وداعا أيها الخرف: الأنظار مركزة على أدوية ناجحة وأخرى فاشلة في مواجهة الزهايمر

يخوض العلماء والباحثون معركة مستمرة للتغلب على الخرف، وخصوصا فيما يتعلق بأكثر أمراضه شيوعا وهو الزهايمر. وكشف الباحثون في بريطانيا أنه من الممكن رصد مؤشرات على وجود تدهور في وظائف المخ تساعد في تشخيص احتمالات الإصابة بالخرف قبل حدوثه بتسع سنوات. ويتزامن ذلك مع احتفاء العالم بنجاح أول دواء لعلاج مرض تدهور الذاكرة.
سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - في حين تتجه أنظار العالم نحو نجاح علاج عقار “لو كينيماب” في إبطاء مرض الزهايمر بعد فشل تجربتين لشركة روش السويسرية، أعلن باحثون في جامعة كامبريدج البريطانية أنه من الممكن رصد مؤشرات على وجود تدهور في وظائف المخ تساعد في تشخيص احتمالات الإصابة بالخرف قبل حدوثه بتسع سنوات.
واعتبر الخبراء والباحثون أن اكتشاف عقار “لو كينيماب” الذي يبطئ مرض الزهايمر يعد نجاحا نادرا في مجال كثرت فيه العقاقير التي لم تسفر عن أيّ نتيجة، خصوصا بعد إعلان شركة روش عن فشل تجربتيها لتترك المنافستين “بيوجين” و”إيزا” في صدارة سباق عقدت عليه الآمال لاكتشاف علاج للمرض الذي يسرق الذاكرة.
وقالت روش إن الدراستين اللتين أجريتا معا لم تصلا إلى الهدف المرجو المتمثل في إثبات أن العقار “جانتيروماب” يمكن أن يحافظ على قدرات، مثل التذكر وحل المشكلات والتوجيه والرعاية الشخصية للمرضى، في المراحل المبكرة من الزهايمر.
وأظهرت النتائج أن “لو كينيماب” قلل من معدل التراجع المعرفي بنسبة 27 في المئة بعد 18 شهرا من العلاج المناعي مقارنة بالعلاج الوهمي، وفقا للمصنّع “إيزا” ومقره طوكيو، وشركة “بيوجين” الأميركية، ما جعل العلماء يشيدون بالاكتشاف باعتباره علامة فارقة في المعركة المستمرة للتغلب على الخرف.
من الممكن رصد مؤشرات على وجود تدهور في وظائف المخ تساعد في تشخيص الخرف قبل حدوثه بتسع سنوات
ولم تنجح العديد من شركات الأدوية حتى الآن في التوصل إلى علاج ناجع للمرض الذي يضر بوظائف الدماغ ووصل عدد مرضاه حول العالم إلى نحو 55 مليونا، ما يعني أن “لو كينيماب” يعتبر أول دواء لعلاج تدهور الذاكرة في العالم.
ويسعى الخبراء في بريطانيا إلى قطع المزيد من الخطوات في مسار الاكتشافات بخصوص مرض الزهايمر.
واعتمد الباحثون في الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية “الزهايمر أند ديمنشيا.. جورنال أوف الزهايمر أسوسيشن” على معلومات إحصائية من قواعد بيانات “يو.كيه بيوبانك” الطبية في بريطانيا بعد إخضاع المشاركين لاختبارات معينة تتعلق بمهارات حل المشكلات واسترجاع الأرقام.
وتهدف هذه الدراسة إلى الاكتشاف المبكر للأشخاص الذين تتزايد لديهم احتمالات الإصابة بالخرف في المستقبل، من أجل التدخل في التوقيت المناسب للحد من تدهور المرض أو تحديد الأشخاص المؤهلين للمشاركة في التجارب الإكلينيكية للأدوية الجديدة التي تستخدم لعلاج هذا المرض.
في المرحلة الأولى للمرض لا تبدأ الأعراض في الظهور، وقد لا يعلم الشخص بأنه مصاب بالزهايمر إلا من خلال الفحوصات الدقيقة والمتطورة، وقد تستمر هذه المرحلة لسنوات قبل اكتشاف الإصابة بالمرض.
ويذكر أنه في الوقت الحالي، هناك أدوية قليلة فعالة في علاج الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي للجسم مثل الشلل الرعاش والخرف والزهايمر، ويرجع السبب في ذلك إلى أن المرضى لا يستجيبون للعلاج بشكل جيد بعد أن تظهر عليهم أعراض المرض لأن تدهور الجهاز العصبي يكون قد حدث بالفعل.
ونقل الموقع الإلكتروني “سايتيك ديلي” المتخصص في الأبحاث العلمية عن نول شواديودبونج الطبيب بجامعة كامبريدج قوله “عندما ننظر إلى التاريخ الصحي للمرضى، يتضح لنا أن أعراض تدهور الوظائف العقلية تظهر عليهم قبل سنوات من إصابتهم بمرض الخرف”.
غير أن رئيس فريق الدراسة تيم ريتمان من قسم طب الأعصاب بجامعة كامبريدج يؤكد أنه “لا يوجد ما يستدعى أن يصاب الناس بالقلق دون داع، إذا لم يكن بمقدورهم استرجاع الأرقام بشكل جيد على سبيل المثال”، موضحا أن “الكثير من الأصحاء لا يحققون نتائج جيدة في اختبارات الذاكرة، ولكننا نشجع أي شخص يشعر بتدهور في الذاكرة أو القدرة على الاسترجاع أن يلجأ إلى طبيب عام لتقصي هذه المشكلة”.
وشكل فشل شركة روش تبديدا لآمال العلماء في نجاح العلاج وهم في المرحلة الثالثة من التجارب التي تجرى عليه.
وتراجعت أسهم شركة روش السويسرية بنسبة 4.4 في المئة إلى أدنى مستوياتها في نحو 7 أسابيع من إعلانها فشل تجربتيها على العقار المخصص لعلاج الزهايمر.
وارتفعت أسهم شركتي “بيوجين” و”إيلي ليلي” الأميركيتين لصناعة الأدوية، واللتين طورتا هما أيضا علاجات لمرض الزهايمر، بنسبة 3.8 في المئة و2.3 في المئة على التوالي في تداولات ما قبل السوق.
وأحرزت شركة “بيوجين” الأميركية في سبتمبر نجاحا مفاجئا على عقار تجريبي لمرض الزهايمر طورته مع شركة “إيزا”.
وقالت الشركتان في ذلك الحين إن عقارهما التجريبي “لو كينيماب” أبطأ تطور مرض الزهايمر بنسبة 27 في المئة مقارنة مع دواء وهمي، في تجربة كبيرة على المرضى في المراحل المبكرة من ظهور الأعراض.
ومرض الزهايمر هو خلل دماغي سُمي باسم الطبيب الألماني “ألوسي ألزهايمر”، الذي كان أول من وصف المرض عام 1906، واستطاع بعده العلماء في القرن الماضي أن يتوصلوا إلى الكثير من الحقائق المهمة حول مرض الزهايمر.
وتتضمن المراحل الأخيرة من مرض الزهايمر وجود اضطرابات أكثر في الذاكرة، وضعف الوظيفة الإدراكية، ويحتاج المريض فيها إلى مساعدة على الحياة اليومية والأمور الأساسية. وتتميز هذه المرحلة بعدم القدرة على تذكر تفاصيل مهمة مثل: عنوانه الحالي أو رقمه، وارتباكه حيال التواريخ والأيام، ومعاناة صعوبات في حل المسائل الحسابية مثل الطرح وغيرها. واحتياجه إلى مساعدة في اختيار ملابسه الملائمة لكل فصل أو مناسبة، واسترجاعه عادة لمعلوماته الأساسية عن نفسه.