واشنطن تستغل العلاقات السعودية - الإسرائيلية لعزل إيران

واشنطن - يرى محللون أن فرض تحول تدريجي في حسابات صنع القرار في إيران من بين الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها من خلال التوقيع على اتفاق دفاعي مع المملكة العربية السعودية وتأمين تطبيع العلاقات بين الرياض وإسرائيل.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لإذاعة RFE “نواصل العمل مع الحلفاء والشركاء لتعزيز قدرتهم على ردع ومواجهة التهديدات التي تشكلها إيران، وفرض تكاليف على إيران بسبب أفعالها، والسعي إلى تغيير حسابات صنع القرار في إيران بمرور الوقت”.
وتتكون الحزمة الأمنية من عدة مكونات، بما في ذلك اتفاق دفاعي ثنائي بين الولايات المتحدة والسعودية بهدف تعزيز قدرة المملكة على الردع، لكن واشنطن مصرة على أنه بغض النظر عن مدى قرب الأميركيين والسعوديين من اتفاق ثنائي، فإن الحزمة الأمنية لا يمكن أن تتحقق دون التطبيع السعودي – الإسرائيلي.
وتشترط المملكة العربية السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة ومسارًا موثوقًا لإقامة الدولة الفلسطينية. ويواجه الاتفاق الكثير من العقبات، لكنه سيكون بمثابة نسخة جديدة من إطار العمل الذي تم إلغاؤه نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.
ومن المحتمل أن تعيد مثل هذه الصفقة تشكيل الشرق الأوسط، فإلى جانب تعزيز أمن إسرائيل والمملكة العربية السعودية من شأنها أيضا أن تعزز موقف الولايات المتحدة في المنطقة على حساب إيران وحتى الصين. وسيحتاج الاتفاق إلى موافقة الكونغرس لأنه قد يمنح السعودية إمكانية الوصول إلى الأسلحة الأميركية المتقدمة التي كانت محظورة في السابق.
ويتضمن الاتفاق كذلك موافقة السعودية على الحد من استخدام التكنولوجيا الصينية في الشبكات الحساسة في البلاد مقابل الحصول على استثمارات أميركية كبيرة والمساعدة على بناء برنامج نووي مدني.
وترى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن التوصل إلى اتفاق هو أمر أساسي لضمان سلام مستدام في الشرق الأوسط، والذي يتضمن عزل إيران وجعل حفاظ الجمهورية الإسلامية على سياساتها الإقليمية الحالية مكلفًا.
ويقول حميد رضا عزيزي، زميل المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، “سيحدث تحول في الحسابات بالتأكيد، ولكن ليس بالطريقة التي تريدها الولايات المتحدة”، مضيفا “إن أي نوع من بناء التحالف سيؤدي إلى توجه إيران نحو تحالفات مضادة”.
لكن المحللين يؤكدون أنه بالنسبة إلى السعودية، فإن عزل إيران ليس الهدف الأساسي للاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة.
وقال عزيزي إن السعوديين يعتبرون تطبيع العلاقات مع إسرائيل بمثابة نفوذ إستراتيجي لمساعدتهم على انتزاع التزامات أمنية كبيرة من واشنطن، “وبالتالي تحقيق التوازن ضد النفوذ الإيراني دون استعداء طهران بشكل علني”.
وفي الوقت نفسه يمكن أن يساعد تأمينُ المسار نحو إقامة الدولة الفلسطينية المملكةَ العربية السعودية على تأكيد قيادتها العالم الإسلامي وإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي بشكل فعال.
ولطالما عارضت إيران التطبيع العربي مع إسرائيل، وهي من أشد المنتقدين لاتفاقيات أبراهام، التي شهدت إقامة البحرين والإمارات العربية المتحدة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 2020.
وفي الأول من مايو انتقد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي السعودية ضمنا لسعيها إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل على أمل حل القضية الفلسطينية.
◙ السعوديون يعتبرون تطبيع العلاقات مع إسرائيل بمثابة نفوذ إستراتيجي لمساعدتهم على انتزاع التزامات أمنية كبيرة من واشنطن
وتقول آنا جاكوبس، كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية، في تصريح لموقع أويل برايس الأميركي “تبدو الرياض واثقة من أن التطبيع مع إسرائيل لن يكون له تأثير كبير على علاقتها مع طهران”، مضيفة “الإستراتيجية السعودية مع إيران في الوقت الحالي هي الاحتواء والمشاركة”.
وأشارت إلى أن النموذج الإماراتي لتحقيق توازن في العلاقات مع إيران وإسرائيل يوحي بأن السعودية يمكن أن تفعل الشيء نفسه. وأضافت جاكوبس “يبدو أن الرياض واثقة من أن التطبيع مع إسرائيل لن يكون له تأثير كبير على علاقتها مع طهران”. وتابعت “الإستراتيجية السعودية مع إيران الآن هي مزيج من الاحتواء والمشاركة”.
واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية بوساطة صينية في مارس 2023، حيث أبدى البلدان رغبتهما في أن “تنعكس عودة العلاقة الطبيعية إيجابيا على المنطقة والعالم الإسلامي والعالم أجمع”، وفق ما قاله آنذاك وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
ويحاول السعوديون منذ بدء الحرب في غزة قبل 7 أشهر عزل أنفسهم عن التهديدات الأمنية -خاصة من إيران ووكلائها- التي قد تعرقل جهودهم لتحقيق أهداف رؤية 2030 المعتمدة على الأمن المحلي والإقليمي.
وعبْر اتباع هذا النهج تأمل السعودية في مواصلة التعاون مع طهران قدر المستطاع في القضايا الإقليمية والثنائية وتجنب دفع الإيرانيين إلى إعادة شن هجماتهم بالوكالة من العراق واليمن ضد مصالحها.
وعلى الرغم من احتمال إقامة علاقات أوثق مع إسرائيل، وتعاون دفاعي أقوى مع الولايات المتحدة، وعلاقات ثابتة مع إيران، من المرجح أن تستمر السعودية في مواجهة العديد من التهديدات الأمنية الإقليمية في توازنها الجيوسياسي خلال السنوات القليلة المقبلة.
ومن المتوقع أن تستمر أنماط العداوات المتكررة بالمنطقة والصراعات المستمرة منذ عقود في تشكيل تهديد مستمر لتطلّع السعوديين إلى تحقيق خطة رؤية 2030، ومنطقة مستقرة ومتكاملة، وتنويع اقتصادي. كما من المرجح أن يستمر الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في السنوات المقبلة، حتى لو وافقت الحكومة الإسرائيلية المستقبلية على مسار لا