هل يوقع عقيلة صالح وخالد المشري على مخرجات الانتخابات الليبية

طرابلس/الرباط – وصل رئيسا مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري اليوم الاثنين إلى المغرب لحضور مراسم التوقيع بالأحرف الأولى على الصيغة النهائية للقوانين الانتخابية المعدة من اللجنة المشتركة 6+6، وسط أنباء عن إحجامها على ذلك، في ظل تزايد الرفض الداخلي، الذي ينظر إليه على أنه مفتعل ويهدف فقط إلى عرقلة إجراء الانتخابات وبالتالي حفاظهم على مقاعدهم.
ويرى مراقبون أن اعتراض أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة على مخرجات اللجنة المشتركة المكلفة بصياغات القوانين الانتخابية من شأنها أن تعمق صعوبات إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية نهاية العام الجاري.
ويعتقد أغلب الليبيين أن مجلسي النواب والأعلى للدولة لم يكونا ليكلفا اللجنة "6+6" لصياغة قوانين الانتخابات إلا بعد ضاقت أمامهم السبل مع إعلان المبعوث الخاص للأمم المتحدة بتشكيل لجنة التوجيهية تتولى تيسير إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ نهاية عام 2021.
ويقول مراقبون إن اللجنة التي اختارت مدينة بوزنيقة المغربية للتوافق على النقاط الخلافية بعيدا عن الضغوط التي مورست ضدها منذ تشكليها لثنيها عن القيام بمهامها، تجد نفسها الآن في موقف أكثر صعوبة وربما ينسف عملها كليا.
ونقل تلفزيون المسار عن مصدر برلماني، قوله إن عقيلة صالح قد يرفض التوقيع، بعد الملاحظات التي قدمها عدد من النواب، حول توزيع وزيادة عدد المقاعد في البرلمان.
وأعلن عدد من أعضاء مجلس النواب والدولة وكيانات سياسية رفضها لمخرجات لجنة 6+6 المكلفة بصياغة ووضع قواعد الانتخابات في ليبيا، وذلك في بيانات منفصلة لأعضاء من مجلسي النواب والدولة، وكذلك حزب العدالة والبناء الإخواني.
واتهم 61 عضوا بمجلس النواب، في بيان السبت "لجنة 6+6 بتجاوز عملها والانحراف عن دورها المحدد بالاتفاق على النقاط الخلافية المتعلقة بانتخاب الرئيس.
وحمّل الأعضاء رئاسة مجلس النواب مسؤولية التوقيع أو الموافقة على مخرجات اللجنة دون الرجوع إلى قبة البرلمان.
كما قال 54 عضوا في مجلس الدولة، وما رشح من نتائج بثت عبر الإعلام كمخرج لاجتماعات لجنة 6+6 باطلة الأساس الدستوري من حيث المنشأ وبالضرورة منعدمة النتائج، مستندين في ذلك لاستمرار رفضهم للتعديل الدستوري الذي أقرته رئاستا مجلسي النواب والدولة "المطعون في دستوريته أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا".
وسبق أن أعلن الأعضاء الموقعون على البيان عن رفضهم، في بيان آخر في مارس الماضي، إقرار رئاسة مجلس الدولة للتعديل الدستوري المقر من مجلس النواب، والذي انبنى على نصوصه تشكيل لجنة 6+6.
وفيما جدد الأعضاء الـ54 رفضهم للتعديل الدستوري، أكدوا أن أساس تشكيل اللجنة "يفتقد للدستورية والقانونية من حيث المبدأ، يضاف له ما أسند لها من مهام واختصاصات وصلاحيات دستورية خطيرة، ما كان لها أن تمتلكها لولا الممارسات العبثية للرئاستين بالمجلسين.. لكن الاختصاصات التي هي اختصاص أصيل لكافة أعضاء المجلسين - النواب والدولة - لا يجوز سلبها منهم أو التنازل عنها تحت أي مبرر بنص الإعلان الدستوري".
ودعا البيان كافة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والشعب الليبي إلى ضرورة التعبير عن رفضهم "ما يروج له مؤخرا من خديعة الوصول لتوافق حول مخرجات لما يسمى بلجنة 6+6، والتي إن صح إقرارها وتبنيها من أجل تمريرها عبر عملية التفاف مخادعة على إرادة وخيار الشعب الليبي، فإنها ممارسات تعيدنا لحكم الفرد التسلطي من خلال السماح بالترشح لمزدوجي الجنسية والعسكر والمحكومين جنائيا لرئاسة دولة ليبيا، في سابقة خطيرة لم تعهدها دساتير دول العالم".
كما دعا البيان البعثة الأممية والمجتمع الدولي إلى ضرورة "احترام إرادة الشعب الليبي وسلطته القضائية وأحكام محاكمه الصادرة، ونطالبها بعدم التعاطي مع أجسام ومخرجات لجان ونصوص يدعى بدستوريتها، ومنظورة أمام القضاء الدستوري الليبي، حتى يتم الفصل فيها بأحكام قضائية باتة".
من جانبه، أعلن حزب العدالة والبناء، الأحد، رفض مخرجات لجنة 6+6، المكلفة بصياغة ووضع قواعد الانتخابات في ليبيا، مشيرًا إلى أن ذلك نتيجة لفقدانها للتوافق الوطني المنبثق عن التعديل الدستوري الثالث عشر المطعون فيه دستوريا أمام القضاء.
وفيما استبق أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة وحزب العدالة والبناء إعلان لجنة 6+6 عن نتائج اجتماعاتها في بوزنيقة بشكل رسمي، كشف أعضاء باللجنة لوسائل إعلام محلية عن أن الأعضاء "اتفقوا على قوانين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وصوتوا عليها بالإجماع في مدينة بوزنيقة المغربية، على أن يتكون مجلس النواب من 290 عضوا ومجلس الشيوخ من 90".
وأشارت تصريحات أعضاء اللجنة إلى أن قوانين الترشح للانتخابات الرئاسية "لن تقصي مرشحين بعينهم، إلا من يستثنيهم القضاء الذي سيكفل حق الطعن للجميع".
ويتكون مجلس النواب الحالي من 200 عضو موزعين على 13 دائرة انتخابية في عموم البلاد.
وقال المسؤول بديوان مجلس النواب الليبي، متحدثا من المغرب، إن "التوقيع كان من المفترض أن يتم الخميس الماضي، إلا أن المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي، رفض الذهاب إلى المغرب، وطالب أن يتم ذلك داخل ليبيا".
وأشار المسؤول الليبي -طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام -أن "المحاولات لإقناع باتيلي بالحضور إلى المغرب لا تزال مستمرة".
والأربعاء الماضي، قال باتيلي عبر حسابه على تويتر "شجعت رئيس مجلس النواب عقيلة صالح على حث أعضاء لجنة (6+6) على إبقاء نقاشاتهم مقصورة على الليبيين والمجلسين اللذين فوضاهم".
كما حثه صالح عقب لقائهما بمدينة القبة (شرق) أن "يكون إعلان ما يتوصلون إليه على الأراضي الليبية كدليل على الشفافية والاحترام.
وعن فحوى مخرجات اللجنة، قال المسؤول الليبي إن "اللجنة توصلت لتفاهمات غير مسبوقة في ملف الانتخابات والتي بينها وأهمها مسألة ترشح مزدوجي الجنسية لرئاسة البلاد".
ورفض المسؤول الليبي الإفصاح بشكل مفصل عما تم التوافق حوله بشأن ترشح العسكريين، لكنه أوضح أن "اللجنة أقرت السماح بترشح مزدوجي الجنسية للرئاسة، على أن يتخلى من يحمل جنسية أخرى عنها في حال تمكنه من دخول الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية".
ومنذ أكثر من أسبوعين، يستضيف المغرب اجتماعات لجنة "6+6" المكونة من "6" أعضاء من مجلس النواب الليبي ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) للوصول إلى قوانين انتخابية "توافقية" تجرى بموجبها انتخابات ببلادهم في 2023.
وسبق أن احتضن المغرب 5 جولات من الحوار بين الأطراف المتنازعة في ليبيا، توجت في يناير 2021، بالتوصل إلى اتفاق على آلية تولي المناصب السيادية، بالإضافة إلى لقاء بين وفدي المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب حول قانون الانتخابات خلال سبتمبر 2021.
وترعى الأمم المتحدة حوارا بين الليبيين بهدف الوصول إلى انتخابات في 2023 تنهي أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومة كلفها مجلس النواب (شرق) مطلع 2022، وبين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.