هل تستحق لذة الطعام عناء السفر إلى أقصى العالم؟

هيئة السياحة في غرينلاند تأمل في أن يساهم المطعم في جذب السياح المهتمين بفن الطهي والمطابخ، إلى جانب المغامرين.
الثلاثاء 2022/07/26
بقاع محدودة جدا

يبدو أن الغرائبي والمختلف هو ما يثير عشاق الطعام ويدفعهم إلى المغامرة والسفر إلى مطعم ناء خلف الجبال الجليدية في غرينلاند لا يمكن الوصول إليه إلا بالمروحية أو القارب لتذوق أطباق لا تتكرر في أي بقعة من الأرض.

إيليماناك (الدنمارك) - لا يمكن لزائر مطعم الطاهي الحائز نجمة ميشلان بول أندرياس زيسكا أن يصل إلى وجهته إلا عبر قارب أو مروحية، لكنّ صاحب المطعم الواقع في غرينلاند النائية يأمل في أن تستحق زيارته اجتياز هذه المسافة.

وفي منتصف يونيو الماضي نقل الطاهي البالغ من العمر ثلاثين سنة مطعمه “كوكس” من جزر فارو، متخلياً عن موقع يسهل الوصول إليه نسبياً، إلى إيليميناك؛ وهي منطقة صغيرة تضم 50 شخصاً وتقع خلف الجبال الجليدية على خط العرض 69 شمالاً.

وأُنشئ المطعم في منزل خشبي أسود وضيق، وهو أحد أقدم المنازل في غرينلاند، ولا يستوعب سوى 20 شخصاً لكل خدمة، فيما يستخدم في أطباقه المنتجات المحلية بما فيها الحيتان والأعشاب البحرية، بالإضافة إلى منتجات طازجة يكاد يكون من المستحيل العثور عليها في منطقة يسودها مناخ قاس.

ويقول الطاهي الملتحي ذو الشعر الأشعث “نحاول التركيز على أكبر كمية ممكنة من المنتجات الخاصة بغرينلاند، لذلك كل المكونات من هذه المنطقة بدءاً من سمك الهلبوت وصولاً إلى سرطان كيونويسيتيز وثور المسك وطيور الترمجان، بالإضافة إلى عدة أنواع من الأعشاب والتوت”.

وكان الطاهي الشاب يدير سابقاً “كوكس” من جزر فارو النائية التي يتحدر منها وحصل فيها على أول نجمة ميشلان سنة 2017 ثم على النجمة الثانية عام 2019، إلى جانب لقب المطعم المتوّج بنجوم ميشلان الأكثر عزلة في العالم.

Thumbnail

وفيما يخطط للعودة إلى جزر فارو والإقامة فيها بشكل دائم يشير إلى رغبته الجامحة في توسيع عمله نحو منطقة أخرى في أقصى شمال الأرض، كأيسلندا أو غرينلاند أو سفالبارد. واختار لهذا الهدف إيليماناك التي تقع على بعد ساعة بالقارب من إيلوليسات، وهي ثالثة كبرى مدن غرينلاند وتشتهر بنهرها الجليدي الضخم.

ويقول من مطبخه المثبّت داخل مقطورة خارج المنزل، إلى جانب مساحة مخصصة لتناول الطعام، “رأينا أن تقديم الطعام بطريقة مختلفة قبل أن نعود إلى مطعمنا الأساسي خطوة أكثر ملاءمة وأكثر متعة”. وتشمل قائمة التذوّق 20 طبقاً يستطيع الزبون التمتع بها مقابل نحو 2100 كرونة (280 دولاراً)، ولا يشمل هذا المبلغ المشروبات.

ويقول ديفيد غوالاندريس، وهو أحد زوار المطعم، إنّ “قائمة الأطباق مذهلة إذ تأخذك إلى أقصى الشمال، من قضمات الحيتان إلى النبيذ ومن الأسماك الطازجة والمحار إلى الحلويات المحضرة بعناية، فكل ما يقدمه المطعم مليء بالنكهات”. ورغم أنّ لحم الحيتان يشكل الغذاء الأساسي في غرينلاند وجزر فارو، فإنّ صيدها محظور في معظم أنحاء العالم ويدعو معارضوه إلى وضع حدّ له.

وإيليماناك التي تشكل موقعاً غريباً لمطعم راقٍ تمثل موطناً لمجتمع صغير يعيش أبناؤه في منازل خشبية خلابة بجوار مسارات للمشي وفندق فخم، ما يجعل المطعم محطة استراحة مثالية للسياح الأثرياء الذين يرغبون في استكشاف مناطق جديدة.

ويرى زيسكا أنّ الزبائن مختلفون في غرينلاند. ويقول “هنالك سياح كثيرون يطمحون إلى زيارة غرينلاند كأولوية ثم ارتياد المطعم بالمناسبة”، مضيفاً أن “السياح في جزر فارو كانوا يهتمون أساسا بزيارة المطعم ثم التجوّل طبعاً في الجزر”.

وتأمل هيئة السياحة في غرينلاند أن يساهم المطعم في جذب السياح المهتمين بفن الطهي والمطابخ، إلى جانب المغامرين الذين سبق أن جذبتهم المناظر الطبيعية الخلابة في القطب الشمالي.

وقال هيورتور سماراسون، وهو مدير “فيزيت غرينلاد”، عند الإعلان عن افتتاح “كوكس” في غرينلاند إنّ “المزيج الفريد لفن الطهي عالي المستوى والاستدامة الكامنة في مطبخ شمال الأطلسي وطبيعة خليج ديسكو وموارده المميزة تطال حواسنا كلها”.

وبينما كانت غرينلاند (جزيرة في القطب الشمالي تبلغ مساحتها تسعة أضعاف مساحة المملكة المتحدة) وجهة سياحية منسية استقبلت سنة 2019 مئة ألف سائح، أي نحو ضعف عدد سكانها، قبل أن تنخفض هذه الأعداد بسبب جائحة كورونا. ويشير سماراسون إلى أنّ وجود مطعم “كوكس” في المنطقة “هو بالضبط ما نسعى إليه في جهودنا الرامية إلى استقطاب نوع مميز من السياح”.

Thumbnail
Thumbnail
20