نيويورك تكتظ باللاجئين القادمين من أميركا اللاتينية

المدينة الأفضل في رحلة المغامرين من أجل الحلم الأميركي.
الجمعة 2022/10/28
متاع قليل وأمل كبير

من أجل الحلم الأميركي انطلقت رحلات المغامرين من دول أميركا اللاتينية، مدفوعين في ذلك بظروف متعددة كالأزمات الاقتصادية التي حكمت عليهم بشظف العيش والظروف السياسية التي كبلت حرياتهم وسلبت كرامتهم، حتى الذين لا يعانون من ظروف مادية قاسية يختارون نيويورك لما فيها من تسهيلات للجوئهم.

نيويورك (الولايات المتحدة) - بعد رحلة محفوفة بالمخاطر من مسقط رأسه في فنزويلا إلى الولايات المتحدة قبل شهرين، يعتبر غوستافو منديس أنه تمكن من الصمود حتى الآن في نيويورك، حيث وجد وظيفة وعائلة مضيفة استقبلته لتأسيس حياة جديدة.

لكنّه من القلائل الذين وجدوا ملجأ في مدينة تعاني لاستيعاب التدفق الأخير لطالبي اللجوء من أميركا اللاتينية. فمنذ أبريل توافد إلى نيويورك حوالي 17 ألف طالب لجوء، وقد أُرسل العديد منهم إلى مخيمات مؤقتة.

وتمّ اعتراض عشرات الآلاف من المهاجرين الفنزويليين على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة خلال العام الماضي. وفي الأشهر الأخيرة بدأت عدة ولايات حدودية يقودها الجمهوريون تنقل طالبي لجوء شمالًا نحو مدن يسيطر عليها الديمقراطيون، في حيلة تسبق الانتخابات النصفية المقررة في 8 نوفمبر القادم.

وقبل أسابيع من هذه الانتخابات التي سيتنافس فيها الديمقراطيون والجمهوريون على السيطرة على الكونغرس، حدّد الرئيس الأميركي جو بايدن عدد طالبي اللجوء الفنزويليين المسموح لهم بالدخول بـ24 ألفًا.

17

ألف طالب لجوء توافدوا إلى نيويورك في أبريل، وقد أُرسل العديد منهم إلى مخيمات مؤقتة

ويوفّر البرنامج الفيدرالي لعدد محدود من الفنزويليين إمكان الدخول عبر مطارات الولايات المتحدة، لكن إدارة بايدن ستطرد كلّ من يحاول الدخول عبر الحدود البرية، ما يُعيد تطبيق سياسة الطوارئ الصحية التي فُرضت خلال عهد دونالد ترامب والتي كانت تحرم الفنزويليين من الحق في التقدم بطلب للحصول على اللجوء بحجة ضرورة كبح تفشي كورونا.

ولا يستطيع منديس (40 عامًا) العمل بشكل قانوني في نيويورك، لكنه تمكن من العثور على مصدر دخل بعد أسبوع من وصوله، وذلك داخل مطعم في حيّ كوينز يبيع أيضًا مرطبات من شاحنة لبيع الطعام في المناسبات الرياضية.

ويقول الطاهي ومصلّح التلفزيونات “كنت أريد أن أعمل طاهي طعام أو في التلفزيونات، هذا سبب مجيئي إلى هنا”.

ويجني منديس حاليا بين 800 دولار و1200 دولار أسبوعيًا، أي أكثر بكثير من راتب 600 دولار الذي كان يتقاضاه في فنزويلا حيث لا يزال يعيش ابناه المراهقان.

ويعد منديس من طالبي اللجوء المحظوظين نسبيًا، إذ أن إيجاد فرصة عمل لبدء حياة أفضل هو أكثر ما يبحث عنه هؤلاء الفارون من الخطر أو الاضطهاد في بلدهم.

لكن كما هي الحال الآن، يجب على طالبي اللجوء الانتظار 150 يومًا بعد تقديم طلبهم الأولي قبل أن يتمكنوا من التقدم للحصول على تصريح عمل.

ويقول جاي ألفارو، مدير الخدمات الاجتماعية والشراكات في كنيسة الرسل المقدسين في مانهاتن، “منذ منتصف أغسطس، شهدنا زيادة كبيرة في عدد طالبي اللجوء”.

في انتظار المساعدات ومطالب اللجوء
في انتظار المساعدات ومطالب اللجوء

ويشير إلى أن السؤال الأبرز الذي يطرحه طالبو اللجوء هو “هل تعلم أين يمكننا الحصول على وظيفة؟”.

وتوفّر هذه الكنيسة طعامًا وخدمات قانونية واستشارات إسكان ومساعدة طبية، وتدير أحد أكبر البرامج في الولايات المتحدة.

وجاءت الفنزويلية نيساري أنغولو (29 عامًا) وزوجها وابنتها البالغة ثلاث سنوات إلى الكنيسة بحثًا عن وجبة طعام. وبعد رحلة استمرت 50 يومًا بدأت العائلة تنام في أحد الفنادق التي أنشأها مكتب رئيس بلدية نيويورك.

ونيويورك هي المدينة الأميركية الوحيدة الملزمة قانونيا بتقديم ملجأ لأي شخص يطلب اللجوء فيها.

وبالنسبة إلى القادمين الجدد المسجّلين، تقدّم المدينة أيضًا إمكان الوصول إلى الرعاية الطبية ودروسا في اللغة الإنجليزية وتدريبا على مهارات، فضلاً عن التعليم المدرسي للأطفال.

لكن الكثير من طالبي اللجوء يقولون إن الحصول على عمل قانوني عملية تتسم بالتأخير والتأجيل؛ فعلى سبيل المثال لن يستقبل قسم خدمات الهجرة منديس قبل عام 2024.

وحضّ رئيس بلدية نيويورك إريك آدامس، الذي صرّح بأنه يطمح إلى الترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2024، الحكومة الفيدرالية على تمرير قانون يسمح لطالبي اللجوء بالبحث عن عمل “فورًا وليس بعد ستة أشهر”.

وخصّصت السلطات في نيويورك غرف فنادق لطالبي اللجوء، بالإضافة إلى ملاجئ المدينة التي كانت تهدف في الأصل إلى إيواء سكان نيويورك الذين لا مأوى لهم.

وفي الأسبوع الماضي بدأت نيويورك أيضًا ملء خيمة عملاقة أقيمت في جزيرة راندال في إيست ريفر والتي تتّسع لـ500 رجل أعزب. وهناك أيضًا محادثات لإنشاء سفينة سياحية لاستيعاب الوافدين الجدد.

وإلى حد هذه اللحظة لا قيود على إقامات أولئك الموجودين في هذه الملاجئ المؤقتة.

وفي شرحه للتحديات التي يواجهها الوافدون الجدد يتحدث ألفارو عن كلفة الإيجارات الباهظة في المدينة التي تعاني أيضًا من نقص المساكن.

ووفق دراسة جديدة نشرتها قناة “سي أن بي سي” مؤخّرًا، سيتوجب على العامل الذي يتقاضى الحد الأدنى للأجور (15 دولارًا في الساعة) أن يعمل 111 ساعة في الأسبوع لتسديد معلوم إيجار شقة بغرفة نوم واحدة.

واعتبر رئيس بلدية نيويورك إريك آدامس أن الوضع الحالي “ليس مستدامًا”، إذ أن المدينة ستنفق ما بين 500 مليون دولار ومليار دولار لإيواء الوافدين الجدد بشكل مؤقت، وفق المُحاسِب براد لاندر.

ويعتبر آدامس أنه يجب على كل المدن الأميركية تقاسم العبء، قائلًا إن نيويورك لم “تعقد مطلقًا أي اتفاق لتولي مهمة دعم الآلاف من طالبي اللجوء”.

18