ورطة جديدة لقطر.. ضوابط التغطية لا يطبقها الصحافيون

قطر تعتذر لطاقم التلفزيون الدنماركي بعد منعه من البث المباشر إثر انتقادات واسعة.
الجمعة 2022/11/18
تمنع التغطية الإعلامية خارجا

اضطر منظمو بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر إلى الاعتذار لطاقم قناة تلفزيونية دنماركية قاطع مسؤولون بثها المباشر من الدوحة بعد انتقادات واسعة وصلت إلى حد المطالبة بمقاطعة المونديال، ما سلط الضوء على القيود المفروضة على الصحافيين خلال التظاهرة.

الدوحة - اعتذرت اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر الأربعاء إلى طاقم التلفزيون الدنماركي، الذي تعرض للتهديد من قبل الأمن، أثناء قيامه بالبث المباشر في الدوحة قبيل بدء منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستنطلق الأحد.

وأظهر مقطع فيديو نشره مراسل قناة “تي. في 2” (TV2) راسموس تانتهولت رجال أمن وهم يقتربون من الطاقم، على عربة غولف. وكشف الفيديو تانتهولت وهو يتجادل مع رجال الأمن أثناء قيامه بإظهار تصريحه، قبل أن يتهمهم بالتهديد بكسر معدات الكاميرا.

وكان مراسل القناة يتحدث على الهواء مباشرة إلى مذيع أخبار في الدنمارك عندما صعد ثلاثة رجال خلفه على عربة كهربائية وحاولوا حجب عدسة الكاميرا. وسُمع صوت تانتهولت وهو يقول بالإنجليزية “لقد دعوتم العالم كله ليأتي إلى هنا، فلماذا لا نستطيع التصوير؟ إنه مكان عام. يمكنك تحطيم الكاميرا، تريد تحطيمها؟ أنت تهددنا بتحطيم الكاميرا؟”.

وكتب تانتهولت على تويتر “إن هذا ما حدث عندما كنا نبث على الهواء مباشرة (…) في الدوحة. ولكن هل سيحدث ذلك لوسائل الإعلام الأخرى أيضًا؟”. وأضاف “لقد تلقينا اعتذارا الآن من مكتب الإعلام القطري الدولي ومن اللجنة المنظمة”.

الحادثة أعادت النظر في موضوع كان حساسًا بالنسبة إلى منظمي البطولة الذين نفوا فرض قيود على الصحافيين

وشوهد الفيدو على تويتر أكثر من 13 مليون مرة كما تداوله كثيرون مطالبين بمقاطعة بطولة كأس العالم لكرة القدم.

وبعد الحادث أصدرت اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر بيانًا قالت فيه إن الطاقم تمت مقاطعته عن طريق الخطأ أثناء قيامه ببث مباشر.

وذكر البيان “عند التحقق من أن صلاحية تصريح التصوير وتغطية البطولة سارية المفعول للطاقم، تم تقديم اعتذار إلى المذيع من قبل الأمن في الموقع قبل أن يستأنف أفراد الطاقم نشاطهم”. وأضاف “ومنذ ذلك الحين، تحدث منظمو البطولة إلى المذيع، وذكّرو جميع المؤسسات باحترام تصاريح التصوير السارية للبطولة”.

وقال البيان “بعد فحص تصريح البطولة وتصريح التصوير الخاص بالطاقم، تم تقديم اعتذار إلى المذيع من أمن الموقع قبل أن يستأنف الطاقم نشاطه”. وقال المنظمون القطريون إنهم تواصلوا لاحقا مع تانتهولت و”أصدروا أيضا توجيهات لجميع المؤسسات باحترام تصاريح التصوير السارية”.

وأعادت الحادثة النظر في موضوع كان حساسًا بالنسبة إلى منظمي البطولة الذين نفوا المزاعم التي تفيد بفرْض قيود صارمة على الأماكن التي يمكن لوسائل الإعلام التصوير فيها في قطر، وهو ما تنفيه الأحداث وفق صحافيين.

ونشر الصحافي الأميركي جرانت وال تغريدة قال فيها إنه أجبر على مسح صورة من هاتفه، ما أثار أيضا ضجة واسعة. وقال وال “التقطت صورة لشعار بطولة كأس العالم على جدار المركز الإعلامي القطري، وجاء رجل أمن وطلب مني حذفها من هاتفي”، متسائلا “هل هذه هي الطريقة التي ستعمل بها نهائيات بطولة كأس العالم؟”.

وفرضت قطر قيودا صارمة على المحطات الفضائية العالمية التي ترغب في تغطية فعاليات المونديال. وستُمنع في قطر طواقم التلفزيون الدولية المشاركة في تغطية الفعاليات من إجراء مقابلات مع أشخاص في منازلهم كجزء من قيود شاملة مفروضة على التغطية الإعلامية قد يكون لها “تأثير مخيف جدا” على هذه التغطية.

وقالت صحيفة الغارديان البريطانية “سيتم منع طواقم الصحافيين فعليا من التصوير في مواقع الإقامة، مثل تلك التي تؤوي العمال المهاجرين، بموجب شروط تصاريح التصوير الصادرة عن الحكومة القطرية”. لكن أيًّا من ذلك لم يحدث إذ نشرت فرانس برس قبل يومين مقطع فيديو على تويتر يوثق حالة مزرية لظروف عيش العمال.

قيود وشروط مجحفة تنتهك حرية الإعلام
قيود وشروط مجحفة تنتهك حرية الإعلام

ووفقا للبنود يُحظر أيضا التصوير في المباني الحكومية والتعليمية والصحية والدينية، إلى جانب منع التصوير في العقارات السكنية والشركات الخاصة.

وتندرج القيود ضمن قائمة الشروط التي يجب أن توافق عليها المنافذ الإعلامية عند التقدم للحصول على تصريح تصوير من السلطات القطرية “لالتقاط صور فوتوغرافية وتصوير مقاطع فيديو للمواقع الأكثر شهرة في جميع أنحاء البلاد”. كما أنها تنطبق على المصورين لكنها لا تشير صراحة إلى صحافيي المطبوعات الذين لا يصورون مقابلاتهم.

ولا تحظر القواعد التقارير المتعلقة بموضوعات محددة، ولكن تقييد أماكن التصوير، “بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، المنازل والمجمعات السكنية ومواقع الإقامة”، من المرجح أن يجعل من الصعب على طواقم الصحافيين التحقيق في الانتهاكات المبلغ عنها، مثل إساءة معاملة العمال المهاجرين، أو إجراء مقابلات حول مواضيع قد يحجم الناس عن مناقشتها علنا.

ونفت اللجنة العليا للمشاريع والإرث أنها تفرض قيودا “صارمة” على الحريات الإعلامية، وقالت إن “العديد من وسائل الإعلام الإقليمية والدولية مقرها قطر، ويعمل الآلاف من الصحافيين من قطر بحرية دون تدخل كل عام”.

وذكرت أنها قامت بتحديث نسخة سابقة من شروط طلب تصريح تصوير على موقعها في الإنترنت لتخفيف القواعد عن الصحافيين الذين يحضرون لمتابعة فعاليات المونديال، بما في ذلك إزالة القاعدة التي تنص على أنه يجب عليهم “الإقرار والموافقة” على أنهم لن يقدموا تقارير تفيد بأنها قد تكون “غير مناسبة أو مسيئة للثقافة القطرية والمبادئ الإسلامية”.

وفقا للبنود يُحظر أيضا التصوير في المباني الحكومية والتعليمية والصحية والدينية، إلى جانب منع التصوير في العقارات السكنية والشركات الخاصة

وفي حين أن القواعد الأحدث تنص على أن التصوير مسموح به في جميع أنحاء دولة قطر، إلا أنها لا تزال تفرض قيودا صارمة، بما في ذلك وجوب الحصول على تصريح يوافق المذيعون بموجبه على “عدم التصوير في المواقع المستبعدة”.

وقال الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إنه “يعمل مع اللجنة العليا والمنظمات ذات الصلة في قطر لضمان أفضل ظروف العمل الممكنة لوسائل الإعلام التي تواكب البطولة، وكذلك ضمان استمرار المذيعين في التغطية بحرية دون أي قيود”.

وقال متحدث باسم الفيفا إنه سيكون “من المهم توضيح أن تصوير الممتلكات الخاصة في أي بلد يظل خاضعا لموافقة مالك/ مشغل العقار”. ولم يعلق على سبب تضمين الشروط حظرا تاما على تصوير الممتلكات الخاصة.

وقال جيمس لينش، من مجموعة حقوق الإنسان “فير سكوير” التي تتخذ من لندن مقرا لها، إن القواعد “مجموعة واسعة جدا من القيود” التي من شأنها أن تجعل من الصعب على أطقم التلفزيون متابعة القصص غير المتعلقة بكرة القدم. وأضاف “سيكون من الصعب جدا الامتثال الكامل لهذه الشروط، إذا كان التصوير بالقرب من الممتلكات الخاصة أو الحكومية ينتهك شروط التصريح”. وتابع “من المحتمل أن يكون لهذا تأثير مخيف على حرية التعبير”. وتسلط هذه الضوابط الضوء على الحساسية المفرطة لدى حكومة قطر تجاه الانتقادات.

وتخضع قطر لتدقيق ورقابة، وقد واجهت انتقادات لاذعة من وسائل الإعلام. العالمية في الفترة الماضية حتى أن مجلة لوكريي أنترناشيونال الفرنسية سخرت قائلة “كانت الإمارة الخليجية الصغيرة تأمل في الاعتراف الدولي بدورها وتأثيرها في العالم. بعد 12 عامًا صار رد الفعل عنيفا جدا.. هذا هو المثال النموذجي لوقوع حدث في المكان الخطأ في الوقت الخطأ”.

16