نقص الكتب والمعلمين يفاقم التسرب من التعليم في اليمن

الكثير من الطلاب لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة بسبب الظروف الصعبة وارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية.
الاثنين 2024/09/23
نظام تعليم شبه منهار

عدن - رغم مرور ثلاثة أسابيع على بدء العام الدراسي الجديد في مدينة عدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في جنوب وشرق البلاد، لم يتمكن الكثير من الطلاب من الالتحاق بمقاعد الدراسة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية وما تعانيه المدارس من نقص في الكتب والمعلمين.

ورغم أن التعليم الحكومي مجاني في اليمن، يواجه علي عمر صالح (50 عاما) وهو موظف حكومي في عدن، ظروفا اقتصادية ومالية خانقة جعلته عاجزا عن توفير المتطلبات المدرسية لأولاده الثلاثة.

وقال صالح بنبرة غضب لرويترز “لم نستطع أن نوفر أكل يومنا بثلاث وجبات، فكيف نستطيع توفير مصاريف المدارس وتكاليف مستلزماتها المتعددة لثلاثة من أولادي”.

وأضاف صالح “مع موجة الغلاء الحاد لم نتمكن من توفير أي شيء، ولهذا اضطررنا لإجبار أولادنا على ارتداء ملابس العام الماضي ومسايرة الوضع بما هو متوفر، ماذا نفعل ليس أمامنا خيار آخر”.

ووفقا للتقديرات الرسمية هناك أكثر من 2.5 مليون طالب وطالبة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في جنوب وشرق البلاد.

نقص الكتب المدرسية والتجهيزات الفنية المتصلة بالدراسة "علاوة على أن كثيرا من المدارس مدمرة بسبب الصراع، وكذلك انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ما يؤثر على الطلاب وتحصيلهم العلمي"

وقال عبدالله عبده حسن (44 عاما) الذي يملك مغسلة للملابس في عدن إنه اضطر هذا العام إلى إبقاء ولديه (15 و17 عاما) للعمل معه في محله الذي هو مصدر دخل أسرته المكونة من تسعة أشخاص، بدلا من الذهاب إلى المدرسة في ظل ما يعتبره “عدم جدوى التعليم”.

يقول محمد علي لملس وكيل وزارة التربية والتعليم في عدن إن الحكومة تواجه صعوبات في إنجاح العملية التعليمية هذا العام مع وجود نقص كبير في المدرسين نتيجة “إحالة الكثير منهم إلى التقاعد وعدم إحلال بدل عنهم، لسد فجوة غياب الكادر التعليمي، الذي تشهده معظم المدارس”.

كما أشار إلى نقص الكتب المدرسية والتجهيزات الفنية المتصلة بالدراسة “علاوة على أن كثيرا من المدارس مدمرة بسبب الصراع، وكذلك انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ما يؤثر على الطلاب وتحصيلهم العلمي”.

وتشير تقارير للأمم المتحدة إلى أن الأزمة الاقتصادية باليمن رفعت معدل التضخم إلى نحو 45 في المئة والفقر إلى نحو 78 في المئة كما وصلت البطالة بين الشباب إلى 60 في المئة تقريبا.

وقال ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن بيتر هوكينز إن وجود 4.5 مليون طفل خارج المدرسة في اليمن بمثابة “قنبلة موقوتة”. وحذر هوكينز من أن ذلك يعني أنه “في غضون ما بين خمس وعشر سنوات، ربما يكون الجيل القادم أميا، وربما لا يعرف الحساب، ولديه القليل جدا من المهارات الحياتية”.

تقول أم أحمد (45 عاما) وهي موظفة حكومية في عدن “هذا العام صدمت بأسعار القرطاسية والمستلزمات الدراسية، لأبنائي الأربعة، وجميعهم في سن الدراسة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، كل الأشياء سعرها مرتفع مقارنة بالعام الماضي”.

فيما تصف أم محمود (50 عاما) الأرملة المقيمة في عدن ولديها ثلاثة أولاد أسعار المستلزمات الدراسية بأنها “موجعة… ارتفعت أسعار الدفاتر بأكثر من 200 في المئة عن الأعوام السابقة”.

وقال الباحث المتخصص بالشؤون الاقتصادية والمالية وحيد الفودعي لرويترز “تكاليف المستلزمات الدراسية تشكل عبئا إضافيا على الأسر اليمنية في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية وقلة مصادر الدخل”.

وحذر من أن حرمان الأطفال من التعليم بسبب عدم قدرة الآباء على تلبية متطلباتهم “لا يعني فقط فقدانهم فرصة اكتساب المعرفة، بل يعرضهم أيضا لخطر الانخراط في سوق العمل المبكر أو حتى في النزاعات المسلحة”.

وبحسب تقرير لليونيسيف يواجه اليمن أزمة حادة في التعليم، حيث من الممكن أن يصل عدد الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات التي تلحق تعليمهم إلى 6 ملايين طالب وطالبة، وهو ما ستكون له تبعات هائلة عليهم على المدى البعيد.

الهيكل التعليمي يواجه المزيد من العوائق تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016 أو أنهم انقطعوا عن التدريس بحثًا عن أنشطة أخرى مدرة للدخل

ومنذ بداية النزاع في مارس 2015، خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرةً على النظام التعليمي في البلاد وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وكان للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً تأثيراً بالغًا على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكافة الأطفال في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن دُمّرت 2.916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئيًا أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة 7 سنوات من النزاع الذي شهدته البلاد.

كما يواجه الهيكل التعليمي المزيد من العوائق تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016 أو أنهم انقطعوا عن التدريس بحثًا عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

واضطرت المدارس إلى إغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة فايروس كورونا خلال معظم أيام الدراسة للأعوام الدراسية ما بين 2019-2021، مما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية لحوالي5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة. يشار إلى أن نحو مليوني طفل كانوا خارج العملية التعليمية قبل انتشار جائحة فايروس كورونا.

ومن بين العوامل الأخرى التي تساهم في زيادة مواطن الضعف لدى الأطفال النزوح المتكرر وبُعد المدارس والمسائل التي تتعلق بالسلامة والأمن، بما في ذلك مخاطر المتفجرات، ونقص المعلمات (حيث يبلغ عدد المعلمين الذكور 80 في المئة) وعدم إمكانية الوصول إلى مرافق المياه والصرف الصحي التي تراعي الفوارق بين الجنسين.

ومن مخاطر تسرب الفتيات من المدارس تعرضّهن للزواج المبكر والعنف الأسري، في حين يصبح الفتيان المنقطعون عن الدراسة أكثر عرضة للتجنيد في صفوف الجماعات المسلحة.

16