نلومكم وتلوموننا: من يمول التحول نحو بيئة أفضل

لا يزال العالم يعيش حالة من الانقسامات والاختلافات بشأن كيفية معالجة قضايا المناخ قبل قمة كوب 28 الرئيسية في دبي في ديسمبر القادم، والتي ينتظر أن تؤسس لتوحيد الرؤى، بينما يسود العالم قلق على مستقبله جراء المشاكل المناخية من فيضانات قاتلة وموجات قيظ وعواصف في أنحاء مختلفة من أرجائه، تعطي لمحة عن أسوأ السيناريوهات المحتملة.
برشلونة (إسبانيا) - لا تزال الهوة واسعة بين الدول الغنية وبعض الدول النامية بشأن الطريقة المثلى لمعالجة قضايا المناخ الملحة التي تتسبب في كوارث طبيعية واحتباس حراري متزايد، ستكون نتائجه وخيمة إن لم تتخذ القرارات والإجراءات اللازمة والجدية.
ويقترب إعصار بيبارجوي المصنف من الدرجة الأولى من جنوب باكستان هذا الأسبوع. وقال الدبلوماسي الباكستاني نبيل منير الذي يترأس الوفد الرئيسي للدول النامية في مفاوضات المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة في منتصف العام في بون، وسط خلاف على جدول أعمال الاجتماع، إنه شعر وكأنه “يدير صفا في المدرسة الابتدائية”.
توصلت الأطراف إلى حل وسط في الليلة التي سبقت انتهاء المفاوضات التي استمرت أسبوعين في المدينة الألمانية، لتجنب إحراج دبلوماسي قبل قمة كوب 28 الرئيسية في دبي في ديسمبر.
لكن مفاوضات بون لم تحل الاختلافات الصارخة بين الدول الغنية التي تريد التركيز على برنامج عمل رسمي لتعزيز خفض الانبعاثات، وبعض الدول النامية التي تطالبها أيضا بمعالجة نقص التمويل الدولي لمساعدتها على التحول إلى الطاقة النظيفة.
وقال توم إيفانز، مستشار سياسة دبلوماسية المناخ الجغراسياسية في مجموعة "إي 3 جي" للاستشارات البيئية، "يلعب المفاوضون في بون لعبة إلقاء اللوم ويوجهون أصابع الاتهام إلى إجراءات بعضهم البعض غير الكافية".
خلافات
وأشار إلى أن “الجائزة الكبرى” في كوب 28 ستكون صفقة سياسية طموحة لتكثيف العمل المناخي استجابة لمراجعة عالمية تهدف إلى تسليط الضوء على فشل العالم في الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى هدف عالمي يبلغ 1.5 درجة مئوية، وكيف أنه غير مستعد لكوارث المناخ. وتابع "نخاطر بأن ننهي أعمالنا دون التوصل إلى نتيجة مشتركة إذا لم تتدخل البلدان الرائدة لعقد صفقة قبل كوب 28".
وقال خبراء سياسة المناخ إن عدم رغبة الدول الغنية في الوفاء بوعودها المتعلقة بتمويل المناخ ومناقشة زيادة التمويل للدول الفقيرة والضعيفة، قد تسبب في توتر الأجواء بشأن معظم القضايا المطروحة للتفاوض. ومن المقرر أن يمتد هذا إلى كوب 28.
ومنذ 2020، كانت الدول النامية تنتظر تمويلا بقيمة 100 مليار دولار سنويا لمساعدتها على تبني الطاقة النظيفة والتكيف مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وهو تعهد قالت الدول الغنية إنها يجب أن تبلغه هذا العام. وقدرت أحدث التقديرات هذا التمويل بنحو 83 مليار دولار في 2020.
وأشار ديفيد واسكو، مدير مبادرة المناخ الدولية في “معهد الموارد العالمية” للأبحاث البيئية والتنموية، إلى أن هذا التأخير قوّض الثقة اللازمة لإجراء مفاوضات سياسية فعالة.
وقال "كان التقدم في بون محبطا على كل الجبهات تقريبا، وكان السبب الرئيسي وراء ذلك هو المال. وأصبحت الدول النامية محبطة أكثر لأن الأموال الموعودة لتنفيذ خططها المناخية لم تتحقق".
وكانت موجات الجمود بشأن التمويل تعني أن العديد من القضايا الرئيسية في محادثات منتصف العام، التي كانت تهدف إلى تمهيد الطريق لتحقيق نجاح كوب 28، بقيت محل خلاف وتقرر تأجيلها إلى ورش عمل واجتماعات أخرى قبل قمة دبي.
◙ عدم رغبة الدول الغنية في الوفاء بوعودها قد تسبب في توتر الأجواء بشأن معظم القضايا المطروحة للتفاوض
وتراوحت مجالات العمل الرئيسية بين تحديد نقاط هدف عالمي يكمن في التكيف لجعل الزراعة أكثر تأقلما مع المناخ والتخطيط لانتقال عادل إلى عالم منخفض الكربون.
كان تعليق رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” سلطان الجابر إحدى النقاط المضيئة. وقال الجابر الذي سيقود محادثات مؤتمر كوب 28 إن “التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري حتمي”. ولم يستخدم عبارات بهذه الحدّة من قبل.
وأضاف أن وتيرة ذلك ستعتمد على “مدى السرعة التي يمكننا بها التخلص التدريجي من بدائل خالية من الكربون، مع ضمان أمن الطاقة وإمكانية الوصول إليه والقدرة على تحمل التكاليف".
وقال محمد أدو، مدير مركز "باور شيفت أفريكا" البحثي المتخصص في المناخ والطاقة ومقره نيروبي، "قد يكون هذا هو الرجل الذي يشرف على اتفاق هذا العام على الانتقال إلى التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري. يسبب تغير المناخ الناجم عن الوقود الأحفوري معاناة للشعوب في أفريقيا. فليكن مؤتمر كوب 28 بداية انتعاشنا".
خفض الوقود الأحفوري
كما أشادت مجموعات الضغط، التي كانت تدعو إلى إقصاء ممثلي صناعة الوقود الأحفوري من المشاركة في محادثات المناخ، باعتماد أول إجراء يفرض على كل المشاركين الإفصاح مسبقا عن انتمائهم.
لكنها أعربت عن أسفها لأن الإجراءات الجديدة لن تشمل الحاجة إلى الكشف عن الرعاية المالية، مما يعني أننا لن نعلم ما إذا كانت صناعة الوقود الأحفوري تموّل مشاركا في محادثات المناخ.
وأظهرت الأبحاث التي أجريت خلال العام الماضي حول كوب 27 في مصر، والتي أصدرتها جماعات حقوق الإنسان، أن 636 من جماعات الضغط العاملة في مجال الوقود الأحفوري تواجدت في القمة، وكانت تابعة لأكبر شركات النفط والغاز في العالم.
◙ نشطاء المناخ يرون أنه في حين كانت نتائج محادثات بون مخيبة للآمال ستتوفر قريبا فرص لدفع المناقشات في التجمعات الرئيسية الأخرى
وقالت سارة شو، وهي منسقة البرنامج في جمعية أصدقاء الأرض الدولية، "لا مكان للثعالب في أقنان الدجاج. تعدّ هذه الخطوة المهمة لزيادة الشفافية هي علامة فارقة تقربنا من طرد الملوثين الكبار من هذه العملية".
وقال نشطاء المناخ والمحللون إنه في حين كانت نتائج محادثات بون مخيبة للآمال، ستتوفر قريبا فرص لدفع المناقشات في التجمعات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك قمة باريس الأسبوع المقبل حول إصلاح النظام المالي العالمي لمساعدة الدول النامية المثقلة بالديون.
ودعوا الحكومات إلى الموافقة على تخفيف عبء الديون الذي يؤثر على أكثر من 90 في المئة من البلدان المعرضة لتغير المناخ، وتقديم المزيد من التمويل في شكل منح لمساعدتها على التكيف مع الطقس القاسي وارتفاع منسوب البحار والتعافي من الخسائر الناجمة عن تغير المناخ.
وقال هارجيت سينغ، رئيس الإستراتيجية السياسية العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية غير الربحية، "لا يمكنك جني الأموال من مآسي الناس". وذكر أن هذه التحديات لا يمكن حلها بالقروض، التي تشكل الجزء الأكبر من تمويل المناخ الآن. وقال للصحافيين في بون "إنه أمر غير أخلاقي وغير عادل".