هل يحتاج الابتكار إلى وزارة كي ترعاه الحكومة المصرية

القاهرة- تباينت آراء الأكاديميين حول مقترح أحد رواد الأعمال بمنتدى الشباب العالمي القاضي بإنشاء وزارة جديدة للابتكار يقع دمجها صلب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ففيما رأى بعضهم أنها فكرة إيجابية، أقر آخرون بأن الفكرة غير فعالة وقد تجلب نوعا جديدا من البيروقراطية في التعامل مع المبتكرين والأبحاث العلمية.
وأكد عصام خميس نائب وزير التعليم العالي لشؤون البحث العلمي، أن الابتكار في الأصل تابع لمجال البحث العلمي، حيث قال “دائما ما نردد مقولة البحث العلمي والبحث والتطوير وعندما نتحدث عن البحث والتطوير للمخرجات الصناعية وتطويرها وإنتاج منتجات جديدة نجد أن أغلب الأبحاث بالجامعات تقف عند التطبيق النظري”.
وأشار إلى أن آخر مرحلة قد تصل إليها الأبحاث العلمية في الجامعات هو النشر بمجلات عالمية، لكننا اليوم نتحدث عن الأبحاث التي تصلح لأن تكون أبحاثا من أجل التصنيع لمن يمتلكون القدرة على إنهاء بحوثهم العلمية، موضحا أن الدولة تحتاج لأن يطبق أصحاب هذه الأفكار التكنولوجيا ليصلوا إلى النموذج الأول لصناعة معينة، ويرى أن الابتكار لا يحتاج وزارة لكنه يحتاج دعما من الدولة.
وأكد خميس أنه لا بد أن تدرس المهارات المرتبطة بالبحث العلمي في مراحل التعليم الأولية ليكتسب الطلاب مهارة التفكير العلمي وتقوى لديهم روح الابتكار وليكون لكل شخص أسلوبه الخاص في مجال عمله.
وأشار في هذا الاتجاه إلى الصندوق الذي أمر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ببعثه ليشكل حافزا للمبتكرين والذي تم وضع القانون الأساسي الخاص به ورفعه لمجلس الوزراء، مشيرا إلى أن الاختصاصات التي يمكن أن تسند لوزارة الابتكار التي يطالب بها البعض هي من صميم عمل وزارة البحث العلمي في الأساس.
وقال نائب وزير التعليم العالي لشؤون البحث العلمي في هذا الصدد إن الصندوق لا يدعم بالأموال فقط وإنما بالأفكار مثل وجود بنك للأفكار يختار منها الباحث فكرة ينفذها ويمولها برعاية الصندوق، مشيرا إلى أن الصندوق جديد على مصر ويعتمد على ذاته في التمويل من خلال التبرعات ويوفر بيئة قوية للابتكار. كما طالب بتغيير اسم وزارة البحث العلمي الحالية لتصبح وزارة التنمية التكنولوجية والابتكار، وذلك لربط البحث العلمي باحتياجات الدولة المصرية.
|
ويؤكد هذا التوجه الذي يدعو خميس إلى ترسيخه في الجامعات المصرية ما سعت وتسعى إليه العديد من الدول العربية وأولها دولة الإمارات العربية المتحدة الرائدة في هذا المجال، والتي جعلت من الابتكار هدفا تطمح لتعميمه بجميع المؤسسات التعليمية لتربية النشء على طرق جديدة وأشواط متقدمة من الابتكار والتخطيط الهادف للتنمية.
ومن جانبه أثنى هاني الناظر الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، على مقترح بعث وزارة خاصة بالابتكار ورأى أن الفكرة أكثر من ممتازة لأن وزارة الدولة للبحث العلمي منضوية صلب وزارة التعليم العالي، وقال في هذا الصدد “عندما تستقل ويصبح اسمها وزارة الابتكار والبحث العلمي نسير مثل الدول المتقدمة والرئيس السيسى مهتم بهذه القضية.. من خلال الابتكار يمكن تحقيق طفرات كبيرة في الاقتصاد ولدينا العديد من المبتكرين الشباب يحتاجون إلى الرعاية”.
لكن على النقيض من هذا الطرح يرى هاني الحسيني، العضو المؤسس بمجموعة “العمل من أجل استقلال الجامعات 9 مارس”، أن الحديث عن إنشاء وزارة الابتكار “كلام فارغ”، بحسب رأيه، مضيفا أنه لا توجد وزارة تعنى بالابتكار في كل الدول المتقدمة ورعاية المبتكرين عملية مسنودة من كل الوزارات تقريبا، أما القوانين المهتمة بمجال البحث العلمي فمنوطة بعهدة الشؤون الإدارية والقانونية. وأوضح الحسيني أن مصر لا تزال بعيدة عن هذا المستوى، لذا فهناك حل أمثل وسريع يتمثل في ضرورة تعاون وزارة الصناعة مع مراكز البحث العلمي عبر التمويل حتى يتم تطوير هذه المنتجات.
لكن سامح سرور أستاذ كلية الصيدلة بجامعة القاهرة، أبدى نوعا من الحياد وأثنى على ضرورة دعم فكرة الابتكار بقوله “نريد اهتماما حقيقيا بالابتكار في مصر وممكن وضع آليات تنمي الابتكار سواء وجدت وزارة أم لا، فالدول المتقدمة لا توجد بها وزارة ابتكار لكن هناك آليات مثل ضخ الاستثمارات للبحث العلمي التطبيقي والإيمان بدور البحث العلمي في التنمية.. الموضوع ليس في الوزارة”.
وأوضح أن الوزارة الجديدة قد تخلق بيروقراطية جديدة ولا بد من تغيير منظومة القوانين البالية التي تتحكم في البحث العلمي منذ 1949 لأن هناك فارقا زمنيا واجتماعيا بين هذا التاريخ وعام 2017.
وعلق أشرف حاتم مستشار الحكومة المصرية لدى الجامعة الأميركية والأمين السابق للمجلس الأعلى للجامعات، على مطالبات البعض ببعث وزارة للابتكار قائلا “الموضوع لا يمكن تلخيصه في الوزارة ولا بد من تقليل عدد الوزارات في مصر لأنه أكبر من المفترض أن يكون”. وأضاف أن الابتكارات والبحث العلمي فى كل بلاد العالم المتقدم لا تخصص لهما وزارة أو هيئة واحدة وإنما يتم العمل بهما بشكل عرضي مع كل الوزارات في الحكومة وخاصة وزارات التعليم والتعليم العالي والثقافة والشباب.
ويرى مراقبون أن العمل على جذب طلاب الجامعات للابتكار يكون بتحسين بيئة العمل في هذا المجال للقضاء على كل أشكال البيروقراطية وتفعيل القوانين التي تساعد على تسريع عجلة الابتكار وسن قوانين جديدة تمكن من تحسين بيئة البحث العلمي في مصر.