هيرش كردي - عراقي لا يتوب عن محاولات الهجرة إلى أوروبا

هيرش يسعى للهجرة مع عائلته بشكل غير قانوني إلى القارة العجوز.
الأربعاء 2022/07/13
نعمل ولا نعيش

السليمانية (العراق) - تسلّل اليأس إلى قلب هيرش الكردي - العراقي الذي لا يكاد راتبه يكفيه إلى نهاية الشهر، فيما النزاعات السياسية استنفدت صبره، فيقول “لا مستقبل هنا”، مشيرا إلى أنه يسعى للهجرة مع عائلته بشكل غير قانوني إلى أوروبا مرة أخرى.

ويقطن هيرش الطالب البالغ من العمر 36 عاماً في حيّ مرتّب من أحياء السليمانية، ثاني مدن إقليم كردستان العراق، في الطابق الأول من منزل فسيح مع زوجته وابنيه.

وفي غرفة الجلوس يشاهد ابنه هاودين البالغ من العمر ثماني سنوات برنامج “بيبا بيغ”، بينما يلعب ابنه الآخر هزان البالغ من العمر 12 عاماً بالكرة. ويقول هيرش بإنجليزية جيّدة “أنا أعشق ريال مدريد، أنا من المعجبين ببنزيمة”.

لكن هذه الصورة الأولى لعائلة من الطبقة الوسطى خادعة. وقريباً، يقول هيرش إنه سيحزم وعائلته الحقائب ويحاولون من جديد سلوك طريق الهجرة غير القانونية إلى أوروبا على غرار الآلاف من الأكراد العراقيين.

هيرش حاول مع عائلته الدخول إلى أوروبا عبر بولندا ثلاث مرات باءت بالفشل لكنها لم تثبط عزمه على العودة إلى المغامرة

ولا يفصح هيرش عن الطريق الذي سيسلكه إلى أوروبا، هل ستكون المحطة الأولى تركيا ومن هناك بحر إيجه ثمّ اليونان؟ يرفض هيرش الكشف عن تفاصيل رحلته. وكلّ ما يقوله هو أنه يرغب في الوصول إلى المملكة المتحدة. ويضيف “في حال لم أتمكن من الوصول إلى بريطانيا، سأبقى في ألمانيا”.

ويشرح الرجل “في هذه البلدان، يمكن لك أن تعمل وأن تضمن دراسة لأولادك”، مضيفاً “أنا أهتم بحياة أولادي أكثر من نفسي”. ويضيف أن لديه دافعا قويا لإخراج عائلته من “هذه الغابة” حيث غالباً ما يفوّتون حصصاً مدرسية بسبب إضراب المعلمين اليائسين هم أيضا من عدم تقاضي رواتبهم.

ويعمل هيرش في مكتب طباعة بالإضافة إلى وظيفته في إحدى دوائر الحكومة المحلية في إقليم كردستان. ويقول متململاً “الحكومة تطلب منا العمل، لكن بالمقابل لا تدفع لنا الرواتب المتراكمة منذ سنوات”.

ونجح إقليم كردستان الذي يتمتّع بحكم ذاتي واسع في الترويج لمنطقة مستقرّة قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية.

لكن بالنسبة إلى سكانه الواقع مختلف تماماً، فنسبة البطالة في الإقليم وصلت في العام 2021 إلى 17.4 في المئة من القوة العاملة في المنطقة، مقابل 14 في المئة على مستوى العراق وفق وزارة التخطيط العراقية.

Thumbnail

وتعيش عائلتان من كل ثلاث على راتب أو إعانة من الحكومة، لكنّ هذه المعاشات الشهرية تتأخّر دائماً على خلفية الخلاف بين الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية. وتتهم أربيل الحكومة الاتحادية بأنّها لا تقوم بدفع الحصة المخصصة لموظفي الإقليم في الموازنة الاتحادية.

ويقول شيفان فاضل الباحث في مركز “انترناشونال بيس ريزرتش” في ستوكهولم “في السنوات الأخيرة ترافقت الأزمة الاقتصادية مع فكرة أن الفساد بات مستشرياً، وعدم المساواة إلى تزايد، وأن الوضع السياسي بحالة جمود”.

ويضيف “تلك هي العوامل الرئيسية التي أطلقت موجة الهجرة الأخيرة من إقليم كردستان”.

وتضاف إلى ذلك عمليات “الترهيب” و”التوقيفات التعسفية” التي تقوض حريّة التعبير، كما يشير تقرير للأمم المتحدة نشر في العام 2021.

وليس تهديد السلاح بعيداً أيضاً عن الإقليم. ففي شمال العراق تشنّ تركيا عمليّة عسكرية تقول إنها تستهدف قواعد لمتمردي حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة “إرهابياً”.

ويعرب هيرش عن استيائه من “الصراعات السياسية” في الإقليم الغنيّ بالنفط والذي تمسك بزمام الأمور فيه عائلتا بارزاني في أربيل وطالباني في السليمانية.

ويقول “الآن جاء دور أبنائهم”، مندداً بالقيادات “المنفصلة عن الواقع” الصعب للمواطنين. ويتحدّث الرجل عن تعرّضه إلى “تهديدات” بدون أن يوضح ماهيتها.

وعلى غرار الآلاف من المهاجرين من إقليم كردستان، وجد هيرش نفسه الخريف الماضي عالقاً على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.

Thumbnail

وبين أكتوبر وديسمبر 2021، حاول هيرش وعائلته ثلاث مرات الدخول إلى بولندا. وفي المرتين الأوليين دفع المال لمهرّب ليساعده.

ويروي أنه أثناء محاولة عبور الحدود “هاجمنا كلب مع مجموعة من رجال الشرطة. هاجم الكلب ولدي. ودفاعاً عن ولدي ضربت الكلب، فقام رجال الشرطة بمهاجمتنا وضربوني بقوة ثم اعتقلونا”.

وفي محاولتهم الثالثة حصل هيرش وعائلته على جوازات سفر يونانية مزوّرة.

ويروي الرجل “حاولنا أن نعبر الحدود عن طريق بريست، آخر مدينة بيلاروسية (…) لكننا اعتُقلنا بسبب الجواز المزوّر، وأدخلونا السجن لمدة أسبوع”.

ورُحّل هيرش إلى إقليم كردستان في ديسمبر، لكن كلّ تلك الصعوبات لم تخرج من رأسه فكرة الرحيل والمحاولة من جديد “للخروج من هذه الغابة”.

18