هل تجدد الطاقة الخلافات بين السعودية والولايات المتحدة

قرارات "أوبك+" قد تزيد احتمالية فشل بايدن في الانتخابات النصفية.
الجمعة 2022/10/07
قرار "أوبك+" قد يؤجج الخلافات

جاء قرار “أوبك+” وما تلاه من تصريحات للرئيس الأميركي جو بايدن ليثير المخاوف من تجدد الخلافات بين الولايات المتحدة والسعودية على خلفية ملف الطاقة، الذي يكشف أن الرياض تبتعد تدريجيا عن واشنطن وباتت منحازة إلى مصالحها وباحثة عن تنويع شراكاتها بعد أن أدركت أن الرهان على واشنطن خاسر.

واشنطن - جاء قرار “أوبك+” بخفض إمدادات النفط الخام ليثير شكوكا حول احتمال أن تكون لذلك تداعيات على علاقات المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة.

وأبدى الرئيس الأميركي جو بايدن، خيبة أمله من قرار تحالف “أوبك+”، القاضي بخفض إمدادات النفط الخام بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر المقبل. وقال الخميس إنه يدرس “الخيارات المتاحة” للتعاطي مع القرار والرد عليه، واصفا القرار بأنه قصير النظر، ونافيا أن تكون زيارته الأخيرة إلى السعودية قد خصصت للحديث في ملف الطاقة.

وقال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن سيواصل تقييم ما إذا كان سيتم سحب المزيد من مخزونات النفط الإستراتيجية لخفض الأسعار.

واتهمت واشنطن “أوبك+” بالانحياز إلى روسيا، حيث قالت متحدثة البيت الأبيض كارين جان بيير للصحافيين “من الواضح أن “أوبك+” ينحاز إلى جانب روسيا”.

الخلاف على الطاقة بين واشنطن والرياض ليس حديث العهد بل هو مصدر التوتر الأكبر بين البلدين

وأضافت المتحدثة أن “حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، وبالتالي فإن القرار سيؤثر سلباً على البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل”.

وليست هذه المرة الأولى التي يعترض فيها بايدن على قرارات تحالف “أوبك+” بقيادة السعودية، في وقت عانت فيه السوق الأميركية من ارتفاعات في أسعار الوقود.

والأسبوع الجاري، صعدت أسعار البنزين في السوق الأميركية بمقدار 60 سنتا للغالون، إلى متوسط 4.9 دولار، وذلك قبيل شهر واحد من انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة.

وتعد السعودية أبرز المنتجين للنفط من بين الدول الأعضاء بتحالف “أوبك+” المؤلف من 23 عضوا. ولعبت الأزمة المندلعة في أوكرانيا منذ فبراير الماضي دورا أساسيا في إدراك القوى الدولية ولاسيما الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الحاجة الماسة إلى السعودية، ومن خلفها دول الخليج، لاسيما على مستوى خلق التوازن في أسواق الطاقة العالمية.

والخلاف على الطاقة بين واشنطن والرياض ليس حديث العهد بل هو مصدر التوتر الأكبر بين البلدين، منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي اعترض في عشر مناسبات على قرارات تحالف “أوبك+”.

واستمرت الخلافات في عهد الرئيس الحالي جو بايدن، الأمر الذي قد تكون له انعكاسات على مجالات تحالف أخرى بين البلدين، خاصة وأن المملكة كانت حتى وقت قريب، أكبر حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.

وخلال السنوات القليلة الماضية، لم تجد السعودية ومن خلفها الإمارات العربية المتحدة، الدعم الأميركي اللازم تجاه هجمات جماعة الحوثي المدعومة من إيران، والتي طالت عمق البلدين عبر هجمات بطائرات مسيرة واستهدفت أمن الطاقة الإقليمي عبر ضرب منشآت كبرى للطاقة مثل أرامكو السعودية.

نفط

كذلك، ترى المملكة ودول الخليج المنتجة للنفط، أن واشنطن تبحث عن دور المتحكم الأول في سوق النفط العالمية، وبالتالي فإن قرار الغرب ومجموعة السبع، بتحديد سقف لأسعار النفط الروسي، قد تتبعه خطوات مماثلة على بقية المنتجين، وهي إحدى أبرز مخاوف المنتجين.

وللسعودية وزن كبير في سوق النفط العالمية، فهي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، بمتوسط يومي يبلغ 11 مليون برميل، وقدرة فورية على زيادة الإنتاج حتى 12.3 مليون برميل يوميا.

كذلك، السعودية هي أكبر مصدّر للنفط في العالم، بمتوسط يومي 7.3 مليون برميل في الظروف الطبيعية، وقدرة فورية على رفع الصادرات فوق 8 ملايين برميل.

ويبدو أن انتقادات الإدارة الأميركية للسعودية، كقائد فعلي لتحالف “أوبك+” ستتواصل، في وقت يشن فيه الديمقراطيون في الولايات المتحدة هجوما على شركات الطاقة، متهمين إياها بالتسبب في زيادات أسعار النفط.

ويطمح الديمقراطيون إلى تجنب أي زيادات على الأسعار، لعلمهم أنها ستؤثر على قرار الناخب داخل صناديق الاقتراع، لصالح الجمهوريين في الانتخابات الجزئية المقبلة.

وكشف استطلاع للرأي نشرته مؤسسة رويترز/ إبسوس أن شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن انخفضت هذا الأسبوع لتقترب من أدنى مستوياتها خلال فترة رئاسته، مع بقاء خمسة أسابيع فقط على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الثامن من نوفمبر المقبل، ولا شك أن ملف الطاقة هو من أكثر الملفات تأثيرا في مواقف الناخبين الأميركيين.

وبدى الهجوم على السعودية والتحالف واضحا في المؤتمر الصحافي الأربعاء، الذي عقد بقيادة وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إذ اعتبرت وسائل إعلام غربية، منها تلفزيون “سي أن بي سي” أن “قرار التحالف يحمل دعما لروسيا، ومصدر عبء جديد على التضخم العالمي، ويستخدم كورقة سياسية”، وهو ما نفته الرياض.

ويعكس هذا الهجوم بدرجة أو بأخرى فشل الدبلوماسية الاقتصادية الأميركية مع الخارج وخاصة دول الخليج العربي، إذ لم تشفع زيارة بايدن إلى المنطقة في تعديل الإنتاج صعودا بما يلبي رغبة الأميركيين.

وفي تحليل صباح الخميس لصحيفة “نيويورك تايمز”، اعتبرت أنه “إذا كان هناك أي درس من تجربة بايدن المريرة (بخصوص زيادة إنتاج أوبك)، فقد ولت الأيام التي كان بإمكان الرؤساء الأميركيين أن يطلبوا فيها خدمات من حلفائهم السعوديين”.

وأضافت “نأى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بنفسه عمداً عن واشنطن، وأقام علاقات دولية أوسع لاسيما مع الصين وروسيا.. كما أوضح أنه لا ينظر إلى المملكة على أنها شريك صغير للولايات المتحدة وأنه على استعداد لتجاهل أي مطالب يعتبرها تتعارض مع المصالح السعودية”.

وباتت المملكة تُراهن على تنويع شراكاتها لمواجهة التهديدات التي تشكلها الأنشطة الإيرانية، وذلك بعد الفراغ الذي تركه انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.

وسيطرت حالة فاترة على العلاقات بين البلدين منذ تولي بايدن الرئاسة على خلفية واقعة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، كما صدرت عن بايدن تصريحات ضد المملكة حين كان نائبا للرئيس باراك أوباما في العام 2014.

حيث قال في واحد منها إن “مركز الطاقة في العالم بحلول 2030 سيكون أميركا الشمالية ولن يكون السعودية. نحن ننتج غازا ونفطا أكثر من أي دولة في العالم وسنكون مكتفين ذاتيًا من الطاقة بحلول 2031، وستكون أميركا الشمالية مكتفية في منتصف عقد العشرينات (2025)”. لكن الواقع مغاير تماما، فبعد كل التصريحات الهجومية، عاد بايدن ليشتري ود المملكة، مدفوعا بأزمات الطاقة وبالرغبة في تجاوز الانتخابات النصفية وبالحد من نفوذ موسكو في المنطقة، التي قرر منذ وصوله إلى البيت الأبيض أن ينأى بواشنطن عنها مدعيا أن الولايات المتحدة أضاعت عقودا في “مستنقع الشرق الأوسط”.

السعودية

7