هل من داعٍ إلى التخوّف من كوفيد مجددا؟

جنيف - تشير بيانات جديدة من علماء وشركات مودرنا وفايزر وبيونتك المصنعة للقاحات إلى أن السلالة الجديدة شديدة التحور من فايروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 غير مثيرة للقلق كما كان يخشى بعض الخبراء عندما تم رصدها لأول مرة قبل عدة أسابيع.
وترصد منظمة الصحة العالمية والمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها السلالة الجديدة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "بيرولا" وتحمل الاسم العلمي "بي إيه. 2. 86"، وهي سلالة متحورة من أوميكرون، وتنتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم.
ويراقب مسؤولو الصحة في مختلف مناطق العالم عن كثب سلالة "بيرولا كوفيد"، إذ تُثير قلق الخبراء بسبب 34 طفرة في البروتين الشوكي، وهو جزء الفايروس الذي أُنتجت لقاحات كوفيد - 19 لاستهدافه.
وترتفع معدلات الإصابة ودخول المستشفيات جراء الإصابة بكوفيد في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، لكنها اليوم أقل بكثير مقارنة بالذروات السابقة. وتباطأ المعدل الأسبوعي لدخول المستشفيات في الولايات المتحدة على مدى ثلاثة أسابيع متتالية في أغسطس الماضي، وفقا لبيانات المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، والتي صدرت خلال الأسبوع المنتهي في 26 أغسطس.
وإلى حد الثلاثين من أغسطس الماضي قالت المراكز الأميركية إنه جرى رصد السلالة "بي إيه. 2. 86" في أربع ولايات أميركية على الأقل، إما في مصابين أو في مياه الصرف الصحي. وأعلنت ولاية ديلاوير أنها رصدت إصابة بالسلالة في مستشفى. كما أعلنت منظمة الصحة العالمية رصد السلالة في ست دول على الأقل.
ووفقا لبيانات المراكز الأميركية فإن السلالة المتحورة الفرعية "إي جي. 5"، التي انحدرت من أوميكرون وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "إيريس" وظهرت لأول مرة في نوفمبر عام 2021، تمثل نحو 20 في المئة من الإصابات الحالية بمرض كوفيد - 19 في الولايات المتحدة.
كما ظهر هذا النوع الجديد من الفايروس التاجي في المملكة المتحدة، وبدا كأنه ينتشر بسرعة بين المواطنين. وتبين بحسب الأطباء أن طفرة إيريس، المعروف علميا باسم "إي جي. 5"، مسؤولة عن هذه الإصابات، بحسب تقييم صادر عن وكالة الأمن الصحي في البلاد.
وتشير التقديرات إلى أن حالة واحدة من كل سبع حالات إصابة بفايروس كورونا، في جميع أنحاء البلاد، أثبتت أنها موجبة بالنسبة إلى سلالة إيريس، وقد أصابت السلالة الأشخاص في جميع الفئات العمرية. ورغم ذلك تلفت التقارير الأولية المتعلقة بهذا الفايروس إلى أن مستويات العلاج في المستشفى لا تزال "منخفضة جدا"، مع عدم وجود زيادة في عدد الأشخاص الذين يُقبَلون في وحدات العناية المركزة.
وبحسب دراسة صادرة عن مجلة "زو هيلث ستادي" البريطانية تكون العوارض الخاصة بإيريس مشابهة للعوارض الخاصة بأوميكرون، ومن ضمنها التهاب الحلق وسيلان الأنف والأنف المسدود والعُطاس والسعال دون بلغم والصداع والصوت الأجشّ وآلام العضلات وتغير حاسة الشمّ. وأظهرت الدراسة أن الأعراض التقليدية مثل ضيق التنفس وفقدان الرائحة والحمى أصبحت الآن أقل شيوعا.
وتأتي في المرتبة الثانية سلالة متحورة تحمل اسم "فورناكس" والاسم العلمي "إف إل.1.5.1" بنسبة 14.5 في المئة من الإصابات في الولايات المتحدة، وتمثل نسبة متنامية من الإصابات بكوفيد - 19 على الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وتمثل مجموعة واسعة من السلالات الأخرى نسبا أقل، ومنها سلالة "ب أ. 2. 86" التي تمثل في الوقت الراهن أقل من واحد في المئة.
ويرى الدكتور ديفيد داودي، خبير الأمراض المعدية في كلية جونز هوبكز بلومبرغ للصحة العامة، أن السلالة "إف إل.1.5.1" ستصبح الأكثر انتشارا في الأشهر المقبلة، لكنه يتوقع ألا تكون موجة العدوى مماثلة لتلك التي نتجت عن أوميكرون. ويراقب العلماء سلالة "ب أ. 2. 86" لأنها تحمل أكثر من 35 متحورا في أجزاء رئيسية من الفايروس مقارنة بسلالة "إكس ب ب. 1. 5" التي كانت الأكثر انتشارا خلال معظم فترات عام 2023.
◙ السلالة "إف إل.1.5.1" ستصبح أكثر انتشارا بالمستقبل لكن التوقعات تشير إلى أن موجة العدوى لن تكون مماثلة لتلك التي نتجت عن أوميكرون
وأثارت التغيرات الواضحة، المماثلة للتحول الجيني الذي ظهر في سلالة أوميكرون مقارنة بالسلالة السابقة دلتا، الخوف من إمكانية أن تسبب السلالة الجديدة زيادة كبيرة في الإصابات.
وتشير دراسات الدكتور دان باروتش، مدير مركز أبحاث الفايروسات واللقاحات في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي في بوسطن، إلى أن اللقاحات التي جرى تحديثها ستثير استجابات الأجسام المضادة "إلى حد ما" ضد كل السلالات المنتشرة في الوقت الراهن ومنها "ب أ. 2. 86".
وقالت شركة مودرنا إن بيانات سريرية أظهرت أن لقاحها المعدل المضاد لمرض كوفيد - 19 تسبب في توليد ما يقرب من تسعة أمثال الأجسام المضادة في أجساد البشر، وهي نسبة يمكنها تحييد السلالة.
وأعلنت شركة فايزر أن نسختها المحدثة من اللقاح المضاد لكوفيد - 19 نجحت في تحييد السلالتين "ب أ. 2. 86" و"إي جي. 5" في الدراسات التي أُجريت على الفئران. وتدرس إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية جرعات اللقاح المعدلة ومن المتوقع أن تكون متاحة هذا الشهر.