في عهد القذافي من الدبلوماسيين وغيرهم.

وثمن الدايري دور دولة الإمارات العربية في حل الأزمة في بلاده، لافتا إلى أن ليبيا تتعاون مع الإمارات في مشروع الحداثة، باعتبارها رائدة في هذا المجال وستسعى للاستفادة من تجربتها.

6