وباء كورونا يغزو مزارع الشاي في الهند

تشيناي (الهند) - عندما ثبتت إصابة عامل مزارع الشاي الهندي بهولاناث ناتو وزوجته بفايروس كورونا المستجد، لم يكن مصدر قلقهما الأكبر هو صحتهما بل مكان الحجر الصحي وكيف يمكنهما الحصول على الطعام وشرب الماء بعد توقفهما عن العمل مؤقتا.
ونظرا لأن بعض المدن الأكثر تضرّرا من الأزمة في الهند تشهد هدوءا في الحالات الجديدة، تتزايد الإصابات بين الملايين من جامعي الشاي، إذ يعيش الكثير منهم في أماكن ضيقة حيث يصعب تنفيذ تدابير للحد من انتشار الفايروس.
وكانت نتيجة الاختبار الإيجابية وأوامر المستشفى بالحجر الصحي بمثابة كابوس لوجيستي لأسرة ناتوس، حيث أمضى الوالدان آخر 15 يوما منعزلين في كوخ خشبي خلف منزل المزرعة المكون من غرفتين والذي يتعايشان فيه مع أطفالهما.
وقال ناتو (55 عاما) من منزله في ولاية البنغال الغربية “قررنا تحويل سقيفة حيث كنا نُخزّن الأخشاب احتياطا لنفاد غاز الطهي إلى غرفة مؤقتة لنقيم فيها أنا وزوجتي في عزلة. دخلت ابنتي المراهقة إلى المطبخ لأول مرة لطهي الطعام، بينما حاول شقيقها الأكبر جلب مياه الشرب لنا. لم يرغب أحد في مساعدتنا لأن الجميع خائفون. بقينا لوحدنا ودون طعام”.
المزارعون يعيشون في أماكن ضيقة حيث يصعب تنفيذ تدابير للحد من انتشار الفايروس وغياب المرافق الصحية
وسجلت الهند أدنى زيادة يومية في الإصابات الجديدة، لكن مخاوف أثيرت بشأن زيادة الأعداد في المزارع التي توفر الشاي للعالم.
وقال قادة النقابات إن مزارع الشاي الهندية توظف نحو 3.5 مليون عامل، يخضع الآلاف منهم حاليا للحجر الصحي في منازل صغيرة مكتظة، ويكافحون من أجل الحصول على الغذاء والماء والمساعدات.
ووفقا لبيانات حكومية، في ولاية البنغال الغربية، سجّلت أكثر من 4500 حالة في 300 من 800 مزرعة شاي بالولاية.
وأفادت وسائل الإعلام المحلية أن الحالات في مزارع الشاي في ولاية آسام المجاورة ارتفعت ثلاثة أضعاف في الأيام العشرة الماضية، حيث ثبتت إصابة أكثر من 6 آلاف عامل وأفراد أسرهم.
وقال أبهيجيت مازومدار الرئيس العامل لاتحاد تاراي سانغرامي تشا شراميك، الذي يمثل جامعي الشاي في ولاية البنغال الغربية، إن “الوضع مقلق”.
وأضاف “لا توجد مرافق ولا مراكز عزل ولا أطباء في المستوصفات المتداعية، مما يترك العمال في مواجهة المرض بمفردهم. وارتفعت حالات الحمى، وبقي الذين ثبتت إصابتهم عالقين في المنزل مع عائلاتهم مستسلمين لمصيرهم”.
وتعتبر الهند ثاني أكبر منتج للشاي في العالم، وقد واجهت الصناعة منذ فترة طويلة اتهامات بظروف العمل الاستغلالية، من ساعات العمل الطويلة والأجور المنخفضة إلى مرافق الرعاية الصحية السيئة وسوء الإسكان.
وقال نشطاء حقوق العمال إن مثل هذه القضايا يمكن أن تجعل مزارع الشاي والمستوطنات البعيدة في كثير من الأحيان حيث يعيش عمال الشاي معرضة بشكل خاص لمخاطر الوباء.
وقال مازومدار إن “المزارع مثل الجزر المعزولة، يفترض أن تتوفر في كل منها جميع المرافق لعمالها الذين يعيشون في الموقع، لكنها في الواقع جزر مهملة”.
وقالت مجموعة صناعة الشاي، رابطة الشاي الهندية، إنها تضغط من أجل المزارع لضمان التطعيم في الموقع لجميع العمال وعائلاتهم.
وقال أريجيت راها الأمين العام للجمعية “نحن لسنا مهتمين فقط ولكننا نشارك بشكل كامل مع سلطات المنطقة للحفاظ على سلامة عمال مزارع الشاي. وتوجد إرشادات مخصصة لها ونحن نضمن اتباع منظورينا لها. إن فحوصات الحمى والأقنعة والتعقيم ومراكز رعاية كوفيد أمر لا بد منه. لقد تمكننا من الحفاظ على أعداد المصابين منخفضة، ولكن التحدي لا يزال قائما”.
وفي قلب المزارع، حيث يعني موسم قطف الشاي المستمر العمل دون توقف، قال العمال إنهم لا يستطيعون الوصول إلى مرافق الحجر الصحي المنفصلة وكانوا قلقين باستمرار من انتشار العدوى لعائلاتهم.
وقال فيكتور باسو مؤسس دوراس جاغرون، وهي مؤسسة خيرية تعمل للدفاع عن حقوق عمال الشاي، “هناك ما يصل إلى ثلاثة أجيال تعيش في هذه المنازل المكونة من غرفتين، والتي غالبا ما تكون متداعية، مع بيت راحة واحد مشترك”.
وأضاف “إنها وصفة لكارثة، تحتاج مستشفيات مزارع الشاي إلى العمل، وإذا لم تنشأ أماكن آمنة للعزل، فإن الوباء سينتشر كالنار في الهشيم”.
وفي بانارهات بمنطقة جالبايغوري بغرب البنغال، كان جانجارام تيلي، الذي يعمل حارس أمن، يراقب بقلق حالات الإصابة بفايروس كورونا في حديقة الشاي التي يعمل بها.
وقال تيلي (39 عاما) إن “هناك حنفية ماء واحدة لكل أربعة منازل. بالنسبة إلى العائلات المتضررة، يعد الوصول إلى نقطة المياه أو شراء الخضر أمرا مرهقا. وينتشر المرض لدرجة أن الجيران يترددون في تقديم المساعدة. لكن البعض منا يجمع الأموال لضمان حصول العائلات المريضة على ما تحتاجه”.
وبينما مرت حمى ناتو، كانت الأسابيع الثلاثة الماضية محفوفة بالمخاطر بشكل خاص لأن مدخرات الزوجين قد نضبت.
وقال ناتو، الذي يكسب حوالي 7 آلاف روبية هندية (96 دولارا) شهريا ويحصل فقط على أربعة أيام إجازة مرضية مدفوعة الأجر، “أشعر أنني بحالة جيدة ولكن لا يمكنني الخروج لأيام قليلة أخرى. ونحتاج إلى طعام في المنزل وأحتاج إلى إعادة شحن هاتفي، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها الوصول إلى طبيب أو أي مساعدة. لا بد لي من العودة إلى العمل”.