وباء كورونا يعود في متحور جديد

في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية إنهاء حالة الطوارئ المتعلقة بوباء كورونا في مايو من العام الحالي، ظهرت سلالة جديدة من أوميكرون في العديد من الدول. ورغم أنها لا تشكل خطرا على الصحة العالمية يحذر الخبراء من تطورها وعودة الوباء خاصة في صفوف كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة.
باريس - عاد الحديث عن وباء كورونا في العديد من الدول مع تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات يستدعي اليقظة. وقبل أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية عن ظهور متحور فرعي جديد لكوفيد يسمى “إي.جي.5”، وتُطلق عليه تسمية غير رسمية هي “إيريس”، وحثت الدول على مراقبة الإصابات بهذا المتحور الجديد الذي ينتشر في مختلف أنحاء العالم.
ومنذ ظهور فايروس كورونا لأول مرة وهو آخذ في التحور والتغيُّر، ويُطلَق على النُسخ الجينية الناشئة جرّاء تلك التغيرات اسم متحورات.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية ظهر المتحور الجديد أول مرة في فبراير 2023، ومنذ ذلك الحين تتزايد حالات الإصابة به بشكل مطرد. وقالت المنظمة إن عدد الحالات التي رصدت على مستوى العالم ارتفع بنسبة 80 في المئة على مدى شهر، مع مليون ونصف مليون إصابة إضافية من 10 يوليو الماضي حتى 6 أغسطس الجاري.
وتشير بعض الاختبارات إلى أن “إي.جي.5” يمكنه أن يتجاوز جهاز المناعة لدينا بسهولة أكبر من بعض المتحورات الأخرى المنتشرة، لكن هذا لم يترجم إلى إصابات أكثر شدة وخطورة.
السلالة "إي.جي.5" لديها قابلية الانتشار السريع، لكنها ليست أكثر حدة من السلالات الأخرى المتحورة من أوميكرون
وصنفت منظمة الصحة العالمية السلالة “إي.جي.5” على أنها “سلالة يجب أن تكون محل اهتمام”، لكنها قالت إنها لا تشكل على ما يبدو تهديدا للصحة العامة أكثر من السلالات الأخرى.
وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الأربعاء الماضي خلال مؤتمر صحفي أن المنظمة لم تعد تعتبر الوباء حالة طوارئ صحية عالمية منذ بداية مايو الماضي، إلا أن “الفايروس مستمر في الانتشار في كل البلدان، ويستمر في القتل والتبدل”.
وهذه السلالة السريعة الانتشار هي الأكثر انتشارا في الولايات المتحدة وتسببت في أكثر من 17 في المئة من الإصابات في مختلف أنحاء البلاد.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية أُبلغ عن وجود إصابات في 51 دولة، بما في ذلك الصين وجمهورية كوريا واليابان وكندا وأستراليا وسنغافورة والمملكة المتحدة وفرنسا والبرتغال وإسبانيا.
ويرى خبراء الصحة أن التجمعات الصيفية وتراجع مستوى المناعة من العوامل التي قد تؤدي دوراً في عودة الوباء.
ويشير هؤلاء إلى أن المتحور الجديد “إي.جي.5” لا يسبب أية أعراض مختلفة عن تلك التي يسببها أي متحور آخر من سلالات كورونا، وتظل احتمالات الإصابة به شديدة لدى كبار السن أو الذين يعانون من عوارض ومشاكل صحية كامنة.
ويوصي الخبراء بغسل اليدين بانتظام، والابتعاد عن الآخرين قدر الإمكان، إذا كنت تعاني من أعراض أمراض الجهاز التنفسي.
وقالت منظمة الصحة العالمية في تقييم لمخاطر السلالة الجديدة “لا تشير الأدلة المتاحة إجمالا إلى أن السلالة ‘إي.جي.5’ تشكل خطرا على الصحة العامة أكبر من السلالات الأخرى المنتشرة حاليا والمتحورة من أوميكرون”، لكن غيبريسوس ذكر أن “خطر ظهور متحور أكثر خطورة يظل قائما، ما سيؤدي إلى زيادة مفاجئة في الإصابات والوفيات”.
وأضافت المنظمة أن هناك حاجة إلى تقييم أكثر شمولا للمخاطر التي تشكلها السلالة الجديدة، كما أنها تواصل تقييم تأثير المتحورات على أداء اللقاحات للمساعدة حين اتخاذ القرارات المتعلقة بتحديثات في تركيبة اللقاحات الجديدة.
وقد أودى كوفيد – 19 بحياة ما يربو على 6.9 مليون شخص في العالم، فضلا عن إصابته أكثر من 768 مليون شخص منذ ظهور الفايروس في نهاية عام 2019. وأعلنت المنظمة عن تفشي الوباء في مارس 2020، وأنهت حالة الطوارئ العالمية المتعلقة بهذا الوباء في مايو الماضي.
وقالت ماريا فان كيركوف رئيسة الفريق الفني لمرض كوفيد – 19 في منظمة الصحة العالمية “لم نكتشف أي اختلاف في شدة ‘إي.جي.5’ مقارنة بالسلالات الأخرى المتحورة من أوميكرون والتي بدأت في الظهور منذ أواخر 2021”.
6.9
مليون شخص في العالم توفوا من فيروس كورونا فضلا عن إصابته أكثر من 768 مليون شخص
وعبر غيبريسوس عن أسفه إزاء عدم إبلاغ العديد من البلدانِ منظمةَ الصحة ببيانات كوفيد – 19. وقال “إن 11 في المئة فقط من البلدان أبلغت المنظمة بعدد من دخلوا المستشفيات ووحدات الرعاية الفائقة بسبب الفايروس”.
ولمواجهة ذلك أصدرت المنظمة مجموعة من التوصيات الدائمة المتعلقة بكوفيد، وحثت فيها الدول على مواصلة تسجيل البيانات بشأن المرض، وخصوصا عدد الوفيات الناجمة عنه ومدى انتشاره، كما أوصت بمواصلة تقديم التطعيم. وقالت فان كيركوف “إن غياب البيانات من الكثير من البلدان يعرقل جهود مكافحة الفايروس”.
وأضافت “منذ نحو عام كنا في وضع أفضل كثيرا فيما يتعلق بقدرتنا على التوقع أو اتخاذ إجراء أو أن نكون أسرع في التحرك. لكن قدرتنا الآن على القيام بذلك تتباطأ بوتيرة متزايدة، وآخذة في التراجع”.
من جانبه اعتبر أنطوان فلاهولت، مدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف، أن “وضع الوباء ضبابي جداً في كل أنحاء العالم”. وأضاف “من الضروري أن تعيد السلطات الصحية نشر نظام صحي موثوق به لمراقبة كوفيد”، مطالبا بإجراء تحاليل لمياه الصرف الصحي.
وتساءل أنطوان فلاهولت “عما إذا كان سيطلب من الأشخاص الذين يعانون نقص المناعة وكبار السن إجراء اختبارات في حال ظهور أعراض حتى لو كانت بسيطة حتى يستفيدوا من علاجات مبكرة مضادة للفايروسات وفعّالة للحد من مخاطر الأشكال الخطيرة”.
ويشير الخبراء إلى أنه بالرغم من أن فاعلية اللقاحات المضادة لكوفيد تتآكل في مواجهة العدوى بمرور الوقت، إلا أنها مازالت تعتبر وقائية جداً ضد الأشكال الخطيرة.