هجرة عكسية.. المكسيك الأرض الموعودة للأميركيين

مدينة مكسيكو تبدو بمثابة بوابة للشركات النامية فيما تضع كريستي هول مكسيكو نصب عينيها للعمل عن بعد مع شركة ناشئة.
الاثنين 2022/10/17
تيخوانا جنة الغرباء

يصل عدد متزايد من المواطنين الأميركيين للعيش في المكسيك، حيث يجدون الحياة أرخص وأحلى. وتقول السفارة الأميركية إن نحو 1.6 مليون يعيشون حاليا في جارتهم الجنوبية.

تيخوانا (المكسيك) - على عكس موجات المهاجرين الذين جذبتهم إلدورادو الأميركية، غادر غابرييل زاراتي البالغ من العمر 38 عاماً، سان دييغو وكاليفورنيا ليعيش في تيخوانا، المدينة المكسيكية الحدودية.

و مثل زاراتي، ينتقل عدد متزايد من الأميركيين إلى المكسيك حيث يجدون الحياة أقل غلاءً وأكثر سلاسة، رغم خطر إزعاج المكسيكيين المحرومين من قوّتهم الشرائية. ويقول الرجل الذي يعبر الحدود للعمل في سان دييغو مدرّس لغة إنجليزية للطلاّب الأجانب ويعود في المساء "أعيش في تيخوانا منذ أربع سنوات". ويوضح هذا الأميركي من أصل تشيلي "أحد أبرز أسباب مجيئي إلى هنا هو كلفة المعيشة الزهيدة؛ إنها أقل غلاء من كاليفورنيا".

ومن جهته يقول زميله مايك راشفال البالغ من العمر 36 عاما، والذي يعمل أيضاً مدرّساً للغة الإنجليزية في سان دييغو، ولكنّه يعمل عن بُعد من تيخوانا، “في سان دييغو عشت في أستوديو بسعر 1275 دولارا في الشهر. هنا أدفع نصف المبلغ تقريبا". ويتابع غابرييل زاراتي الذي عاش مدة طويلة في أميركا اللاتينية "أحب المكسيكيين والطعام المكسيكي".

وتعدّ تيخوانا واحدة من المدن المكسيكية التي تشهد ارتفاعاً متسارعاً في أسعار العقارات (زيادة بنسبة 10.7 في المئة في الفصل الأول من عام 2022، وفقاً لمؤسسة الرهن العقاري الفيدرالية SHF). وتقول الجمعية المحلية للمتخصّصين في العقارات في تيخوانا (Cepibc) إنّ "أكثر من 80 في المئة من زبائننا وزوّارنا من أصول أميركية".

◙ تيخوانا تعدّ واحدة من المدن المكسيكية التي تشهد ارتفاعا متسارعا في أسعار العقارات وأكثر من 80 في المئة من زبائننا وزوارنا من أصول أميركية

وتوضح رئيسة الجمعية روث ساستر أنّ "متوسّط سعر الممتلكات التي يشترونها يبلغ حوالي 270 ألف دولار. أسعارنا أقل بثلاث مرات من كلفة العقارات نفسها في الولايات المتحدة".

وتظهر مبانٍ جديدة في تيخوانا مع لافتات باللغة الإنجليزية والأسعار بالدولار. وفي روزاريتو، التي تشكّل امتدادا لتيخوانا على طول شواطئ المحيط الهادئ، يعيش حوالي "10 إلى 12 ألف أميركي"، وفق تقديرات خيسوس رينكون فارغاس رئيس الغرفة المحلية للبناء، الذي أوضح أنّ هذا الأمر أحدث طفرة في قطاع العقارات "بدأت منذ حوالي عشر سنوات".

وتيخوانا هي مدينة تعكس صورة المكسيك، مرحِّبة وديناميكية ومضيافة، ولكنها أيضا عنيفة؛ فقد شهدت أكثر من ألف جريمة قتل في عام 2022 وحده، معظمها ضمن إطار تصفية الحسابات.

ويقول غابرييل زاراتي "الوضع الأمني في هذه المدينة مثله مثل أوضاع جميع المدن الكبرى. هناك دائما أماكن أكثر تعقيدا من غيرها". ويعيش 1.6 مليون أميركي في المكسيك، وفق السفارة الأميركية التي لا تحتفظ بسجلّات رسمية. ومثل الأوروبيين، يمكنهم الإقامة لمدة ستة أشهر بتأشيرة سياحية بسيطة.

وليست المناطق الحدودية وحدها التي تجذب الأميركيين؛ فمنذ بداية الوباء واجهت العاصمة مكسيكو "تدفّقاً كبيرًا للرحّل الرقميين"، وفقا لكريستينا سانسين المتحدثة باسم "ويوورك" (WeWork)  (مكان يتم فيه تأجير مساحات للعمل المشترك). وتضيف "تتمتّع مكسيكو بمناخ لا مثيل له. وهي أيضاً مدينة عالمية، في تطوّر كامل، مع وجود شركات ناشئة وأخرى كبيرة".

تيخوانا مدينة تعكس صورة المكسيك مرحِّبة وديناميكية ومضيافة
تيخوانا مدينة تعكس صورة المكسيك مرحِّبة وديناميكية ومضيافة

من جانبه، يؤكد بريان ماكدونالد البالغ من العمر 34 عاماً، وهو مطوّر برامج من أوكلاهوما يعيش في مدينة مكسيكو منذ أكثر من عام، أنّ "مدينة مكسيكو تبدو بمثابة بوابة للشركات النامية". كذلك، تضع كريستي هول مكسيكو نصب عينيها للعمل عن بعد مع شركة ناشئة في سان فرانسيسكو. تقول الإسكتلندية البالغة من العمر 23 عاما "يمكنني التنزّه وركوب الدراجة في كل مكان. النقل العام مثير للإعجاب. الناس مرحِّبون".

ويجبّ الأجانب أحياء وسط المدينة (لا روما، كونديسار، خواريز..) الجذّابة للعيش وسط حدائقها وشوارعها التي تصطف على جانبيها الأشجار والمباني العائدة إلى القرن التاسع عشر. وفي بدايات عام 2022 ارتفعت أسعار المساكن بنسبة 6.4 في المئة في العاصمة، وفقاً لمؤشر مؤسسة الرهن العقاري الفيدرالية (SHF).

ولكن هل يمكن إلقاء اللوم على الأميركيين أم على التضخّم؟ يقول البولندي بلازج موسينسكي، الذي جاء إلى المكسيك "لأسباب مالية" بدلا من التوجّه إلى سان فرنسيسكو من أجل القيام بتدريب، "سمعتُ أنّ هناك تحيّزات ضدّ 'الرحّل الرقميين'، لكنني لم أواجه ذلك أبدا".

20