نظام أوكيناوا الغذائي ينشط الجين المسؤول عن طول العمر

النظام منخفض الدهون يركز بشكل كبير على الخضار ومنتجات الصويا.
الأحد 2022/12/11
حمية أوكيناوا تقاوم الشيخوخة

يشير خبراء اللياقة البدنية إلى أهمية حمية أوكيناوا في المحافظة على صحة الجسم ومواجهة الشيخوخة وإطالة العمر، وذلك لكونها نظاما غذائيا منخفض السعرات الحرارية والدهون، وغنيا بالكربوهيدرات، ويركز بشكل كبير على الخضار ومنتجات الصويا. ولا يتناول أصحاب حمية أوكيناوا الأطعمة المتحولة الغنية بالملح، بينما يأكلون القليل من اللحوم ومشتقات الحليب، كما يفضلون الخضار الموسمية الغنية بالألياف والفيتامينات، والأقل سعرات حرارية.

باريس – أكد أحد علماء الشيخوخة أن مستقلبا فريدا للعديد من المصادر الغذائية يمكن أن يكون مفتاح تنشيط “جين طول العمر” وهو الجين “إف.أو.إكس 03”.

وتعرف الشيخوخة بأنها عملية متعددة العوامل يحددها التركيب الجيني للشخص والبيئة. ومن بين المكونات الجينية المختلفة المرتبطة بطول عمر الإنسان، ثبت أن “إف.أو.إكس 03” هو الأكثر أهمية. وعلى الرغم من أن الجميع يحملها، إلا أن تناول أطعمة معينة قد يسمح لها بالتعبير أكثر عن نفسها، وبالتالي إطالة العمر.

وأظهرت الدراسات التي أجريت على البشر الذين يعيشون أكثر من 100 عام أن العديد من هؤلاء الأفراد يشتركون في نسخة غير عادية منه.

ويشير الدكتور برادلي ويلكوكس الباحث الرئيسي في دراسة “كياكيني هاواي ليفسبان” الممولة من المعهد الوطني للشيخوخة، إلى أن هناك طرقا يمكن من خلالها تنشيط هذا الجين من خلال النظام الغذائي.

الجين يمكنه تعزيز طول العمر بطريقة تتمثل في مواجهة تأثيرات البروتينات السامة التي تؤدي إلى تقصيره

وأوضح خبير طول العمر “خلاصة القول هي أنه حتى لو لم يكن لديك البديل الأفضل من ‘إف.أو.إكس 03’ من حيث طول العمر، من خلال التعبير عن الجين أو تشغيله، فستتمكن من تكرار آلية طول العمر. ويمكنك القيام بذلك عن طريق تناول أطعمة معينة، وهي إحدى الوظائف التي يحققها نظام أوكيناوا الغذائي”.

وفي الأساس، نظام أوكيناوا الغذائي منخفض السعرات الحرارية والدهون، وغني بالكربوهيدرات، ويركز بشكل كبير على الخضار ومنتجات الصويا، بينما تستخدم البطاطس الحلوة كمصدر رئيسي للسعرات الحرارية.

وسبب تسمية حمية أوكيناوا بهذا الاسم يعود إلى جزيرة أوكيناوا اليابانية والمعروفة بأن سكانها من أكثر سكان العالم تمتعًا بالصحة وأقلهم إصابة بالأمراض المستعصية كأمراض القلب والسرطان والسكري والسمنة، كما أنهم يتمتعون بأعلى متوسط عمر متوقع مقارنة ببقية دول العالم وهو 90 سنة للنساء و84 سنة للرجال.

كما يوجد في أوكيناوا أكبر عدد من المعمرين في العالم أي الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم المئة عام، والسبب في التمتع بالصحة وطول العمر لدى سكان الجزيرة يعود إلى طبيعة نمطهم الغذائي الذي مكث قيد الدراسة لعقود والذي أصبح يطلق عليه اسم “حمية أوكيناوا”، والتي تعتمد على الإكثار من تناول الخضار والمأكولات البحرية والامتناع عن تناول الأغذية المصنعة.

واشتهر النظام الغذائي الذي يعتمده سكان أوكيناوا بفضل الدراسات التي أجراها اختصاصي أمراض القلب ماكوتو سوزوكي في 1970.

وتتمثل الأطعمة الرئيسية في نظام أوكيناوا الغذائي التقليدي في الخضار (58 – 50 في المئة): البطاطس الحلوة (البرتقالية والأرجوانية)، والأعشاب البحرية، وبراعم الخيزران، وفجل دايكون وشمام مر وملفوف وجزر وبامية صينية وقرع وبابايا خضراء.

والحبوب (33 في المئة): القمح والأرز والمعكرونة. وأطعمة الصويا (خمسة في المئة): التوفو وناتو وإدامامي. وأخرى (واحد في المئة): شاي وبهارات.

وهناك مكونان آخران غنيان بمضادات الأكسدة يتم استهلاكهما بكثرة في هذا النظام الغذائي وهما شاي الياسمين والكركم.

نظام أوكيناوا الغذائي يعتمد على استهلاك الماء والشاي والخضروات الخضراء، والفواكه منخفضة السعرات الحرارية، وحليب الصويا، والأعشاب البحرية الطازجة، والزبادي قليل الدسم

ويلاحظ الدكتور ويلكوكس أن الشيء الوحيد المشترك بين العديد من هذه الأطعمة هو المغذيات الدقيقة القوية الموجودة في الغالب في النباتات البحرية، والمعروفة باسم أستازانتين.

وقال “يُعرف باسم كاروتينويد بحري، يوجد في الأعشاب البحرية. إنه جزء من نظام أوكيناوا الغذائي”.

وتحدث الصبغة الحمراء في بعض الطحالب وهي مسؤولة عن إعطاء السلمون لونه الوردي والأحمر. وتشير الأبحاث إلى أن المادة الكيميائية قد تكون ذات فائدة خاصة لأولئك الذين يعانون من حالات التهابية مثل التهاب المفاصل أو اضطرابات الروماتويد.

وتتمثل إحدى الطرق التي يمكن بها للجين تعزيز طول العمر في مواجهة تأثيرات البروتينات السامة التي تؤدي إلى الإصابة بمرض التنكس العصبي وتقصير العمر الافتراضي.

واكتشف بحث نُشر في “نايتشر كمينيكيشن” أن القوارض التي تفتقر إلى الجين “إف.أو.إكس 03” هي أيضا أقل قدرة على التعامل مع المواقف العصيبة. وما يشير إليه ذلك هو أن الجين قد يحافظ على قدرة الدماغ على التجدد عن طريق منع الخلايا الجذعية من الانقسام حتى تساعد البيئة على بقاء الخلايا الجديدة.

وأشارت خبيرة التغذية الفرنسية سيبيل نو التي أصدرت مؤخراً كتاباً بعنوان “حمية أوكيناوا” إلى أن كبار السن في هذه الجزيرة لا يتناولون الأطعمة المتحولة الغنية بالملح، بينما يأكلون القليل من اللحوم ومشتقات الحليب، كما يفضلون الخضار الموسمية الغنية بالألياف والفيتامينات والأقل سعرات حرارية، فضلاً عن السمك الذي يتميز بدهونه غير المشبعة الضرورية لصحة القلب والشرايين.

ويعتمد سكان الجزيرة أيضاً على تناول الكربوهيدرات البطيئة، مثل الأرز ونودلز الحنطة السوداء والبطاطس الحلوة وفاصوليا أزوكي، بالإضافة إلى البروتينات النباتية مثل التوفو والطحالب والبهارات، مثل الكركم والشاي الأخضر، الذي يحتوي على كمية معتبرة من مضادات الأكسدة.

وتبدو حمية أوكيناوا شبيهة بحمية البحر الأبيض المتوسط الغنية بالنباتات واليود، غير أنها تتميز بتواضع كمياتها. وبحسب سيبيل نو فإن اليابانيين يقدسون مبدأ غذائياً يدعى “هارا هاشي بان”، ويعني عدم بلوغ الشبع والتوقف عن الأكل بمجرد الشعور بضغط خفيف على المعدة.

وأكدت اختصاصية التغذية أن استبعاد الزبادي أو الكعك الحلو يساهم في إنقاص الوزن وتقليل خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، ومن هنا تأتي أهمية الاستمتاع أثناء الوجبة، كما تشير إلى أن سكان أوكيناوا يتناولون الكثير من المنتجات شبه المطبوخة أو النيئة طول النهار، مما يعزّز المضغ البطيء، وبالتالي يشبع بسرعة أكبر.

حمية أوكيناوا تبدو شبيهة بحمية البحر الأبيض المتوسط الغنية بالنباتات واليود، غير أنها تتميز بتواضع كمياتها

كما يعتمد نظام أوكيناوا الغذائي على استهلاك الماء والشاي والخضروات الخضراء، والخضروات المائية (الطماطم والخيار)، والفواكه الحمضية والفواكه الحمراء والفواكه منخفضة السعرات الحرارية، وحليب الصويا، والأعشاب البحرية الطازجة، والزبادي قليل الدسم، والتوفو بكميات كبيرة.

ويوصي نظام أوكيناوا الغذائي باحترام المبادئ الرئيسية الأخرى التي يتميز بها النظام الغذائي الياباني والتي هي سبب نجاح هذه الطريقة، مثل:

هارا هاتشي بان: الذي يقضي بالتوقف عن تناول الطعام قبل أن يحدث الشعور بالشبع التام.

كوتن غوا: يشجع على تناول أجزاء صغيرة فقط.

نوشي غوزوي: يدعو إلى الأكل مع التفكير في أن الأطعمة لها قوى شفائية.

كما يوصي نظام أوكيناوا الغذائي بتناول الطعام الطازج وطهيه قليلاً أو على نار خفيفة وتجنّب استخدام فرن الميكروويف والشواء.

16