هل حان موعد استبدال بلاسخارت في العراق

يبدو أن البعض ممن كان يرى دورها سلبياً وبغير المستوى المطلوب كممثلة أممية للمنظمة الدولية في العراق سيغمره الارتياح والغبطة وهو يسمع أن أيامها في العراق باتت معدودة.
بعد ما يقارب من خمسة أعوام من عملها، جينين بلاسخارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستغادر منصبها.
لا تكاد تخلو أحاديث غرف السياسة من القرار الذي اتُخذ خصوصاً بعد وصول رسائل سياسية من دول الاتحاد الأوروبي التي قررت الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استبدال ممثلته في بغداد جينين بلاسخارت بمندوب دولي آخر.
الفشل الأممي عن طريق مبعوثته قاد إلى المزيد من الهفوات ليصبح مثل كرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت
اعتراف جاء متأخرا بأن بلاسخارت لم تعد قادرة على العمل بحيادية في العراق بما تتطلبه إرادة المجتمع الدولي وبما تفرضه متطلبات المكونات العراقية والكتل السياسية والاجتماعية في العراق.
بلاسخارت كانت في نظر جميع الذين جلست معهم جزءاً من المشكلة وليس الحل، حتى ظن البعض أن طول الفترة الزمنية التي مارست فيها عملها في بغداد أفقدها الحيادية في العمل وأسباب سياسية قد سارعت في موعد رحيلها.
زيارتها الأخيرة إلى طهران والتي اعتُبرت تجاوزاً على كل الأعراف الدبلوماسية ومحاولة لفرض أجندتها على الوضع العراقي واللقاء الذي جمعها مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان للتباحث في الوضع العراقي وتصريحها بأن الدور الإيراني في العراق كان “بنّاءً” وكذلك موقفها غير الواضح من قضية رجل الدين المسيحي الكاردينال لويس ساكو الذي استقر في أربيل بعد هروبه من بغداد، أسباب قد تكون عجّلت من مغادرتها منصبها.
تنقّلت بلاسخارت بين المتظاهرين بـ”التوك توك” أثناء انتفاضة تشرين، وفي نفس الوقت جالست قادة ميليشيات وأمراء حرب وأصبحت من المقربين لسياسيين فاسدين في إيحاء واضح إلى تحيزها لطرف دون الآخر، أو محاولتها إرضاء جميع الأطراف لكسب ودهم حيث وصل التواطؤ إلى عجزها عن الضغط على الحكومة العراقية للكشف عن الطرف الثالث الذي كان يقتل المتظاهرين!
ويبدو أن قرار استبدال ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في بغداد سيكون مسألة وقت لا أكثر، حسب توقعات بعض المصادر القريبة من دوائر صُنع القرار في المنطقة الخضراء.
يبدو أن قرار استبدال ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في بغداد سيكون مسألة وقت لا أكثر
الحديث عن توقيت استبدال بلاسخارت يتزامن مع تحركات أميركية على الشريط الحدودي مع سوريا غرب الأنبار في خطة تهدف إلى ربط منفذ التنف السوري بمنفذ ربيعة على الشريط الحدودي مع الجارة سوريا، وتأمين هذه المناطق بشكل عام من خلال إبعاد الحشد الشعبي عن تلك المناطق في خطوة تهدف بها أميركا إلى عزل سوريا عن العراق وإحكام السيطرة على المنافذ الحدودية وإدخال ما يقارب 3000 جندي أميركي إلى قاعدة عين الأسد، مقدمات قد تفضي إلى عمل ما يكون في الداخل العراقي.
هل اقتربت ساعة الحساب الأميركي لبعض الفصائل المسلحة؟ ربما يحدث ذلك خصوصاً مع تغاضي طهران عن بعض التزاماتها إزاء وكلائها وأذرعها في المنطقة لصالح مكاسب مالية حيث تنازلت لها واشنطن عن مليارات من الدولارات والتي سيكون ضرب هذه الميليشيات “عربون” إيران لأميركا.
سلاح الميليشيات المنفلت الذي يخشى محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي من تهديده لحكومته، خصوصاً مع تصاعد نبرة بعض الفصائل بمهاجمة المصالح الأميركية التي التزم السوداني دستورياً وقانونياً بحمايتها، حيث كان محور النقاش الذي عُقد مؤخراً في واشنطن برئاسة وزير الدفاع العراقي ونائب وزير الدفاع الأميركي كما أعلن عن ذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في تصريح على هامش زيارة الوفد العراقي إلى مبنى وزارة الخارجية الأميركية.
بالمحصلة، الفشل الأممي عن طريق مبعوثته قاد إلى المزيد من الهفوات ليصبح مثل كرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت.
جينين بلاسخارت فشلت في مهمتها بالعراق وحان الوقت لتغييرها، هي الرسالة التي وصلت إلى صُنّاع القرار في بغداد، ويبدو من لعبة الشطرنج التي يلعبها اللاعبون على الأرض العراقية أنه ستكون هناك مفاجآت وأحداث ساخنة لا تقل سخونة عن صيف العراقيين الملتهب.