هل تتفوق أوميكرون على دلتا من حيث القابلية للعدوى؟

يرجح العلماء فرضية أن تتفوق المتحورة أوميكرون على سلالة دلتا من حيث سرعة الانتشار وأن تكون شديدة العدوى، ما يزيد من عدد الإصابات ويحدث ضغطا على المستشفيات. كما من المتوقع أن يعرف العلماء في غضون أربعة أسابيع إلى أي مدى يمكن لأوميكرون تفادي المناعة الناتجة عن اللقاحات أو الإصابة السابقة بالمرض.
جوهانسبرغ – قال مدير المعهد الوطني الجنوب أفريقي للأمراض المعدية إن المتحورة الجديدة لفايروس كورونا (أوميكرون)، التي اكتُشفت في جنوب أفريقيا، قد تصبح المرشح الأكثر احتمالا لإزاحة السلالة دلتا شديدة العدوى.
وأثار اكتشاف أوميكرون قلقا عالميا، حيث فرضت دول قيودا تتعلق بالسفر من جنوب أفريقيا خوفا من أن ينتشر المرض بسرعة حتى بين السكان الحاصلين على اللقاحات المضادة لكورونا. وتقول منظمة الصحة العالمية إنه ينطوي على مخاطر كبيرة بشأن الإصابة بالعدوى.
وقال أدريان بورين المدير التنفيذي بالإنابة للمعهد الوطني للأمراض المعدية بجنوب أفريقيا، في مقابلة مع رويترز “كنا نفكر ما الذي سيفوق المتحور دلتا؟ لطالما كان هذا هو السؤال، من حيث القابلية للعدوى على الأقل… ربما يكون هذا المتحور تحديدا هو البديل”. وإذا ثبت أن أوميكرون أكثر قابلية للعدوى من المتحور دلتا فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع حاد في الإصابات وهو ما يمكن أن يمثل ضغطا على المستشفيات.
وأوضح بورين أن من المتوقع أن يعرف العلماء في غضون أربعة أسابيع إلى أي مدى يمكن لأوميكرون تفادي المناعة الناتجة عن اللقاحات أو الإصابة السابقة بالمرض، وما إذا كان يؤدي إلى أعراض أسوأ من المتحورات الأخرى.
وتفيد تقارير أطباء عالجوا مرضى بكوفيد – 19 في جنوب أفريقيا أن الإصابة بأوميكرون تنتج عنها فيما يبدو أعراض خفيفة بينها سعال جاف وحمى وتعرق ليلي، لكن الخبراء حذروا من التسرع في استخلاص استنتاجات مؤكدة.
وقال بورين إن الوقت مازال مبكرا جدا لقول ما إذا كان أوميكرون سيحل محل دلتا في جنوب أفريقيا. لكن حقيقة أن الإصابات بدأت ترتفع سريعا، لاسيما في مقاطعة جوتنج علامة على أنه قد يحدث بالفعل بعض الإحلال.
وقاد متحور دلتا الموجة الثالثة من إصابات كوفيد – 19 في جنوب أفريقيا والتي بلغت ذروتها بأكثر من 26 ألف إصابة يوميا في أوائل يوليو. ومن المتوقع أن يثير أوميكرون موجة رابعة مع الإصابات وسط توقعات بأن تتجاوز عشرة آلاف إصابة يوميا في مطلع الأسبوع من نحو 2270 الاثنين.

وتمت الإشادة بجنوب أفريقيا لتنبيهها المجتمع العلمي العالمي ومنظمة الصحة العالمية بسرعة كبيرة للمتحور أوميكرون، وهي خطوة شجاعة بالنظر إلى الأضرار التي ستلحق بقطاع السياحة المهم لديها نتيجة قيود السفر التي فرضتها العديد من الدول بما فيها بريطانيا.
ونصحت منظّمة الصحّة العالمية الأشخاص غير المحصّنين بالكامل ضدّ كوفيد – 19 والمعرّضين لمخاطر صحّية مرتفعة إذا ما أصيبوا بالمرض، بمن في ذلك أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما، بعدم السفر إلى مناطق تشهد انتشارا مجتمعيا للفايروس.
وقالت المنظمة في تحديث لتوجيهاتها المتعلّقة بالسفر في ظلّ أوميكرون، النسخة المتحوّرة الجديدة من فايروس كورونا، إنّ “الأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم بالكامل، أو لا دليل لديهم على أنّه سبق لهم وأن أصيبوا بعدوى سارس – كوف – 2، والذين يواجهون خطرا مرتفعا بالإصابة بمرض شديد والموت، بمن في ذلك أولئك الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما وما فوق وأولئك الذين يعانون من أمراض مصاحبة تزيد من خطر الإصابة الشديدة بكوفيد – 19 (مثل أمراض القلب والسرطان والسكري)، ينبغي نُصحهم بتأجيل سفرهم إلى مناطق تشهد انتقالا مجتمعيا للفايروس”.
كما دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس “كل الدول الأعضاء إلى اتّخاذ إجراءات منطقية ومتناسبة لخفض الأخطار”، فيما أعلن المستشار الألماني المقبل أولاف شولتس أن النواب الألمان سيصوتون على إلزامية اللقاحات بنهاية السنة.
المتحورة الجديدة لفايروس كورونا (أوميكرون)، التي اكتُشفت في جنوب أفريقيا، قد تصبح المرشح الأكثر احتمالا لإزاحة السلالة دلتا
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية “مازالت لدينا أسئلة أكثر من الأجوبة بشأن تأثير المتحورة أوميكرون على انتقال العدوى وشدة المرض وفعالية الفحوص والعلاجات واللقاحات”.
وأبدى رئيس مختبرات موديرنا تشاؤما إزاء فعالية اللقاحات المتوافرة حاليا ضد المتحوّرة أوميكرون في وقت تتضاعف فيه القيود الصحية الجديدة في العالم، كما حصل في المملكة المتحدة واليابان.
وقال رئيس شركة موديرنا ستيفان بانسل لصحيفة “فايننشال تايمز” إن البيانات بشأن فعالية اللقاحات الحالية ستكون متاحة خلال الأسبوعين المقبلين، إلا أن العلماء غير متفائلين في هذا الصدد.
وصرّح للصحيفة “قال جميع العلماء الذين تحدّثت إليهم إن الوضع لن يكون جيّدا”.
لكن العديد من المختبرات من بينها موديرنا وأسترازينيكا وفايزر ـ يايونتيك ونوفافاكس أعربت عن ثقتها في قدرة لقاحاتها على مكافحة المتحوّرة أوميكرون. وأعلنت روسيا أنها تعمل على تطوير نسخة من “سبوتنيك – في” تستهدف أوميكرون بشكل خاص، إذا لم يكن اللقاح المتوافر حاليا فعالا “وهو أمر غير مرجح”.
وأودى وباء كوفيد – 19 بحياة ما لا يقل عن 5.206.370 شخصا منذ ظهوره نهاية العام 2019 في الصين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى الأرقام الرسمية.
وأعلنت شركة “ريجينيرون” الأميركية للتكنولوجيا الحيوية الثلاثاء أن علاجها بالأجسام المضادة الاصطناعية لكوفيد – 19 قد يكون أقل فعالية ضد المتحورة الجديدة وتخطط لإجراء اختبارات لتحديد مدى الفعالية.
وانتشرت المتحوّرة الجديدة التي اكتشفت في جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي في كل القارات، من كندا إلى إيطاليا مرورا باليابان وألمانيا وإسبانيا والبرتغال والمملكة المتحدة حيث تم تأكيد ست إصابات جديدة الاثنين.

ودفع ذلك العديد من الدول إلى تعليق الرحلات مع جنوب أفريقيا ودول أخرى في جنوب القارة وفرض تدابير وقائية، وحضّت أكثر البلدان تزودا باللقاحات، سكانها على الحصول على جرعة ثالثة.
وفي المملكة المتحدة، وهي واحدة من أكثر الدول تضررا بالوباء (145 ألف وفاة)، أعيد فرض إلزامية وضع الكمامة في وسائل النقل والمتاجر. كذلك، أصبح يتوجب على جميع المسافرين الذين يصلون إلى بريطانيا الخضوع لاختبار “بي.سي.آر” وحجر صحي حتى صدور النتيجة.
واعتبارا من نهاية هذا الأسبوع، ستغلق لندن حدودها أمام الأشخاص غير البريطانيين القادمين من 10 دول أفريقية هي جنوب أفريقيا وناميبيا وليسوتو وإسواتيني وزيمبابوي وبوتسوانا وملاوي وموزمبيق وزامبيا وأنغولا. ويبدو أن أوروبا التي أصبحت منذ أسابيع بؤرة الوباء، هي القارة الأكثر تضررا حاليا بالمتحوّرة أوميكرون.
وأعلنت هولندا أن 14 مسافرا وصلوا نهاية هذا الأسبوع من جنوب أفريقيا مصابون بأوميكرون. وقالت السلطات الهولندية إن المتحوّرة كانت منتشرة في البلاد في التاسع عشر من نوفمبر، أي قبل أسبوع تقريبا من إعلان جنوب أفريقيا اكتشافها.
وأبلغت فرنسا عن اكتشاف أول إصابة بأوميكرون الثلاثاء في جزيرة لا ريونيون، وهي أوصت بتلقيح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و11 عاما والمعرضين لخطر الإصابة بأعراض حادة من المرض. وكانت الهيئة الناظمة الأوروبية وافقت على تحصين هذه الفئة قبل بضعة أيام.
وفي ألمانيا التي تشهد انتشارا واسعا للوباء، قضت المحكمة الدستورية الثلاثاء بأن إجراءات الإغلاق الجزئي التي اتخذتها الحكومة منذ بداية تفشي الوباء مبررة ومتناسبة، ما يمهد الطريق أمام تشديد إضافي للقيود. وأثارت أوميكرون قلقا أكثر من أي متحوّرة أخرى منذ ظهور دلتا التي تبيّن أنها أشد عدوى من متحورات كوفيد – 19 السابقة.
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب ألقاه في البيت الأبيض انه لا داعي للهلع من انتشار المتحورة الجديدة أوميكرون، داعيا الأميركيين إلى التطعيم أو تلقي جرعاتهم المعززة. وقال “ثمة أسباب للقلق من هذه المتحورة الجديدة، لكن لا داعي للهلع”، معتبرا أن المتحورة الجديدة ستظهر “عاجلا أم آجلا” في البلاد.
ومنعت الولايات المتحدة الدولة الأكثر تضررا بوباء كوفيد (قرابة 780 ألف وفاة) والتي أعادت فتح حدودها للعالم في أوائل نوفمبر، بدءا من الاثنين دخول المسافرين من ثماني دول أفريقية. ودعا وزراء الصحة في دول مجموعة السبع الاثنين إلى “اتخاذ إجراءات عاجلة” ضد هذه “المتحوّرة الشديدة العدوى”.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن “احتمال انتشار أوميكرون في العالم مرتفع”، مقرّة بأن معلومات كثيرة مازالت مجهولة، مثل شدة العدوى وفعالية اللقاحات الموجودة ضدها وشدة الأعراض. لكن حتى الآن، لم يتم الإبلاغ عن أي وفاة مرتبطة بأوميكرون.