هل تتحول أكبر بؤرة تلوث في غزة إلى محمية طبيعية

وادي غزة يعد إرثا حضاريا وطبيعيا ويحظى بتنوع بيئي كبير.
الخميس 2022/03/03
حلم المحمية قديم

غزة (فلسطين) - تعود الحياة تدريجيا إلى جانبي وادي غزة الذي يوصف بأنه أكبر بؤرة تلوث في القطاع الساحلي بفضل مشروع دولي يستهدف تحويله إلى محمية طبيعية.

وأعلنت السلطة الفلسطينية قبل أكثر من 20 عاما وادي غزة محمية طبيعية، لكنه تحول على مدار سنوات إلى مكبّ للنفايات والمياه العادمة لتستوطنه أنواع مختلفة من الحشرات والقوارض والأفاعي.

ويمتد وادي غزة على مسافة 9 كيلومترات في وسط قطاع غزة حتى البحر الأبيض المتوسط، وهو يعد موطنا لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات وواحدا من أهم المناطق الرطبة في الأراضي الفلسطينية.

وبدأت أولى خطوات إنهاء واقعه كبؤرة تلوث قبل نحو ثلاثة أشهر مع بدء توسيع العمل في محطة معالجة مياه الصرف الصحي في وسط قطاع غزة والتي استغرق العمل عليها مدة خمسة أعوام بتمويل دولي.

ويقول مدير مشروع غزة المركزي للصرف الصحي فريد عاشور إن المحطة تستقبل حاليا معظم المياه العادمة التي تخلفها ستة أحياء سكنية رئيسية والتي كانت تتدفق إلى وادي غزة مباشرة من دون معالجة.

ويوضح عاشور أن محطة المعالجة المركزية تعالج ما يقرب من 60 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي يوميا بما يتوافق مع المعايير الدولية ويتيح الاستفادة منها في مجالات أخرى.

وادي غزة يمتد حتى البحر المتوسط ويعد موطنا لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات وواحدا من أهم المناطق الرطبة في فلسطين

ويضمن ذلك بحسب عاشور تأهيل وادي غزة من أجل استقبال محطة مياه الصرف الصحي المعالجة وإيصالها إلى مياه البحر الأبيض المتوسط بدون تأثير بيئي سلبي على الشاطئ.

وخلصت دراسات أجرتها معاهد ومنظمات بيئية إلى إمكانية عودة وادي غزة ليكون محمية طبيعية واستصلاح الكثير من النباتات الطبيعية ونموها في مياه خالية من التلوث، والخطوة الأولى لذلك تبدأ بمعالجة المياه العادمة المتدفقة إليه.

يضاف إلى ذلك الإنتعاش الاقتصادي المتوقع للمناطق المجاورة لوادي غزة بعد سنوات من ركود الاستثمارات الزراعية والعقارات في محيط مجرى الوادي.

ويؤكد محمد خليفة وهو أحد سكان المناطق المجاورة لوادي غزة أن تحويله إلى محمية طبيعية يخدم كل المنطقة الواقعة حوله ويضمن حل مشكلة التلوث والأمراض والمكاره الناتجة عن ذلك.

ويقول خليفة إن وادي غزة بات بؤرة تلوث حيث يتحول مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة إلى مصدر للكثير من الأمراض التي تصيب سكان المنطقة القريبة منه.

ويضيف أنهم بمجرد فتح نوافذ المنازل من أجل دخول الهواء يهجم البعوض والحشرات، وتنبعث الروائح الكريهة التي تدفع السكان إلى إغلاق النوافذ مرة أخرى.

وكان المرور بجانب وادي غزة مبعثا للغثيان والعدوى بسبب الرائحة الكريهة وانتشار الحشرات الضارة والقمامة المنثورة على طرفيه بسبب التدفق السابق للمياه العادمة.

وأُعلن عن وادي غزة محمية طبيعية عام 2000 من قبل سلطة جودة البيئة الفلسطينية، وكان مدرجا ضمن قائمة اليونسكو الأولية لمواقع التراث العالمي حتى عام 1970 للتنوع الحيوي الكبير فيه.

غير أن الانخفاض المستمر لتدفق المياه في الوادي بشكل كبير أدى إلى تحوله إلى مكرهة صحية نتيجة ضخ المياه العادمة، واستخدام مناطق واسعة منه مكبّا للنفايات.

وحظيت الجهود بشأن تحويل وادي غزة إلى محمية طبيعية ومن مكرهة صحية إلى متنزه للسكان بدفعة كبيرة مع إعلان الأمم المتحدة عن دعم مشروع لإنقاذ ما تبقى من الحياة البرية في الوادي.

Thumbnail

وأعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خطة مشروع بتكلفة 66 مليون دولار لإعادة استصلاح الوادي واسترداد قيمه الأصيلة من التنوع البيولوجي فيه كونه محمية للحيوانات والطيور المهاجرة والنباتات.

ويوضح منسق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي محمد أبوشعبان أن وادي غزة يعد إرثا حضاريا وطبيعيا ويحظى بتنوع بيئي كبير، وقد مولت النرويج إعداد مخطط هيكلي لتطوير وادي غزة وتضمّن ذلك تنظيف مجرى الوادي تمهيدا لزراعة الآلاف من الأشجار فيه.

ويقول أبوشعبان إن مخطط تطوير وادي غزة سيتم من خلال مشروع متكامل لإنهاء واقع تحوله إلى أكبر بؤرة تلوث بيئي تسببت بموت الآلاف من الأشجار ورحيل العشرات من أنواع الطيور والحيوانات.

ويضيف أن المشروع سيحل أزمة الفيضانات التي عانى منها سكان المناطق المجاورة للوادي على مدار سنوات، فضلا عن حل المشاكل البيئية الموجودة فيه مثل الصرف الصحي والنفايات الصلبة.

وشكلت خمس بلديات محلية في وسط قطاع غزة مجلسا مشتركا لتطوير خدمات الوادي، وهو الكيان الذي سيتولى تنفيذ المشروع ضمن خطة تستغرق من أربعة إلى خمسة أعوام.

وتعرب الناشطة في مشروع وادي غزة بيسان عودة عن الأمل في نجاح جهود تحويل وادي غزة إلى محمية طبيعية وبيئية مناسبة للكثير من الحيوانات والنباتات، والأهم أن تصبح المنطقة آمنة للسكان المحيطين بها ومتنفسا لهم.

وتقول عودة إنه على مدى العقود الماضية ورغم الإعلان فلسطينيا عن وادي غزة محمية طبيعية فقد أصبح ملوثا بفعل تجميع النفايات ومياه الصرف الصحي بفعل واقع الحصار والإغلاق الإسرائيلي.

وتشير إلى أن الآمال كبيرة في عودة منطقة الوادي إلى طبيعتها الخلابة والسياحية لتصبح منطقة جذب ثقافي وسياحي، إلى جانب ضمان أن المياه المتدفقة ستكون نظيفة وخالية من التلوث عند وصولها إلى شاطئ البحر قبالة ساحل القطاع.

وتم إعلان حظر الاستجمام في أغلب مناطق شاطئ البحر قبالة ساحل قطاع غزة على مدار السنوات الماضية بسبب تدفق كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إليه.

18