نيجيرفان بارزاني يحث على إبعاد قوات البيشمركة عن الصراع السياسي

رئيس إقليم كردستان العراق يدعو الحكومة الاتحادية إلى تقديم الدعم لتعزيز قوات البيشمركة، علی اعتبار أنها جزء مهما وأساسيا من المنظومة الدفاعية العراقية.
السبت 2024/11/16
برزاني يؤكد توحيد قوات البيشمركة تحت مظلة وزارة البيشمركة

السليمانية (كردستان العراق) – لا تزال جهود توحيد قوات البيشمركة في إقليم كردستان العراق تواجه عقبات إدارية وسياسية رغم مساعي حل المعضلة التي تمثل أبرز العقبات أمام استقرار الإقليم الذي تتنازعه أجندة سياسية متضادة لشريكي الحكم الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.

وتدعم الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، توحيد البيشمركة كجزء من إصلاح قطاع الأمن الأوسع، لكن على الرغم من الجهود المبذولة، يبدو توحيد قوات البيشمركة بعيد المنال حيث لا تزال هذه القوات خاضعة للنفوذ السياسي.

وشدد رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، اليوم السبت، على ضرورة أن تكون قوات البيشمركة وباقي القوات المسلحة في الإقليم مؤسسة مستقلة وبعيدة عن الصراعات السياسية والحزبية، داعيا القوى السياسية الفائزة في الانتخابات إلى البدء بحوار "جدي وبنّاء" لتشكيل حكومة جديدة "قوية وفاعلة".

وقال نيجيرفان بارزاني في كلمة له خلال حفل تخرج طلبة الدورة التأهيلية الرابعة لإعداد الضباط، في الكلية العسكرية الثالثة في قلاجولان بمحافظة السليمانية "نحن في إقليم كردستان لدينا عقيدة عميقة وراسخة بأن البيشمركة وقواتنا المسلحة الأخرى ينبغي ومن الضروري أن تكون مؤسسة وطنية ومهنية مستقلة، وأن تكون بعيدة عن أي نوع من أنواع الاختلاف والصراع السياسي والحزبي، وأن تكون تلك القوات تابعة للوطن، ولشعب كردستان بمختلف مكوناته".

وأضاف أن "قوات البيشمركة جزء مهم ورئيسي للمنظومة الدفاعية العراقية، لذا فإن مسؤولية العراق ومن جميع الجوانب أن تدعم تمكين البيشمركة"، مردفا "نحن وبشكل دائم وجدي نعمل على تعزيز قدرة وقابلية قوات البيشمركة لكي تتمكن وبأفضل شكل مواجهة أي تحد وتهديد كما كانت دائما الدرع الحصين لكردستان".

وأكد برزاني أن قوات البيشمركة وقواتنا الأخرى في الحرب ضد الإرهاب، ومواجهة تنظيم داعش الإرهابي بالفعل وبدمائهم أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية الوطنية والتاريخية، منوها إلى أن تلك القوات قدمت نموذجا فريدا في الشجاعة، والفداء، والتضحية للوطن.

وأشار إلى أنه "في المرحلة الراهنة التي ما يزال فيها الإرهاب والتطرف يشكلان تهديدا حقيقيا نؤكد على مواصلة التنسيق والتعاون المشترك بين قوات البيشمركة والجيش العراقي وقوات التحالف الدولي"، معربا عن شكره الى التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش على دعمها الدائم للعراق وإقليم كردستان.

ويعد ملف توحيد قوات البيشمركة من القضايا البارزة في إقليم كردستان، حيث تعمل حكومة الإقليم بدعم من شركاء دوليين على دمج الوحدات المختلفة تحت مظلة وزارة البيشمركة.

ويأتي هذا المشروع في ظل تحديات أمنية وإقليمية تستوجب تعزيز جاهزية القوات، فضلا عن الحاجة إلى تعزيز الانسجام بين الأحزاب السياسية الرئيسية لضمان نجاح العملية.

وأعرب برزاني عن تقديره وشكره الخاص أيضا على دعم التحالف لتوحيد وتنظيم قوات البيشمركة تحت مظلة وزارة شؤون البيشمركة في حكومة إقليم كردستان لكي تكون قوات وطنية حامية لمكتسبات الإقليم بجميع مكوناته، مستدركا "صحيح أن هناك مشاكل وعراقيل أمام العملية، والخطوات بطيئة في هذا المجال إلا أنها تسير نحو الامام بشكل جيد".

وتعهد رئيس الإقليم بمواصلة عملية إصلاح وتوحيد قوات البيشمركة، وقال إن "مشاكل وتعقيدات منطقة الشرق الأوسط تهدد أمن واستقرار العراق واقليم كردستان والمنطقة كافة، مضيفا "نحن في اقليم كردستان نؤكد على ضرورة إبعاد العراق عن صراعات ومشاكل المنطقة لأن العراق بحاجة الى الهدوء والاستقرار والتنمية الدائمة، وليس الى المزيد من التوترات والخلافات والصراعات.

وتابع أن العراق وبعد تاريخ مليء والألم والمعاناة والدمار بسبب الحروب المتتالية، فإن الآن بحاجة الى الاستقرار لكي يتمكن من استخدام ثرواته الغنية وخيراته في الاعمار والبناء والتنمية وتطوير قطاعات الحياة، مؤكدا ان شعب كوردستان والعراق وفي مناطقهم كافة يستحقون حياة كريمة والى المزيد من الخدمات.

وشدد نيجيرفان بارزاني على أن إقليم كردستان سيبقى عامل استقرار في المنطقة، ويمدُّ يد العون إلى جميع الأطراف في إطار ترسيخ الأمن والاستقرار والتعايش السلمي، قائلا إن تجربة عشرات السنوات في اقليم كردستان علمتنا بأن الحوار والتفاهم والتفاوض المستمر السبيل الوحيد والملائم والصحيح في حل المشاكل، وإنهاء الازمات.

وأعرب عن اعتقاده أن تمتين التعاون والتنسيق بين جميع المكونات الضمان الحقيقي في بناء عراق ديمقراطي اتحادي يحترم التعددية والاختلافات يحفظ حقوق وحريات جميع المكونات.

ولفت إلى أنه بالنظر الى المرحلة الحساسة التي تلي الانتخابات في اقليم كردستان والتي كانت انتخابات ناجحة بمشاركة نحو 70 بالمئة من شعب كردستان في التصويت، فإنها كانت بجميع المعايير انتصار لكردستان، داعيا القوى السياسية كافة الفائزة في الانتخابات، أن تضع المصلحة الوطنية في مقدمة أولوياتها، وتبدأ بحوار جدي ومسؤول وبنّاء لتشكيل حكومة قوية وفاعلة.

وأشرف برزاني بصفة القائد للقوات المسلحة في الإقليم، على حفل تخريج الدفعة الرابعة للطلاب الضباط من كلية "قلاجولان" العسكرية بحضور السيدة الأولى شاناز إبراهيم أحمد، والشيخ جعفر مصطفى نائب رئيس الإقليم، وقوباد طالباني نائب رئيس حكومة الإقليم، وشورش إسماعيل وزير البيشمركة، وذوي الضباط المتخرجين.

وتخرج في هذه الدورة 769 ضابطا، بينهم 48 من النساء، بعد 7 شهور من الدراسة والتدريب، وهم من حملة شهادة البكالوريوس من جميع المحافظات العراقية.

وكانت آخر زيارة لبارزاني إلى السليمانية في الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي قبيل اجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان، حيث اجتمع مع الحكومة المحلية في ديوان المحافظة لمناقشة الأعمال المنجزة والدعم المقدم من قبل رئاسة إقليم كردستان وحكومة الإقليم والحكومة الاتحادية الى المحافظة.

وتضاعفت طوال السنوات الماضية الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية على إقليم كردستان العراق، من مختلف الجهات، الداخلية والخارجية، حتى وصل الأمر ببعض المراقبين وقادة الرأي العام في الإقليم إلى التحذير من إمكانية "تفكك الإقليم" وانتهاء تجربته الفيدرالية، وعودة السلطة العراقية إلى حُكمه مركزيا، ما لم تتوحد القوى السياسية في الإقليم، وتتوافق على استراتيجية سياسية وأمنية وعسكرية وإدارية واضحة لمواجهة هذه الضغوط، مبنية على تصفية مختلف أوجه الانفصام الداخلي.

ويشكل ملف توحيد قوات البيشمركة الكردية، المُقسمة فعليا بين الحزبين الرئيسين الحاكمين للإقليم، الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، واحدا من أهم القضايا التي يتطلع الرأي العام في الإقليم إلى إنجازها في أقرب وقت، حسب الخطة المرسومة من قِبل قوى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، والتي قدمتها على شكل خطة تفصيلية منذ أواخر عام 2018، وتتوقع إتمام بنودها قبل نهاية عام 2026.

لكن الخلافات السياسية بين الحزبين، وزيادة الاستقطاب بين القادة السياسيين، خصوصا خلال العامين الأخيرين، تُشير إلى إمكانية تأخر هذه الخطة المتوافق عليها بين قوى التحالف وحكومة الإقليم، أو حتى إمكانية توقفها تماما.

وقال وزير شؤون البيشمركة شورش اسماعيل، في كلمة له خلال مراسم حفل التخرج اليوم السبت، إن بقاء إقليم كردستان مرهون بوجود قوات بيشمركة قوية منظمة وموحدة. مضيفا "قد تمكنا من تنفيذ جزء من البرنامج الإصلاحي لقوات البيشمركة".

وتابع أن الولايات المتحدة كانت داعمة لنا بتنفيذ البرنامج الإصلاحي وتشكيل القوات العسكرية لكردستان، معربا عن شكره لها على ذلك.

كما دعا وزير البيشمركة الحزبين الكورديين الرئيسيين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني إلى التعاون في توحيد قوات البيشمركة، قائلا "هدفنا أن تكتمل عملية توحيد قوات البيشمركة بحلول العام 2026".