ورقة تصويت تثير خلافا في انتخاب رئيس لمجلس الدولة لليبي

جولة الإعادة بين تكالة والمشري تفضي إلى فوز الأخير بفارق صوت واحد، لكن وجود ورقة كتب خلفها اسم تكالة تثير جدلا حول احتسابها أو استبعادها.
الثلاثاء 2024/08/06
المشري يتفوق على تكالة

طرابلس – يشهد المجلس الأعلى للدولة في ليبيا حالة من الجدل بعد جولة الإعادة في انتخاب رئيس له، بين الرئيسين الحالي محمد تكالة، والسابق خالد المشري، بسبب إشارة أحد الأعضاء في ورقة تصويت إلى اسم أحد المرشحين المتنافسين في المعركة الانتخابية التي ستكون حاسمة في تحديد مصير حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولاياتها بقيادة عبدالحميد الدبيبة، ومؤثرة في مستقبل العملية السياسية للبلاد.

وأثير الخلاف بعد الإعلان عن نتائج الجولة الثانية من الاقتراع والتي حصل فيها الرئيس السابق للمجلس خالد المشري على 69 صوتا من أصل 139، فيما حصل الرئيس الحالي محمد تكالة على 68 صوتا، ما دفع مؤيديه إلى الاعتراض، مطالبين باحتساب ورقة كتب اسم تكالة على ظهرها، وهو أمر اعتبره مؤيدو المشري مخالفة للقانون الداخلي للمجلس.

وطالب تكالة بإعادة التصويت في الوقت الذي طالب مؤيدو المشري بعدم احتساب الورقة واعتبار المشري فائزا، بينما دعا البعض للاحتكام للجنة القانونية بالمجلس وآخرون باللجوء للقضاء.

وتُجرى انتخابات مكتب رئاسة المجلس الأعلى للدولة مرة كل عام، وفقاً للائحة الداخلية للمجلس، وتولى رئاسته عند تأسيسه في 2015 عبدالرحمن السويحلي لدورتين متتاليتين، تلاه خالد المشري الذي ترأسه لخمس دورات متتالية، وخلفه في انتخابات العام الماضي محمد تكالة.

وكان مجلس الدولة أُنشئ من أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) ضمن اتفاق الصخيرات الذي نتج عن الحوار السياسي الذي نظمته البعثة الأممية خلال عامي 2014 و2015 كجسم استشاري ضمن غرفة تشريعية مع مجلس النواب، ويقضي الاتفاق بضرورة تشاور وتنسيق المجلسين عند إصدار القوانين والقرارات الكبرى.

وتنظم انتخابات هذا العام وسط حالة من الترقب عما ستسفر عنه النتائج نظرا لانعكاساتها المباشرة على الحالة السياسية للبلاد.

ومن المتوقع أن تكون نتائج هذه الانتخابات حاسمة ومؤثرة في مستقبل العملية السياسية في ليبيا، خاصة فيما يتعلّق بمصير حكومة الوحدة المنتهية ولايتها، حيث يحظى تكالة بدعم قوي من الدبيبة ومن القوى الإسلامية المتشددة المقربة من رئيس دار الإفتاء في طرابلس الصادق الغرياني، وكذلك من أمراء الحرب المناهضين لأي محاولة تقارب بين غرب وغرب البلاد بخصوص تشكيل حكومة موحدة تبسط نفوذها على كامل التراب الليبي تمهيدا لتنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية.

ويراهن تكالة، وهو قيادي في حزب العدالة والبناء، الجناح السياسي لجماعة الإخوان في ليبيا، على الاستمرار في منصبه كرئيس لمجلس الدولة، لاسيما بعد مواقفه الأخيرة التي اتخذها ومنها رفضه التصديق على ميزانية الدولة للعام 2014، ومقاطعته للاجتماع الثلاثي الذي كان مقررا عقده في العاصمة المصرية وبدولة من جامعة الدولة العربية بينه وبين رئيسي المجلس الرئاسي محمد المنفي ومجلس النواب عقيلة صالح، مع تسريب معطيات بشأن الأسباب الحقيقية وراء المقاطعة وهي الزعم بتدخل المخابرات العامة المصرية في الاجتماعات التي يعقدها الفرقاء الليبيون داخل التراب المصري.

كما يمثل تكالة موقفا معارضا لسياسات مجلس النواب، فمنذ توليه منصب رئاسة المجلس الأعلى للدولة أبدى تحفظاً على مضمون القوانين الانتخابية التي أنجزتها لجنة 6+6 وأصدرتها في يونيو العام الماضي، واشتد موقفه من مجلس النواب بعد إصدار الأخير القوانين الانتخابية وفقاً لنسخة معدلة في أكتوبر الماضي حيث أعلن تكالة رفضه للنسخة المعدلة استناداً لقانون إنشاء لجنة 6+6 الذي جعل مخرجاته المعلنة في يونيو من العام الماضي نهائية وملزمة.

أما المشري الذي يطمح للعودة إلى المشهد السياسي لم يترك منصبه العام الماضي إلا بفارق ضئيل في الأصوات، ولا يزال يملك أنصارا في أوساط المجلس.

وكان المشري قد انتخب في الثامن من أبريل 2018 رئيسا لمجلس الدولة خلفا لعبد الرحمن السويحلي الذي تولى رئاسة المجلس لولايتين ثم استمر على رأس المجلس إلى أغسطس 2023 عندما تمت الإطاحة به من قبل التحالف الموالي للدبيبة.

وانتمى المشري إلى جماعة الإخوان المسلمين الليبية وتعرّض للسجن مع بقية أفراد الجماعة بين عامي 1998 و2006، وهو عضو بالمكتب التنفيذي لحزب العدالة والبناء، وفي العام 2019 خرج المشري على الملأ ليعلن استقالته من جماعة الإخوان المسلمين، داعيا إلى العمل بعيدا عن أي تيارات قد تستخدم لضرب وحدة المجتمع.

وعلى الرغم من مواقف المشري الرافضة لسياسات مجلس النواب الرامية لتمكين شخصيات موالية لها، مثل قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، من الانخراط في الانتخابات الرئاسية، إلا أنه أبدى مرونة في الفترة الأخيرة من رئاسته وتقارَب بشكل كبير مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ضمن العديد من اللقاءات التي جمعتهما في القاهرة وأنقرة، وفي آخر محطات التقارب بين مجلسي الدولة والنواب في عهد المشري توافق المجلسان على إجراء تعديل في الإعلان الدستوري لتشكيل لجنة مكونة من ستة أعضاء عن كل مجلس لصياغة قوانين انتخابية توافقية، وعلى الرغم من المعارضة الواسعة داخل مجلس الدولة لهذا التقارب إلا أن المشري تمكن من تمريرها واعتمادها.