هل تستنسخ إسرائيل عملية جنين ضد مدن أخرى في الضفة

تخوفات إسرائيلية من انتقال نموذج المقاومة في مخيم جنين إلى غيره من المخيمات والمدن الفلسطينية.
الجمعة 2023/07/07
كل السيناريوهات واردة

يجمع مراقبون أن العملية الإسرائيلية في جنين لن تؤسس لهدوء طول الأمد، فيما تشير تقارير إعلامية للدولة العبرية إلى وجود مخاوف حقيقية من استنساخ الفصائل المسلحة لنموذج المقاومة في جنين في مناطق فلسطينية أخرى بالضفة الغربية.

رام الله - يرجّح محللون سياسيون فلسطينيون إمكانية تغيير إسرائيل لسياستها في التعامل مع مجموعات “المقاومة المسلحة” في الضفة الغربية، من خلال تكرار عملية جنين في مدن أخرى أو إدخال تكتيكات وأدوات عسكرية جديدة.

وقال المحللون إن “عملية جنين العسكرية المركزة والمكثفة قد تصبح آلية عمل جديدة في الضفة كونها قصيرة المدى ومحدود التكلفة بالنسبة إلى إسرائيل”. فيما رأى آخرون أنه من الممكن أن “تعود إسرائيل إلى تكتيكها القديم المعتمد على الاقتحام السريع للمدن الفلسطينية مع إدخال سلاح الطائرات المسيّرة لتنفيذ عمليات اغتيال خاطفة ومباغتة”.

وأرجع بعضهم تغيير هذه السياسة إلى عدة عوامل “مرتبطة بتطور أساليب المقاومة وأسلحتها في الضفة، فضلا عن تقدير إسرائيل بأن الاكتفاء بالعمليات الموضعية فقط بات محدود الجدوى، وهو ما يلزمه نمط عمليات موسعة متعددة الأبعاد يدمج قطع برية وجوية مع البعد الاستخباراتي”.

ألية جديدة

وديع أبونصار: عملية جنين قد تتحول إلى طريقة عمل جديدة ضد المقاومة
وديع أبونصار: عملية جنين قد تتحول إلى طريقة عمل جديدة ضد المقاومة

الاثنين، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية واسعة في مدينة جنين ومخيمها بداعي ملاحقة مسلحين، استمرت لنحو 48 ساعة، وأسفرت عن مقتل 12 فلسطينيًا وإصابة نحو 120 آخرين بينهم 20 في حالة حرجة.

وبحسب مصادر إسرائيلية، فقد شارك في هذه العملية نحو ألف جندي إسرائيلي وعشرات الآليات العسكرية والطائرات المروحية والمسيّرة.

وقالت مجموعات مسلحة في جنين، في بيانات، إنها نفذت “عمليات هجومية وكمائن وخاضت اشتباكات مع القوات المقتحمة”.

يعتقد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية وديع أبونصار أن عملية جنين قد تتحول إلى ”طريقة عمل جديدة ضد المقاومة في الضفة”.

وقال أبونصار “قد تعتمد إسرائيل في المرحلة المقبلة على خلق آلية جديدة من الاقتحام الواسع والمركز وقصير الوقت، سواء في عمق الضفة أو في جنين”.

وأوضح أن إسرائيل تفضل هذه العمليات “كونها تدرك أن العملية ذات الأمد الطويل من الممكن أن تعقد الأمور في شقين، الأول مرتبط بوقوع خسائر كبيرة في صفوف الجيش أو المدنيين الفلسطينيين ما يضع إسرائيل في حرج أمام المجتمع الدولي، وأما الثاني فهو متعلق بإمكانية أن تساهم العملية طويلة الأمد في توحيد الساحات الفلسطينية والعربية ضد إسرائيل، وهو ما لا تريده الأخيرة”.

وتأتي التوقعات بهذا التغير وسط تخوفات إسرائيلية من “انتقال نموذج المقاومة في مخيم جنين إلى غيره من المخيمات والمدن الفلسطينية”.

وقال أبونصار “استعمال وسائل قتالية تم تطويرها ميدانيا في جنين تطور مهم في أداء المقاومة، كما أن المنخرطين في صفوفها هم بضعة عشرات من الشباب في مقتبل العمر غير مدربين عسكريا لكن لديهم معنويات عالية”.

إسرائيل باتت تتعامل مع الضفة كجبهة عسكرية يمكن ضربها بالطائرات
إسرائيل باتت تتعامل مع الضفة كجبهة عسكرية يمكن ضربها بالطائرات

وأضاف “المعنويات العالية والقدرات على تطوير أسلحة يدل على استعداد للتضحية وهذا ينتقل بدوره إلى مناطق أخرى في الضفة وشاهدنا قبل شهر الصاروخ الذي تم اكتشافه قرب بيت حنينا وهو نموذج لهذه التخوفات”.

ولفت إلى أن “غضب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال ينفجر كل فترة بطرق لا تجيد إسرائيل إدراكها”.

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم مع وديع أبونصار حول إمكانية تكرار إسرائيل لنمط العملية المركزة وقصيرة المدى في مدن أخرى خلال المرحلة المقبلة.

ويقول إبراهيم “السيناريو قائم حيث تقول إسرائيل إنها حققت أهدافا في جنين كالقضاء على بؤر المقاومة والمسلحين، ومتوقع استخدامه في المرحلة المقبلة”.

ويعتقد إبراهيم أن تعميم هذه الآلية ترتبط بقدرة الفلسطينيين على المقاومة “بحيث قد تصبح المدة الزمنية القصيرة مكلفة بالنسبة إلى إسرائيل”.

وأضاف “مثلا من الممكن سقوط عدد من الجنود، أو فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل سواء في فلسطين أو خارجها، هذا ما تحدده طبيعة المواجهة”.

ومع انعدام الحل السياسي للقضية، يعتقد إبراهيم أن إسرائيل “ستواصل تشديد قبضتها الأمنية على الضفة كونه الخيار الوحيد أمامها”.

ويشير إلى أن إسرائيل تحاول “خلق تكتيكات جديدة للوصول إلى المقاومين، إمّا بعمليات اقتحام قصيرة، أو باستخدام الطائرات المروحية التي أدخلتها للخدمة في الضفة لأول مرة منذ أكثر من 20 عاما في شهر يونيو الماضي”.

الطائرات المسيّرة

Thumbnail

يعتقد الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض أن إسرائيل ستعتمد خلال الفترة المقبلة في مواجهتها للمقاومة بالضفة على “الطائرات المسيّرة إلى جانب الاقتحامات السريعة”.

ويقول عوض “إسرائيل ستعود إلى التكتيك القديم وهو الاقتحامات السريعة التي تمتد لساعات قليلة، مع إدخال تكتيك الطائرات المسيّرة”.

وأرجع ذلك إلى “إمكانية الوصول إلى الأشخاص المطلوبين من خلال هذه المسيّرات بطريقة أسهل من الاقتحامات”.

كما أن هذه المسيّرات لا تحتاج “إلى قوات برية كبيرة على أرض الميدان فتكون المعركة حينها دون أضرار كبيرة وقد تحقق الهدف”.

وأضاف “اقتحام جنين لمدة يومين أحرج الجيش لأنه لم ينجح في تحقيق أهدافه ولم يحصل على صورة نصر”.

ويشير عوض إلى أن فكرة “الاقتحامات والوقوف داخل المدن والمخيمات باتت محرجة ومكلفة لإسرائيل ويمكن تجاوزها باستخدام المسيّرات”.

ولفت إلى أن إسرائيل باتت تتعامل مع الضفة “كجبهة عسكرية يمكن ضربها بالطائرات، الأمر الذي سيدفع المقاومين لتطوير أساليبهم في التخفي والتحرك”.

أحمد رفيق عوض: إسرائيل ستعود إلى التكتيك القديم وهو الاقتحامات السريعة
أحمد رفيق عوض: إسرائيل ستعود إلى التكتيك القديم وهو الاقتحامات السريعة

ويقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إن العملية العسكرية في جنين “كانت واسعة وغير بسيطة النتائج من تدمير للبنى التحتية وتهجير السكان”.

وأضاف عوكل “العملية كانت قصيرة المدى وذلك لخوف إسرائيل من أن يتسبب المزيد من الوقت بانفجار الوضع على نطاق واسع، وخشيتها من مقتل عدد من جنودها”.

وأوضح أن إسرائيل “تحاول دائما القضاء على أيّ مقاومة للفلسطينيين في الضفة باستخدام وسائل وتكتيكات وأدوات مختلفة استخدمتها سابقا”.

كما تخشى إسرائيل، وفق عوكل، من تكرار نموذج المقاومة في جنين “وانتشاره إلى مدن أخرى في الضفة خاصة بعد أن ساهمت كتيبة جنين (تابعة لسرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي) بظهور عدد من المسلحين في مدن أخرى حيث أصبحت إسرائيل أمام ظاهرة المقاومة هناك”.

الدوافع الإسرائيلية

يقول المحلل السياسي أسامة محمد إن إسرائيل تسعى لتغيير نمط عملياتها في الضفة كي “تتلاءم مع طبيعة التهديدات الجديدة ومستوياتها وأشكالها”.

وأضاف “هذا التغيير اقتضى الانتقال من أسلوب العمليات الموضعية ضد أفراد المقاومة، إلى العمليات الموسعة”.

وأرجع محمد هذا التغيير إلى عدة عوامل أبرزها “تطور الفعل المقاوم من الفردي إلى الجماعي والمنظم، وهو تهديد من شأنه أن يتطور ويسمح للفصائل أن تعيد تشكيل بنيتها العسكرية، ومن ثم تنظم أنشطة أكثر خطورة ضد الجيش والمستوطنات”.

وأضاف “يخلق المسلحون مناطق آمنة لهم في المدن والمخيمات تمكنهم من الاحتماء فيها واتخاذها كمحطات عمل وإقامة، بما يفقد الجيش حرية العمل فيها بسهولة”.

إلى جانب ذلك فإن “نجاح المسلحين في الضفة بتطوير بعض الأسلحة الجديدة واستخدامها ضد الجيش، على الرغم من أنها بدائية ومحلية التصنيع كالعبوات الناسفة والمقذوفات الصاروخية الصغيرة، شكّل عاملا آخرا لتغيير هذه السياسة”.

6