هل يتوج ملك حلبة الملاكمة ماني باكياو بكرسي رئاسة الفلبين

قليلون من نجوم الرياضة من يقررون خوض غمار السياسة بعد اعتزالهم للسباقات والمنافسات الرياضية، ومن بين هؤلاء أسطورة الفلبين في عالم الملاكمة ماني باكياو الذي قرر الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، مستفيدا في ذلك من شعبيته بين الفلبينيين والتي قد تتزايد بعد منازلة الأميركي إيرول سبنس في لاس فيغاس.
جنرال سانتوس (الفلبين) - بعد ابتعاده لعامين عن الحلبات، يتطلع أسطورة الفلبين ماني باكياو بفارغ الصبر للعودة إلى المبارزة وخوض ما قد تكون منازلته الأخيرة في مسيرته الهائلة، قبل انتقال محتمل لخوض معركة رئاسة البلاد.
وسيحظى بطل العالم في ثماني فئات والرجل المعشوق في بلد مهووس بالملاكمة، بمؤازرة الملايين من الفلبينيين حين يتواجه في 21 أغسطس مع الأميركي إيرول سبنس في لاس فيغاس.
وستكون مباراة العودة إلى الحلبة بعد غياب لمدة عامين، فرصة لباكياو للتأكيد على أنه لا يزال قادرا على القتال حتى وإن كان في الثانية والأربعين، أي في العمر الذي يعلق فيه غالبية الملاكمين قفازاتهم، وذلك قبل توجهه لخوض معركة رئاسية محتملة العام المقبل.
ومن مسقط رأسه جنرال سانتوس جنوب البلاد حيث يتمرن للمنازلة المرتقبة، قال السيناتور باكياو “أنا سياسي، وجميع السياسيين يحلمون بالمنصب الأعلى”.
وكشف “سأعلن قراري في الوقت المناسب، ربما بعد المنازلة”.
وبالتأكيد فإن قوة نجومية باكياو في بلد يعرف بسياساته الممجدة للمشاهير ستضعه في موقع قوي في السباق الرئاسي، لكنها قد لا تضمن له نصرا محققا.
والمناوشات العلنية بين باكياو والرئيس رودريغو دوتيرتي حول تعامل الأخير مع نزاع بحر الصين الجنوبي مع بكين والكسب غير المشروع يمكن أن يقوض فرص الملاكم.
ويتنافس دوتيرتي الذي لا يسمح له بالترشح لولاية رئاسية ثانية مع باكياو لكسب تعاطف الفلبينيين، حتى أنه لم يستبعد الترشح لمنصب نائب الرئيس في 2022.
وحتى مؤخرا، كان باكياو من الداعمين البارزين لدوتيرتي وحربه المثيرة للجدل على المخدرات والتي تريد المحكمة الجنائية الدولية التحقيق فيها للاشتباه بمزاعم تصفية عشرات الآلاف من الأشخاص بشكل غير قانوني.
وأكد باكياو أنه في حال انتخابه رئيسا للبلاد فإنه سيواصل حملة ملاحقة تجار المخدرات لكن بطريقة مناسبة لا تسيء لحقوق الأفراد.
وردا على سؤال عما إذا كان سيحمي الرئيس الحالي من الاتهامات الجنائية إذا أصبح رئيسا، قال باكياو “كلنا ملزمون بالقانون”.
وسيواجه باكياو خصما صعبا جدا إذا ترشحت ابنة دوتيرتي سارة لخلافة والدها.
وأظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا أن رئيسة بلدية مدينة دافاو، وهو نفس المنصب الذي شغله والدها قبل توليه السلطة في عام 2016، تحظى بأكبر قدر من دعم الناخبين، متقدمة كثيرا على باكياو والمنافسين المحتملين الآخرين. لكن قد يتغير الكثير من الآن وحتى الموعد النهائي لتقديم الترشحيات في أكتوبر.
وقال بيتر مومفورد المحلل في مجموعة “أوراسيا” المتخصصة في استشارات المخاطر السياسية ومقرها نيويورك، “في الوقت الحالي أتوقع أنه (باكياو) سيترشح، لكن لن يكون الخليفة المختار لدوتيرتي”، مستطردا “لكنها الفلبين، وبالتالي لا يمكن التنبؤ”.
والقرار بشأن الاعتزال بعد المنازلة مع سبنس أو الترشح لرئاسة البلاد، هما في يد الله بحسب ما أفد الأب لخمسة أطفال.
ويلعب الدين دورا كبيرا في حياة الملاكم الذي أصبح مسيحيا إنجيليا متديّنا منذ قرابة عقد من الزمن بعد تخليه عن أسلوب حياته الصاخب.
وحتى أنه يعتمد على إيمانه وفيتامين سي لتجنب الإصابة بفايروس كورونا، بانتظار اتخاذ قراره النهائي بشأن تلقي اللقاح المضاد لكوفيد – 19 من عدمه.
وقال في هذا الصدد “أنا دائما على ثقة بالله لأنه الشخص الذي يمنحني القدرة على تحقيق كل هذه الأشياء”.
ويتمتع باكياو بشعبية كبيرة في بلاده بسبب كرمه ومشواره كشخص كان فقيرا قبل أن يشق طريقه نحو النجومية والأموال.
وينتظر العشرات من السكان المحليين خارج صالة الألعاب الرياضية الخاصة به في وسط جنرال سانتوس على أمل رؤية بطلهم والحصول على بعض المال، قبل أن يصعد إلى سيارته الرباعية الدفع والعودة إلى مجمعه السكني الفخم.
وبالنسبة إلى ابن الأربعين عاما ميمي ديبونداتو، سائق دراجة ثلاثية العجلات، فإن “باكياو معبود الجميع في هذه المدينة. ما يعجبني حقا في باكياو ليس الملاكمة لكن ما يقوم به من أجل مساعدة الفقراء”.
لكن الملاكم أثار الجدل منذ دخوله معترك السياسة في 2010، أولا كعضو في الكونغرس ثم في منصب أكثر أهمية في مجلس الشيوخ حيث دعم عقوبة الإعدام ووصف الأزواج المثليين بأنهم “أسوأ من الحيوانات”.
وتعهّد بأن يكون أكثر صرامة وحزما في حال وصل إلى سدة الرئاسة، بدءا من إرسال “المئات أو الآلاف” السياسيين الفاسدين إلى “سجن ضخم” سيشيده لهذا الغرض.
وقال “هناك الكثير من المشاكل في هذا البلد بسبب الفساد. لا يوجد نمو اقتصادي ولا تنمية ولا يوجد تحسن”.
لكن تركيز باكياو منصب في الوقت الحالي على المواجهة المرتقبة مع سبنس (31 عاما) بطل العالم في وزن الوسط الموحد.
باكياو يؤكد أنه في حال انتخابه رئيسا، فإنه سيواصل حملة ملاحقة تجار المخدرات بطريقة لا تسيء لحقوق الأفراد
ولم يخض باكياو أي نزال منذ فوزه بلقب وزن “ويلتر” (بين 63.5 كلغ و66.7 كلغ) أمام الأميركي كيث ثورمان ضمن منافسات رابطة الملاكمة العالمية “دبليو.بي.إيه” في يوليو 2019 في لاس فيغاس.
وسيسافر الفلبيني الذي انتقل إلى عالم الاحتراف في سن المراهقة في طريقه لتحقيق 62 انتصارا مقابل سبع هزائم وتعادلين خلال مسيرته حتى الآن، هذا الشهر إلى كاليفورنيا حيث سيجتمع مجددا بمدربه المخضرم فريدي روتش.
لكن بانتظار السفر، يتمرّن باكياو حاليا مع زميله منذ فترة طويلة بوبوي فرنانديس في ناديه الرياضي “باكمان وايلد كارد جيم”.
وقال فرنانديس “أنا واثق 110 في المئة أن ماني سيفوز. ما زالت قوته موجودة”.
وفوق الحلبة، إلى جانب صور معاركه الدموية، هناك أمثال توراتية عن أهمية “الانضباط الذاتي” والإيمان.
وعلى الرغم من تقدمه في السن وغيابه الطويل عن الحلبة، أكد باكياو أنه لا يهاب شيئا، مضيفا “من الجيد بالنسبة إلي أن أستريح لمدة. أنا متعطش مرة أخرى ومتحمس للقتال ..أشعر بنفس الشعور الذي شعرت به عندما كان عمري 22 إلى 23 عاما”.