هل تعاونت هيئة تحرير الشام مع واشنطن لتصفية زعيم داعش

أي علاقة للولايات المتحدة بجماعة جهادية كانت بالأمس القريب مرتبطة بتنظيم القاعدة؟
الثلاثاء 2022/02/08
إدارة بايدن تمتنع عن توضيح علاقتها بهيئة تحرير الشام

 دمشق - يُثير إعلان الولايات المتحدة عن تصفية زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في محافظة إدلب السورية الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) تساؤلات عما إذا كانت العملية الأميركية قد تمت بعد تعاون من الهيئة.

ويقول العراق إنها هي من زودت الجيش الأميركي بمعلومات عن أمير داعش أبوإبراهيم الهاشمي القرشي في بلدة أطمة، غير أن المحافظة تخضع لسيطرة هيئة تحرير الشام ما يشكل مدعاة للتساؤل عن طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة والهيئة التي يعد رئيسها أبومحمد الجولاني على قوائم الإرهاب.

وأفادت بعض التقارير الصحافية بأن هيئة تحرير الشام قامت قبيل تنفيذ العملية العسكرية، التي أودت بحياة خليفة أبوبكر البغدادي في قيادة داعش، بغلق الطرق المؤدية إلى مكان إقامة القرشي في بلدة أطمة وهو ما يعزز الشكوك بشأن تعاون محتمل بينها وبين الولايات المتحدة.

وفيما سيُصور الإنجاز على أنه نصر خارجي للرئيس الأميركي جو بايدن، في وقت حساس يتسم بتزايد المعارضة الداخلية له خاصة على خلفية تصاعد الأزمة الأوكرانية – الروسية، فإن هناك المزيد من المعطيات التي تشي بأن هيئة تحرير الشام تتعاون مع الولايات المتحدة وهو ما يضع الأخيرة موضع مساءلة؛ أي علاقة لها بجماعة جهادية كانت بالأمس القريب مرتبطة بتنظيم القاعدة؟

ويقول هارون زيلين، وهو زميل بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى “لتسليط الضوء على نوايا وقدرات هيئة تحرير الشام التي تدير محافظة إدلب، يجب على إدارة بايدن توضيح علاقاتها مع الهيئة، بما في ذلك أي تعاون في مجال مكافحة الإرهاب”.

هارون زيلين: على إدارة بايدن توضيح علاقاتها مع هيئة تحرير الشام

وعلى نحو منفصل، أسفرت الهجمات الأميركية بالطائرات المسيرة عن مقتل عدد من شخصيات تنظيم القاعدة في محافظة إدلب منذ عام 2015.

ويعتقد العديد من أنصار التنظيم أن هذه الهجمات تحققت بفضل تزويد هيئة تحرير الشام معلومات استخبارية إلى تركيا والولايات المتحدة. ورغم عدم بروز أي دليل علني على هذه الاتهامات، إلا أن الأدلة الظرفية تشير إلى أنه قد يكون هناك بعض الحقيقة في ذلك.

وتشير تصريحات أميركية إلى اتصالات جرت بين الهيئة وواشنطن دون توضيح ما إذا كان هناك تعاون للحصول على معلومات استخبارية بشأن عناصر داعش أو غيرها حيث كشف المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري في مقابلة ضمن برنامج “فرونت لاين” في أواخر ربيع 2021 عن أنه تواصل مع الجماعة عبر “قنوات خلفية” أثناء خدمته في وزارة الخارجية خلال عهدة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

كما أشار إلى أن واشنطن أوقفت استهداف الجولاني في أغسطس 2018. ومن وجهة نظره، كانت هيئة تحرير الشام بمثابة “أقلّ الخيارات سوءا في إدلب، التي هي من أهم الأماكن في سوريا، وأصبحت من أهم الأماكن الآن في الشرق الأوسط”.

وفي المقابل، لا يزال التكتم يخيم على إدارة بايدن بشأن أي علاقة أو تواصل محتمل مع هيئة تحرير الشام أو سياساتها على الأقل تجاهها.

ويثير التعاون المحتمل بين هيئة تحرير الشام والولايات المتحدة تساؤلات عن المقابل، فبينما من الواضح أن الرئيس الأميركي سيستفيد مباشرة من هذا التعاون خاصة مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في وقت يكافح فيه بايدن للتقليل من حدة الانتقادات، فإن مقابل الخدمات التي تقدمها الهيئة يبقى مجهولا.

وفي ظل تكتم إدارة بايدن فإن المقابل لهيئة تحرير الشام سيتمحور أساسا حول المساعدة في إخراج زعيمها الجولاني من قائمة الإرهاب، وقد يشمل أيضا دعمها بأن تكون طرفا من أطراف التسوية السياسية النهائية في سوريا وهو ما لم يتردد في طلبه سابقا الجولاني نفسه.

وتعمل هيئة تحرير الشام منذ فترة على تشكيل هوية جديدة للحركة تضعها في قلب المعادلات السياسية المستقبلية بوصفها حركة معارضة وفصيل تحرر وطني يحارب الاحتلالين الإيراني والروسي، علاوة على نيل رضا الولايات المتحدة والقوى الغربية من منطلق تخليها عن عقيدة الجهاد العابر للحدود ومعاداة الغرب وتعاونها في مجهودات تقويض الفصائل التي لا تزال تعتنق تلك الأفكار.

وقال زيلين “خلال الفترة المقبلة، سيكون من المفيد أن توضح الحكومة الأميركية علاقاتها (أو عدمها) مع هيئة تحرير الشام وأن تعلن ما إذا كانت تنظر إلى الجماعة على أنها شريك في مكافحة الإرهاب، بغض النظر عن مدى تشوّه صورتها كوحدة سابقة تابعة لتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة ومعروفة بارتكابها انتهاكات في مجال حقوق الإنسان خلال الحرب في سوريا. وإذا لم تكن للجماعة أي علاقة في الغارة على القرشي، فستُطرح أسئلة رئيسية حول مدى كفاءة أجهزتها الأمنية نظرا إلى اتخاذ زعيمين متتاليين لتنظيم الدولة الإسلامية مقرا لهما في أراضيها”. 

7