هيمنة أرامكو على سابك مفتاح استراتيجية سعودية جديدة للطاقة

فتحت صفقة هيمنة أرامكو على سابك أبواب تسارع وتيرة تنفيذ استراتيجية سعودية، ظهرت ملامحها في السنوات الماضية، وتركز على زيادة توجيه إنتاج من النفط الخام إلى صناعة البتروكيمياويات للتأقلم مع التحولات الكبيرة في أسواق الطاقة وتحقيق أقصى العوائد من كل برميل تنتجه أرامكو.
الرياض - أخيرا أكملت شركة أرامكو صفقة شراء حصة تبلغ 70 بالمئة في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) من صندوق الثروة السيادي، في أحد أكبر صفقات قطاع صناعة الكيمياويات العالمي.
ويجمع الخبراء على أن الصفقة، التي بلغت قيمتها 69.1 مليار دولار، ستقدم دعما كبيرا لخطط أرامكو لتوسيع أنشطة المصب بدل بيع النفط الخام وأن تتكامل مع تحالفاتها الكثيرة في أكبر أسواق العالم.
واختزل وزير الطاقة خالد الفالح أهمية الصفقة بالقول إن الاقتصاد السعودي هو “الكاسب الأكبر”. وكتب في موقع تويتر “إن صفقة تاريخية وضخمة على المستوى العالمي كهذه، لا يكسب فيها أطرافها الثلاثة فحسب، وهم صندوق الاستثمارات العامة وأرامكو وسابك وإنما الاقتصاد الوطني أيضا”.
وأكد أن الصفقة ستحدث تحولا شاملا، سيؤدي إلى إيجاد شركة طاقة وبتروكيميائيات وطنية عملاقة متكاملة تقود قطاع الطاقة العالمي، وتعزز بدرجة أكبر إمكانات النمو في أرامكو وسابك على المدى البعيد.
ويرى مراقبون أن الصفقة تمثل تحولا كبيرا في برامج إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأنها ساهمت في تأجيل طرح عام أولي لحصة من أسهم شركة أرامكو.
وقال ياسر الرميان المشرف على صندوق الاستثمارات العامة إن “الصفقة تمثل فائدة مشتركة لجميع الأطراف، ونقلة نوعية لثلاث من أهم المؤسسات الاقتصادية في السعودية”.
وقد تضخ الصفقة مليارات الدولارات في صندوق الاستثمارات العامة، مما يعطيه القدرة على المضي قدما في خططه الرامية لخلق وظائف وتنويع موارد أكبر اقتصاد عربي وتقليص اعتماده على صادرات النفط.
ويعد الصندوق السيادي محورا أساسيا في إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي من خلال تنشيط قطاعات جديدة مثل السياحة والترفيه، وهو ينفذ حاليا الكثير من المشاريع بينها إنشاء منطقة اقتصادية عملاقة في أقصى شمال غرب السعودية.
وتزيد أرامكو استثماراتها في أنشطة التكرير والبتروكيمياويات لتأمين أسواق جديدة لخامها، إذ تعتبر النمو في قطاع الكيمياويات محورا أساسيا في استراتيجيتها للتوسع في قطاع المصب.
وقال يوسف البنيان نائب رئيس مجلس إدارة سابك ورئيسها التنفيذي إن “ترسيخ علاقتنا من خلال خطوة استراتيجية كهذه يسهم في تحفيز التطور وتحقيق نجاح منقطع النظير في قطاع الكيمياويات عالميا”.
وتصل طاقة إنتاج سابك للبتروكيمياويات إلى 62 مليون طن سنويا، في حين تصل لدى أرامكو إلى نحو 17 مليونا. وتخطط أرامكو لمضاعفة طاقتها التكريرية من 4.9 مليون برميل يوميا إلى 10 ملايين برميل يوميا بحلول 2030.
ورجح يوسف حسيني المحلل في هيرميس المالية أن “تدير أرامكو الآن كل خططها للتوسع في المستقبل من خلال سابك مباشرة، وفي ظل تركيز جزء كبير من رؤية 2030 على التوسع في البتروكيمياويات، فذلك يعزز إمكانات نمو سابك في الأمد الطويل”.
وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر إن الشركة تملك خيارات واسعة لتمويل الصفقة، التي تخضع لشروط معينة لإغلاقها من بينها الموافقات التنظيمية، وأن من بين تلك الخيارات إصدار سندات دولية.
وذكرت أرامكو أنها لا نية لديها لشراء الأسهم المتبقية في سابك، رابع أكبر شركة للبتروكيمياويات في العالم.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة تأكيدها أن أرامكو ستبدأ لقاءات مع مستثمري السندات الأسبوع المقبل، للتحضير لإصدار باكورة سنداتها الدولية، التي ستستخدم لتمويل صفقة سابك.
ومن المرجح أن يتطلب إصدار سندات دولية، حصول أرامكو على تصنيف ائتماني والإفصاح عن معلومات مالية في نشرة الإصدار، حيث لا تفصح الشركة حتى الآن عن تفاصيل كثيرة بخصوص أمورها المالية.
وجرى تأجيل الطرح العام الأولي لأرامكو بعدما كان مقررا في البداية إجراؤه في 2018. وقال مسؤولون سعوديون إن الموعد الجديد للطرح الأولي أصبح 2021 بسبب خطة أرامكو للاستحواذ على حصة استراتيجية في سابك.
وقال الناصر لتلفزيون العربية إنه يتوقع أن يحدث الطرح العام في 2021، مشيرا إلى أن الشركة تحتاج لفترة لا تقل عن سنة من استكمال صفقة سابك قبل إجراء الطرح، حتى تظهر الصفقة في البيانات المالية لأرامكو.
ومن أبرز أهداف الإدراج، الذي قد يكون أكبر طرح في التاريخ، جمع أموال لصندوق الاستثمارات العامة بما يجعل الصندوق محركا لعملية التحول في الاقتصاد السعودي.
وقال مازن السديري من الراجحي المالية إن “أمور أرامكو المالية ليست معلنة، لكن التمويل لن يكون مشكلة، كونها تملك طاقة إنتاجية تعادل 3 أضعاف طاقة اكسون موبيل الحاصلة على التصنيف الأقصى أي.أي.أي”.