هجوم باماكو يسلّط الضوء على خطر تمدد الجهاديين في مالي

الهجوم سدد ضربة قوية للمجلس العسكري الذي يتولى السلطة في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا بعد انقلابين في 2020 و2021.
الخميس 2024/09/19
حتى العاصمة في مرمى نيراننا

بامكو - وجّهت الجماعة الجهادية الرئيسية المرتبطة بتنظيم القاعدة في مالي ضربة قويّة للمجلس العسكري الحاكم عندما ضربت أهدافا عسكرية غاية في الحساسية في العاصمة باماكو، ما يسلّط الضوء على إستراتيجيتها القائمة على التوسّع والمضايقات.

وقدّمت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين برهانا على قوّتها الثلاثاء في مدينة تتجنّب عادة الهجمات الكبرى عندما استهدفت ثكنات للشرطة العسكرية ومطارا عسكريا.

وجاء ذلك في وقت تتركّز فيه الأنظار على شمال مالي حيث يحاول الجيش وحلفاؤه الروس من مجموعة فاغنر للمرتزقة وهيئة أمنية جديدة تعرف بـ”فيلق أفريقيا” استعادة الهيمنة في بعض المناطق.

وقال باحث من شمال أفريقيا طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية “إنها رسالة مزدوجة: نحن هنا، نضرب حيث نشاء، بما في ذلك المواقع الإستراتيجية”.

وسدد الهجوم ضربة قوية للمجلس العسكري الذي يتولى السلطة في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا بعد انقلابين في 2020 و2021. ويصرّ المجلس على أن الوضع تحت السيطرة رغم انتشار الجهاديين المرتبطين بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل منذ سنوات.

السلطات الانقلابية في مالي ستواجه المزيد من عدم الاستقرار من هذه الجماعات ما لم تفكر بشراكات دولية

وقال المحلل لدى “تكنولوجيا ضد الإرهاب” لوكاس ويبر إن “موقع وطبيعة الهجوم يظهران الإمكانيات العملياتية الكبيرة لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين ومدى انتشارها”.

وأضاف “كما أنه مؤشر على مدى عجز أجهزة الاستخبارات والأمن في مالي، وتلك التابعة لحلفائها الروس والإقليميين، عن كشف وإحباط الخطط قبل تنفيذها”.

واعتبر أن الجماعة بعثت أيضا برسالة إلى الحكومة المالية والجيش عبر السعي لتجنّب التسبب بسقوط ضحايا مدنيين.

وأضاف أن الهجوم يوجّه رسالة “للحكومات المجاورة أيضأ مفادها أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين قادرة على تنفيذ هجمات مشابهة في بلدان مجاورة”.

وأطلق قادة مالي عملية عسكرية واسعة في شمال البلاد حيث خسرت مجموعات انفصالية مسلحة وجهاديون السيطرة على عدد من المناطق منذ العام الماضي. لكن في يوليو، مُني الجيش وحلفاؤه الروس بأحد أكبر هزائمهم.

وأقرّ الجيش بأنه تكبّد خسائر بشرية “كبيرة” أثناء المعارك في تينزواتين قرب الحدود الجزائرية. وأكدّت قناة على تلغرام مرتبطة بمجموعة فاغنر الخسائر في صفوفها.

جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تطبق إستراتيجية استنزاف طويلة الأمد. الشمال ملاذ (لهم) وهم يتقدّمون باتّجاه الجنوب

وفي الجانب الآخر، أعلن الانفصاليون ومعظمهم من الطوارق تحقيق “انتصار مذهل” إذ قال أحد قادتهم إن عشرات الروس قتلوا. وأفادت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بأنها قتلت 50 روسيا وعشرة ماليين.

وأفاد مدير مركز أبحاث “مشروع مكافحة التطرف” هانز-جاكوب شندلر بأن قوة برخان الفرنسية وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعدّدة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) والقوات الأوروبية سيطرت على التهديد في الشمال. لكن المجلس العسكري المالي أمر بمغادرتها ولجأ بدلا من ذلك إلى روسيا للحصول على الدعم.

ومذاك، “لم يقدم الجيش المالي أداء جيدا جدا وارتكب فيلق أفريقيا فظائع ضد السكان المحليين” بينما استفادت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين عبر نشر دعاية مفادها أنها تحمي سكان مالي.

ويرمز الهجوم الذي وقع فجر الثلاثاء أيضا إلى تقدّم الجهاديين جنوبا، علما بأن هدفهم المعلن هو الوصول إلى خليج غينيا عبر مهاجمة البلدان الساحلية.

وأفاد الباحث من شمال أفريقيا بأن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تطبق إستراتيجية استنزاف طويلة الأمد. الشمال ملاذ (لهم) وهم يتقدّمون باتّجاه الجنوب”.

وأفاد خبير غربي متخصص في شؤون المنطقة أن الجماعة الجهادية قادرة على القيام “بالأمر ذاته في موبتي (شمال باماكو) أو في كايس (جنوب غرب)”.

اختيار مالي عزل نفسها بشكل متزايد، على غرار جيرانها في منطقة الساحل، يثير قلق القوى الغربية

وقال “سيخلقون حالة من الضبابية في كل مكان ويظهرون أن لديهم حرية حقيقية في التحرّك، بخلاف ما يقوله المجلس العسكري”. وأشار إلى أنها “إستراتيجية الضغط الدائم والمضايقات” من دون وجود أيّ نية لديهم للسيطرة على باماكو.

وتبدو مالي، على غرار جارتيها النيجر وبوركينا فاسو، غير قادرة على وضع حد لهذا الاتجاه.

ولا تملك البلدان الغربية التي تم تصنيفها حاليا على أنها عدو أيّ وسيلة لجمع المعلومات الاستخباراتية أو القيام بتحرّك.

وبات خيارها الوحيد بحسب شندلر هو منع تقدّم الجهاديين في الجنوب عبر التعاون مع البلدان الساحلية. وأردف “هذا ما يحصل عندما تكون هناك فوضى. لا حدود لطموحات الإرهابيين”.

ويثير اختيار مالي عزل نفسها بشكل متزايد، على غرار جيرانها في منطقة الساحل، قلق القوى الغربية.

وقالت تامي بالاسيوس المحللة لدى “معهد الحرب الحديثة” في أكاديمية وست بوينت العسكرية في الولايات المتحدة “آمل أن يدركوا أنهم في حاجة إلى إعادة النظر في خياراتهم لأن مكافحتهم للإرهاب غير مجدية”. وأضافت “سيواجهون المزيد من عدم الاستقرار من هذه الجماعات ما لم يفكّروا بشراكات دولية”.

7