هونغ كونغ تجمع بين عبق الماضي وسحر الحاضر

سباق قوارب التنين يتحول إلى مهرجان شعبي يستقطب أنظار العالم إلى الوجهة الصينية الساحلية المتميزة بطبيعتها الخلابة ومقوماتها السياحية المتكاملة.
الأحد 2019/03/24
مهرجان ذو شعبية عالمية

تقدم هونغ كونغ لزائريها دليلا سياحيا مشوقا يأخذهم في رحلة بين الماضي والحاضر، ويشدهم إلى تراثها وتقاليدها، حيث تستعد المدينة الصينية لإحياء سباق القوارب وهو مهرجان يحظى بشعبية كبيرة بين السكان المحليين والسياح ويجد متابعة عالمية، بالإضافة إلى طبيعتها الخلابة ومقوماتها السياحية المتكاملة.

هونغ كونغ (الصين) - تجمع هونغ كونغ الواقعة على ساحل الصين الجنوبي بين عبق الماضي والتراث الصيني وسحر الحاضر الذي يتجسد في ناطحات السحاب الشاهقة والحياة العصرية الصاخبة، وبفضل هذا الطابع الفريد تحظى هذه المدينة بمكانة متميزة على خارطة السياحة العالمية.

ومن بين أهم المهرجانات الشعبية في هونغ كونغ سباق قوارب التنين، التي تجتذب العديد من السياح من جميع أنحاء العالم؛ حيث تنطلق قوارب التجديف الملونة، التي تزينها رؤوس التنانين على المقدمة، بين المراكب في الميناء. ويضم كل قارب من قوارب التنين 18 رياضيا يقذفون مجاديفهم بشكل متزامن في المياه، مع وجود شخص يدق الطبلة بالقارب، وتتعالى صيحات التشجيع إلى أن يتم قطع المئات من الأمتار والوصول إلى خط النهاية.

وإذا لم يرتد الرياضيون ملابس رياضية واختفت ناطحات السحاب من المشهد، فقد ينسى المشاهد أنه في العصر الحالي، ويرجع به التاريخ إلى الوراء، كما كان يحدث في سباق قوارب التنين من سنوات عديدة؛ حيث يتم إحياء هذا التراث الصيني الذي يرجع إلى المئات من السنين، في هونغ كونغ منذ عدة عقود، وقد شهد عام 1976 انطلاق تسعة قوارب تجديف من السكان المحليين وفريق الضيف الياباني في ميناء فيكتوريا.

وأوضحت هيئة السياحة في هونغ كونغ أنه منذ ذلك الحين يُقام في اليوم الخامس من الشهر الخامس من التقويم القمري سباق قوارب التنين تكريما لأحد الشعراء العظماء، ومن المفترض أن تقام دورة المهرجان لهذا العام في يوم 7 يونيو المقبل، إلا أنه لأسباب تنظيمية ستقام الفعاليات بعد ذلك بأسبوع في الفترة من 14 إلى 16 يونيو المقبل.

كل ركن بالمدينة رائع لالتقاط الصور
كل ركن بالمدينة رائع لالتقاط الصور

وبدأ هذا المهرجان صغيرا نسبيا، إلا أنه تطور حاليا وأصبح من الأحداث والفعاليات الكبيرة؛ حيث لم تعد المنافسة تقتصر على فرق قوارب التجديف من المقاطعات المختلفة، بل إن الكثير من الشركات أصبح لديها فريق تجديف حاليا، كما تتاح للرياضيين الدوليين فرصة المشاركة في هذا السباق الذي شهد مشاركة خمسة آلاف شخص خلال العام الماضي.

وقال ماركو فرونز، مواطن سويسري يعيش في هونغ كونغ، “لم يعد سباق قوارب التنين مجرد منافسة تقام مرة كل عام، ولكنه أصبح بمثابة رياضة بالنسبة لنا". وهناك حوالي 15 مليون شخص يمارسون هذه الرياضة حول العالم، ويتم تدريب الفريق مرتين أو ثلاث مرات في العام، كما تتم المشاركة في التصفيات بصورة منتظمة، من أجل المشاركة في الحدث الأكبر الذي يقام في ميناء فيكتوريا، وتقريبا تمتلك كل شركة فريق تجديف خاص بها، ويتم أخذ هذا السباق على محمل الجد، ودائما ما يُنظر إلى الفوز في السباق على أنه شرف عظيم.

ويعد سباق قوارب التنين، الذي يمتد لثلاثة أيام، بالنسبة للسكان المحليين والسياح، مهرجانا شعبيا؛ حيث تتحول منطقة سنترال هاربورفرنت إلى ساحة احتفالات وتكثر بها أكشاك الطعام والألعاب المائية والألعاب الدوارة، وتظهر في الصورة أيضا مئات الآلاف من المتفرجين الذين يشجعون الرياضيين في قوارب التنين على الضفة.

إطلالة من فوق تكشف مفاتن الطبيعة الساحرة
إطلالة من فوق تكشف مفاتن الطبيعة الساحرة

ويمكن للسياح إلى جانب سباق قوارب التنين، الاستمتاع بالعديد من الأنشطة السياحية في هونغ كونغ؛ حيث تمتاز بغطاء أخضر ساحر، وتمتد مساحة المدينة إلى أكثر من 1100 كلم مربع، موزعة على ثلاث مناطق، وهي: جزيرة هونغ كونغ وشبه جزيرة كولون والمناطق الجديدة، وتغطي المناظر الطبيعية ثلثي مساحة هونغ كونغ، التي تضم 262 جزيرة، كما أن 40 بالمئة من مساحتها تعتبر بمثابة محمية طبيعية.

ويظهر التباين بصورة أكثر وضوحا في أكبر جزيرة في هونغ كونغ “وهي لانتاو” والتي تعني الرأس الخشن، وخاصة في قرية الصيادين “تاي أو”؛ حيث يتم بناء المنازل في المياه مباشرة، على ركائز تبدو متذبذبة، ويمر السياح على الجسور الصغيرة ويسيرون في الأزقة الضيقة ويمرون على أكشاك السوق، التي لا حصر لها، وعند الرغبة في زيارة الحي المالي للمدينة، فإنه يبعد مسافة 30 كلم بالطائرة، كما يمكن الوصول إليه بالعبّارات.

ويبرز أمام السياح تمثال بوذا البرونزي بارتفاع 34 مترا فوق الجبال، ويوجد على مقربة منه دير بو لين، والذي يتوافد عليه الحجاج من جميع أنحاء آسيا، وعلى مدخل الدير يوجد الكثير من أكشاك بيع الهدايا التذكارية، وفروع لسلاسل مطاعم الوجبات السريعة العالمية، كما يمكن للسياح تناول الطعام داخل الدير نفسه، حيث يوجد مطعم نباتي.

وبعد هذه الجولة الرائعة قد يشعر السياح بالتيه في وسط المدينة الصاخبة، وخاصة في منطقة “كاوزواي باي”، حيث تنتشر متاجر لأشهر الماركات العالمية، كما تصطف المقاهي والمطاعم الأنيقة على جانبي الطريق، ولا يخلو المشهد من الفنادق الفخمة والمباني الإدارية العالية، وتزداد كثافة أصحاب البذلات الأنيقة في الشوارع والطرقات، التي تشهد حركة محمومة من الناس، كما تظهر اللوحات الإعلانية الساطعة، والتي تغير إعلاناتها سريعا من أجل لفت انتباه المارة.

وعند زيارة سوق بي هو ستريت ماركت في منطقة شام شوي تظهر التقاليد العريقة لهونغ كونغ؛ حيث يعتبر هذا الحي من المدينة هو الجزء الأصلي والفوضوي من المدينة الصينية، فبدلا من متاجر العلامات التجارية الشهيرة، تظهر هنا المتاجر الصغيرة، وبدلا من المطاعم الأنيقة والراقية توجد أكشاك الطعام التي تقدم الوجبات الخفيفة. وتمتاز هونغ كونغ بأجوائها المتنوعة بين الهدوء والصخب والانشغال.

وأكد فرونز أنه لا يستطيع الذهاب إلى أي مكان آخر بسبب هذا التنوع الذي يندر وجوده في أي مدينة أخرى، وبفضل هذه الكثافة والحياة السريعة، فإن المدينة توفر للمرء العديد من فرص الأعمال وفرص التطوير وخاصة في الحياة المهنية.

وفي عطلة نهاية الأسبوع يمكن للمرء الاسترخاء في العديد من الأماكن بالمدينة، أو ممارسة رياضة المشي لمسافات طويلة أو ركوب الدراجات في الجبال أو الاستمتاع بحمامات الشمس، وتعيش هنا كل الأمم والأديان في مكان واحد، كما أنها تعتبر من أكثر المدن هدوءا وسلاما على وجه الأرض.

16