هل حقّا ممارسة الرياضة تساعد على خفض الوزن؟

أنظمة التمرين الخاضعة للإشراف تسهم في خفض الوزن حتى لو كانت الكمية متواضعة.
الأحد 2023/07/23
ممارسة المزيد من التمارين ليست ضرورية لخفض الوزن

كاليفورنيا (الولايات المتحدة) - يشمل أحد أكثر الأسباب التي تجعل الكثير من الناس يختارون ممارسة الرياضة، إنقاص الوزن. ويدرس دونالد إم. لامكين، أستاذ الطب النفسي وعلوم السلوك الحيوي في جامعة كاليفورنيا، الروابط بين السلوك والصحة ويلفت إلى النصيحة الشائعة التي تفيد بأن تناول كمية قليلة من الطعام وممارسة المزيد من التمارين ضروريان لخفض الوزن.

لكنّ نقاشا حديثا في المجتمع العلمي يسلط الضوء على التشكيك في الشطر الثاني من النصيحة (ممارسة المزيد من التمارين ضرورية لخفض الوزن).

وفي قلب الجدل تكمن فرضية إجمالي الطاقة المقيدة، والتي تؤكد أن التمرين الرياضي لن يساعد الشخص على حرق المزيد من السعرات الحرارية بشكل عام لأن الجسم سيعوض عن طريق حرق سعرات حرارية أقل بعد التمرين. وبالتالي، فإن التمارين الرياضية لن تساعد الشخص على إنقاص الوزن حتى لو كانت ستفيد صحته بطرق أخرى لا حصر لها.

ويتعامل باحثو السمنة مع هذه الفرضية، لأنها تستند إلى البحث القائم على الملاحظة بدلا من التجارب العشوائية المضبوطة.

وفي التجارب يتم تعيين المشاركين عشوائيا إما لمجموعة علاج أو لمجموعة تحكم، ما يسمح للباحثين بتحديد ما إذا كان العلاج يحدث تأثيرا. وأظهرت هذه التجارب أن التمارين تسهم في خفض الوزن.

ممارسة التمارين الهوائية لمدة 6 إلى 12 شهرا بعد اتباع نظام غذائي لم تمنع استعادة الوزن لدى البالغين

وفي الواقع يكون الحكم أكثر التباسا عند النظر في جميع الأدلة القياسية الذهبية المتاحة. وشدد مراقبو هذه الفرضية على أهمية المراجعة المنهجية للأدلة من جميع التجارب ذات المعايير الذهبية.

وأشاروا إلى أنه عام 2021 تمت مراجعة أكثر من 100 دراسة فحصت تأثير التمارين الهوائية أو رياضات التحمل أو التدريب المتقطع العالي الكثافة على خفض الوزن لدى البالغين.

وخلصت المراجعة إلى أن أنظمة التمرين الخاضعة للإشراف تسهم في خفض الوزن، حتى لو كانت الكمية متواضعة.

وإذا كان المجهود البدني الإضافي يحرق سعرات حرارية إضافية بشكل عام، فيجب أن تمنع التمارين الوزن من العودة إلى الزيادة بعد اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية. لكن الحفاظ على وزن منخفض بعد اتباع نظام غذائي يعد تحديا شائعا.

وتتضمن المراجعة نفسها لعام 2021 بعض التجارب ذات الشواهد التي تتناول مسألة ما إذا كان التمرين يسهّل الحفاظ على الوزن. ومع ذلك، لم تكن النتائج جيدة كما كانت لخفض الوزن.

ووجد الباحثون أن ممارسة التمارين الهوائية لمدة 6 إلى 12 شهرا أو رياضات التحمل أو كلتيهما بعد اتباع نظام غذائي لم تمنع استعادة الوزن لدى البالغين.

إذا لم تحافظ التمارين على الوزن، فربما تكون هناك حاجة إلى جرعة أكبر من التمارين

لكن ماذا عن الدأب والمثابرة والامتثال؟ هل كل الأشخاص يمارسون الرياضة بانتظام؟

وجدت مراجعة 2021 تجربة واحدة فقط حول الحفاظ على الوزن أبلغت عن معدل امتثال موضوعي، ما يعني أن كل جلسة تمرين كانت تحت إشراف مدرب. يخبرنا هذا عن النسبة المئوية للوقت الذي استغرقه المشاركون في الدراسة بالفعل على النحو المنصوص عليه.

وفي تلك التجربة كان معدل الامتثال 64 في المئة فقط لـ 25 امرأة بعد سن اليأس أكملن برنامج تدريب التحمل بعد فقدان الوزن الناتج عن النظام الغذائي.

وكان هذا من أجل نظام كان على المشاركين فيه الحضور وممارسة الرياضة مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع لمدة عام كامل. ومن منظور مواكبة البرنامج لفترة طويلة، فإن القيام بذلك بنسبة 64 في المئة من الوقت لا يبدو سيئا للغاية. لكنهن مازلن يكتسبن نفس الوزن الذي اكتسبته النساء الـ29 في المجموعة الضابطة اللواتي لم يتم تسجيلهن في برنامج التمرين.

وقد يقول الكثير من الناس إن الأمر كله يتعلق بموازنة الطاقة من الغذاء وممارسة الرياضة. وإذا لم تحافظ التمارين على الوزن، فربما تكون هناك حاجة إلى جرعة أكبر من التمارين.

وسلطت الكلية الأميركية للطب الرياضي الضوء على هذه المسألة المتعلقة بجرعة التمرين في تبيان موقفها لعام 2009 بشأن النشاط البدني للحفاظ على الوزن، مشيرة إلى أن مقدار النشاط البدني اللازم للحفاظ على الوزن بعد فقدانه غير مؤكد. وذكرت أن هناك نقصا في التجارب التي تستخدم أحدث التقنيات لمراقبة توازن الطاقة لدى المشاركين.

وذهب بعض معدي بيان الموقف إلى استخدام أحدث التقنيات لمراقبة توازن الطاقة في تجربتهم. وفي عام 2015 قاموا بتسجيل البالغين الذين يعانون من زيادة الوزن في برنامج تمارين الأيروبيك لمدة 10 أشهر وقارنوا استهلاك الطاقة لأولئك الذين فقدوا الوزن مع استهلاك الطاقة لأولئك الذين لم يفقدوا الوزن أثناء البرنامج. ووجدوا أن أولئك الذين لم يفقدوا الوزن كانوا يأخذون بالفعل سعرات حرارية أكثر.

إذا كان الشخص يريد أن يفقد قدرا متواضعا من الوزن، فقد يقدم روتين تمرين جديد مساهمة متواضعة في تحقيق هذا الهدف

وهناك شيء آخر مثير للاهتمام في قياسات الطاقة في دراسة 2015. ففي نهاية الدراسة لم يكن عدد إجمالي السعرات الحرارية اليومية التي أحرقها المتمرنون مختلفا بشكل كبير عما أحرقه غير المتمرنين. وكان هذا على الرغم من حقيقة أن المدربين تحققوا من أن المتمرنين قد حرقوا 400 إلى 600 سعرة حرارية إضافية لكل جلسة من جلسات التمرين اليومية تقريبا.

لماذا لم تظهر تلك السعرات الحرارية الإضافية في إجمالي السعرات الحرارية التي يتم حرقها يوميا؟

قد تسهم الإجابة عن هذا السؤال في تفسير سبب عدم مساعدة التمارين الرياضية دائما في الحفاظ على الوزن: يستجيب التمثيل الغذائي لممارسة التمارين الرياضية بانتظام عن طريق تقليل عدد السعرات الحرارية التي تحرقها عندما لا تمارس الرياضة. وهذا وفقا لفرضية إجمالي إنفاق الطاقة المقيدة التي حفزت النقاش الحالي.

واختبر الباحثون الفرضية مؤخرا من خلال قياس حرق السعرات الحرارية دون ممارسة الرياضة لـ29 من البالغين البدناء على مدار 24 ساعة تقريبا، قبل وبعد برنامج تمرين مدته ستة أشهر.

ووجدوا أن السعرات الحرارية التي أحرقوها عندما لم يكونوا يمارسون التمارين انخفضت بعد شهور من التمارين المنتظمة، ولكن فقط عند أولئك الذين وصفوا أعلى جرعتين مختلفتين من التمارين. ولم يلاحظ أولئك الذين مارسوا التمارين بجرعة أقل، ما يعني أنهم يحرقون 800 إلى 1000 سعرة حرارية إضافية في الأسبوع، أي تغيير في معدل الأيض لديهم.

لكن أولئك الذين مارسوا التمارين بجرعة أعلى لإنقاص الوزن أو الحفاظ على فقدان الوزن، ما يعني أنهم يحرقون 2000 إلى 2500 سعرة حرارية إضافية في الأسبوع، انخفض معدل الأيض لديهم في نهاية الدراسة.

ربما كلا الجانبين من النقاش على حق. إذا كان الشخص يريد أن يفقد قدرا متواضعا من الوزن، فقد يقدم روتين تمرين جديد مساهمة متواضعة في تحقيق هذا الهدف.

ومع ذلك، كما قال آخرون، لا تخدع نفسك بالاعتقاد أنه يمكنك “تجاوز نظام غذائي سيء” بمجرد ممارسة المزيد من التمارين.

14