نواب كويتيون يرفضون المعارضة الشكلية ويعيدون النبش في قضايا الفساد

دعوات لتشكيل لجنة تحقيق في فساد وزراء ونواب وتضخم حساباتهم.
الخميس 2021/11/11
صداع المعارضة لن ينتهي

إصدار عفو عن نواب واستقالة الحكومة خطوتان على قدر أهميتهما إلا أنهما لن تغيرا الكثير على ما يبدو في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت، وهو ما ترسخ بإقدام نواب من المعارضة على النبش مجددا في ملفات فساد كبرى تطال نوابا ووزراء ومسؤولين كبارا.

الكويت - تقول أوساط سياسية ونيابية كويتية إن التهدئة التي عمل أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح على استتبابها بين السلطتين التشريعية والتنفيذية معرضة للانهيار قبل أن تبدأ، حيث أن جزءا مهما من النواب يرفض الخضوع لمنطق الصمت أو "المعارضة الشكلية" لمجرد تمرير عفو عن نواب سابقين ونشطاء سياسيين.

وتشير الأوساط إلى أن هناك انقسامات في صفوف نواب المعارضة بين داعمين للتهدئة وهم النواب الذين شاركوا في الحوار الوطني مع الحكومة المستقيلة، وقدموا التماسا للعفو عن محكومين سياسيين، وبين متمنعين يرفضون منطق المساومة والانخراط في لعبة قد تنتهي بهم إلى معارضة مدجنة.

وتلفت تلك الأوساط إلى أن الشق الأول من النواب يجد نفسه اليوم في إحراج، خصوصا وأن زملاءهم من النواب المتحفظين مصرون على مواقفهم في ملفات لطالما شكلت مصدر توتّر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ومنها ملف الفساد الذي يبدو أنه سيتصدر الدورة الحالية لمجلس الأمة.

وتقدم أحد عشر نائبا وهم: شعيب المويزري، مرزوق الخليفة، صالح ذياب المطيري، عبدالعزيز الصقعبي، مهند الساير، محمد براك المطير، ثامر السويط، خالد العتيبي، عبدالكريم الكندري، مبارك الحجرف وفارس العتيبي بطلب إنشاء لجنة برلمانية للتحقيق في شبهات فساد وتحويلات مالية لوزراء ونواب ومسؤولين كبار في الدولة.

واستند النواب في طلبهم إلى المادة 114 من الدستور والمادة 147 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وطالبوا “بتشكيل لجنة تحقيق من خمسة أعضاء يتم اختيارهم بالانتخاب نداء بالاسم حول الشبهات التي أثيرت على النواب والوزراء السابقين والحاليين وجميع قياديي الدولة من هم في درجة وكيل وزارة مساعد فما فوق وأقاربهم جميعا من الدرجة الأولى على أن تبدأ من تاريخ الأول من يناير 2009 إلى يومنا هذا وتصدر تقريرها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها للتحقيق".

الكويت اهتزت في السنوات الأخيرة على وقع سلسلة من الفضائح تتعلق بشبهات فساد مالي منها تضخم حسابات وشبهة غسيل أموال وصفقات مشبوهة وتلاعب بأسهم وغيرها

ويتضمن عمل اللجنة وفق اقتراح النواب التدقيق في التحويلات المالية والتضخم المالي لحسابات الوزير أو النائب أو المسؤول محل الشبهات وأيضا التدقيق في حسابات شركاتهم المصرفية.

ويشمل الطلب التدقيق في العقارات السكنية والتجارية والاستثمارية والقسائم الصناعية والزراعية والحرفية والخدمية وجميع الأموال العينية سواء كانت مملوكة أو بعقود انتفاع أو بغيرها داخل الكويت وخارجها.

كما تتولى اللجنة مهمة النظر في المناقصات والعقود في جميع وزارات وهيئات الدولة ومؤسساتها بما فيها مؤسسة البترول والشركات التابعة لها، وصفقات وعقود التسليح وعلى وجه الخصوص الكاراكال واليوروفايتر والرافال وغيرها.

ومن المهام الموكولة إلى اللجنة حسب طلب النواب، التدقيق في الشبهات المالية والجنائية وحالات تعارض المصالح التي أثيرت حول كل استثمارات الدولة، بما فيها استثمارات مؤسسة التأمينات الاجتماعية وصفقة اندماج بيت التمويل الكويتي والبنك الأهلي المتحد وغيرها من الاستثمارات، ومراجعة وفحص كل عقود أملاك الدولة والقسائم الصناعية والحرفية والخدمية والزراعية من حيث مطابقتها للشروط وتسعيرها وفقا للأسعار السوقية وإبرامها وفق الإجراءات القانونية سواء كانت للنواب أو وزراء أو قياديين سابقين وحاليين أو غيرهم من الأفراد والشركات.

واهتزت الكويت في السنوات الأخيرة على وقع سلسلة متتالية من الفضائح تتعلق بشبهات فساد مالي، منها تضخم حسابات وشبهة غسيل أموال وصفقات مشبوهة وتلاعب بأسهم وغيرها من الشبهات والتجاوزات المالية والإدارية والقانونية، وطالت هذه الشبهات أسماء وازنة في الدولة بينهم شيوخ من الأسرة الحاكمة والعشرات من النواب بينهم 12 نائبا في مجلس الأمة السابق.

وشكلت هذه الفضائح إحراجا كبيرا للإمارة التي تعاني من ضغوط اقتصادية جراء تفشي وباء كورونا وتذبذب أسعار النفط.

خلافاتهم لا تنتهي
خلافاتهم لا تنتهي 

وظهرت مؤشرات في الفترة الأخيرة عن رغبة في طي صفحة هذه الملفات سواء من خلال تسريع الحكم في بعض القضايا التي شغلت الرأي العام وتمييع أخرى، بالتوازي مع الترويج لصفحة جديدة تفتح في الكويت قوامها الاستقرار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للالتفات إلى التحديات الاقتصادية، لكن لا يبدو أن الأمور ستسير وفق ما يرغب أصحاب القرار.

وكان أمير الكويت أطلق حوارا وطنيا في سبتمبر الماضي لحلحلة القضايا الخلافية بين الحكومة ونواب المعارضة التي أدخلت البلاد في حالة من الجمود السياسي. وجاء الإعلان الأميري بالتزامن مع الذكرى الأولى لتوليه مقاليد الحكم خلفا لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

وكلف الشيخ نواف الأحمد الصباح لجنة من رؤساء السلطات الثلاث لاقتراح الضوابط والشروط للعفو عن نواب ونشطاء سياسيين لاستصدار مرسوم العفو.

وجاء ذلك بعد أن تقدم نحو 40 نائبا بالتماس للعفو عن هؤلاء مقابل ضمان "استقرار سياسي دائم وقواعد سياسية جديدة وتعاون بناء بين كافة الأطراف في البرلمان وخارجه لفتح صفحة بيضاء لكويت جديدة".

وبمجرد صدور العفو وتقديم الحكومة برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح لاستقالتها، أظهر نواب أن الأمور لا تقف عند عفو أو استقالة، لا بل أن المعركة مع السلطة التنفيذية أبعد من ذلك.

3