هل باتت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هيكلا بلا صلاحيات

تمويلات الأعضاء واحتدام الصراعات الدبلوماسية يحدّ من عمل المنظمة وفق الأسس المتفق عليها.
السبت 2020/10/03
مفارقات تستدعي التساؤل حول دور المنظمة

لاهاي (هولندا) - تحولت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى ساحة للنزاع الدبلوماسي بشأن سوريا بعدما عارضت روسيا في 2017 قرارا لمد فترة عمل آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة والمنظمة، والتي خلصت في سلسلة تقارير إلى أن الجيش السوري استخدم غاز الأعصاب السارين وغاز الكلور كسلاح لقتل المدنيين.

والمنظمة التي يوجد مقرها في لاهاي بهولندا، عدد أعضائها هو 192، تغطي ما نسبته 98 في المئة من سكان العالم ولا تزال أربع دول خارج المنظمة، وهي أنغولا وكوريا الشمالية ومصر وجنوب السودان، فيما وقعت اثنتان اتفاقية الأسلحة الكيميائية عام 1993 دون التصديق عليها وهما إسرائيل وبورما، لكنها تواجه على ما يبدو العديد من العراقيل جعلت البعض يرى أنها لم تقم بالدور المطلوب منها.

ويتم تمويل المنظمة، عبر الدول الأعضاء، وتقدر ميزانيتها السنوية بحوالي 70 مليون دولار ويقع على عاتقها تنفيذ أهداف الاتفاقية، والمتمثلة في القضاء على الأسلحة الكيميائية في جميع أنحاء العالم. ولكن هل التمويلات كافية حتى تعمل وفق أساس صحيح ركيزته الأساسية الحياد حتى تقف على الخروقات التي يتم تسجيلها في العالم خلال الأعمال الحربية.

لقد خلصت المنظمة، التي تأسست للإشراف على اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1997، في تقرير نشرته في أبريل 2017 إلى أن طائرات هليكوبتر سورية ألقت قنابل تحتوي على الكلور السام وغاز السارين على قرية في محافظة حماة في مارس من نفس العام، ولكنها اليوم تقول في أحدث تقاريرها إنها لم تتمكن من إثبات ما إذا جرى استخدام أسلحة كيميائية في هجوم على حلب تقول دمشق إن “جماعات معارضة” شنّته في نوفمبر 2018.

وهذه المفارقات تستدعي التساؤل حول دور المنظمة، وهل أنها باتت بلا صلاحيات بالفعل رغم طرد أربعة روس اتهمتهم السلطات الهولندية في أكتوبر 2018 بمحاولة اختراق نظام كمبيوترات المنظمة باستخدام معدات إلكترونية كانت مخبأة في سيارة مركونة خارج فندق قريب.

وتحظر اتفاقية المنظمة تصنيع الأسلحة الكيمائية وتخزينها واستخدامها كما أنها تمنع الموقعين على الاتفاقية من مساعدة بلد ثالث على المشاركة في صنع أو استخدام هذه الأسلحة، ولكن روسيا لطالما تريد خرق الاتفاقيات المبرمة لدعم مصالح حلفائها وبينهم نظام بشار الأسد.

ولقد احتدت المواجهة بين الدول الرافضة لتوسيع صلاحيات المنظمة والدول الداعمة في اجتماعات لاهاي قبل عامين خاصة أن روسيا التي تقود حملة الرفض فقد كانت تخشى أي تطور في سياق قضايا تسميم العميل السابق الروسي سكريبال وكذلك تتخوف من مسألة الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما وغيرها من المدن السورية.

Thumbnail

ولكن ربما يقلقها أيضا اعتزام قادة دول الاتحاد الأوروبي التشاور بشأن واقعة تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني خلال قمتهم المقبلة المقررة منتصف هذا الشهر. ومن المحتمل التوصل في ذلك الحين لرد فعل مشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد البالغ عددها 27 دولة ضد موسكو.

وبينما تصطدم روسيا أيضا في هذه القضايا بتهديدات الولايات المتحدة، بفرض المزيد من العقوبات على موسكو على خلفية تسميم سكريبال وربما تقوم بفرض المزيد في حالة ثبت تورط موسكو في تسميم نافالني، تشير دول أوروبية إلى أن الحادث تم باستخدام نوفيتشوك وهو غاز أعصاب تم تطويره في الحقبة السوفييتية.

وذكرت المنظمة في تقريرها الحديث حول المزاعم السورية أن المعلومات الواردة والتي تم تحليلها، وخلاصة المقابلات ونتائج التحاليل المخبرية لم تسمح لبعثة تقصي الحقائق (فريق التحقيق) إثبات ما إذا استخدمت مواد كيميائية أم لا في الواقعة، التي حصلت في 24 نوفمبر 2018.

وتشير المنظمة في تقريرها إلى أن العوارض التي ظهرت على الضحايا المفترضين يمكن أن تكون نتيجة التعرّض لمادة غير متفجرة سبّبت تهيّجا خفيفا أو متوسطا في الجهاز التنفسي وأن الشهادات لم تسمح إثبات مصدر المادة، والشظايا المعدنية التي أبرزتها الحكومة السورية “لم تسمح بإقامة رابط مع الواقعة”.

وكان تحالف واسع من مقاتلي الفصائل المعارضة قد نفى أي تورّط في هجوم على حلب قالت السلطات السورية وحليفتها روسيا إن مادة الكلور استخدمت فيه، وقد جاء ذلك بينما اتهمت واشنطن كلاّ من دمشق وموسكو بالسعي إلى “نسف” وقف إطلاق النار الهش في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة عبر الترويج لفرضية هجوم كيميائي.

وتقول المنظمة، التي حصلت في عام 2013، على جائزة نوبل للسلام، في العديد من التقارير وفي المؤتمرات الدولية في هذا الشأن إنها نجحت في تحييد قرابة 72.5 طنا من المخزون الكيميائي العالمي المعلن، وهو ما يعادل 90 في المئة. ولكن يبقى التساؤل إلى أي مدى نجحت في مهامها منذ أن تم تأسيسها.

7