نصف روبوت يقوده الذكاء الاصطناعي إلى القتل

فيلم "شبيه الكائن الحي" خط درامي يتعلق بالإنسان نصف الروبوت وهو كائن يمتلك القدرة على التفاعل مع من يحيطون به والتأثير فيهم وسرعة التقاطه الجانب المرتبط بالحس والمشاعر.
الاثنين 2019/05/20
في انتظار اللامتوقع

قدمت سينما الخيال العلمي العديد من التجارب التي يتم فيها توظيف الذكاء الاصطناعي وجعله ثيمة فيها الكثير من التشويق وغالبا الإسراف في الخيال، ولا يقتصر ذلك على استخدام الأنظمة التي تسيطر على الحياة اليومية من أجهزة وأماكن ووسائط نقل، بل انتقلت إلى الإنسان أيضا.

الإنسان الروبوت أو نصف الروبوت كان علامة فارقة في سينما الخيال العلمي، ليس فقط من خلال توظيفه مساعدا للإنسان، بل بتطوير قيمة وجوده حتى يكون ندا له، وقد شاهدنا العديد من الأفلام من ضمن هذا الباب التي تجمع ما بين الذكاء الاصطناعي والإنسان- الروبوت، وفي فيلم “شبيه الكائن الحي” للمخرج جوش جانويكز هناك الكثير مما ذهبنا إليه.

في منزل فاره يعيش فيه زوجان ثريان تقرر الزوجة صوفي (الممثلة أديسون تيملين) التخلي عن جميع الخدم وإيجاد بديل لهم، يقرر الزوج جيمس (الممثل درو فان إيكر) الاستعانة بشركة للذكاء الاصطناعي متخصصة بإنتاج الكائنات الروبوتية، ويجد الزوجان نفسيهما أمام العديد من النماذج لشباب وشابات في مقتبل العمر، وهي جميعا ليست إلاّ ربوبتات فيختاران أحدها.

يتم نسج الأحداث الدرامية بناء على دخول هذا الكائن الغريب (الممثل ستيفن سترايت) عنصرا جديدا في حياة الزوجين، ويتم التدرج في دفع الأحداث من خلال سلوك الكائن الروبوتي الذي لا يختلف كثيرا عن أي بشري، وهو نسخة ذكورية إلى حد كبير من فيلم “إيكس ماشينا” الذي كان فيه الروبوت امرأة.

وفي كلا الفيلمين تتطور علاقة الشخصيات البشرية مع الروبوتية إلى مرحلة المشاعر والعاطفة والحس، لكن في هذا الفيلم تتطور إلى أبعد من ذلك حتى يتحول الكائن الروبوتي إلى ند قوي للشخصيات البشرية.

كل ذلك يؤجج إحساس جيمس بالغيرة ويصبح في مواجهة الروبوت، يلقنه دروسا ويوسعه ضربا، لكنه لم يتوقع أنه يمتلك كل هذه القدرة على التفاعل مع البشر وبما فيهم الزوجة.

وفي خضم هذه الأحداث يتم نسج خط درامي يتعلق بهذا الكائن الجديد، فهو يمتلك مفرداته الخاصة وطريقة حياته المختلفة ليتوازى مع حياة الزوجين، وهو من دون قصد يتسلل إلى حياتهما ثم يتطور فيصبح عنصر أزمة في ما بعد.

سلوك الكائن الروبوتي لا يختلف كثيرا عن أي كائن بشري، وهو نسخة ذكورية من فيلم "إيكس ماشينا" الذي كان فيه الروبوت امرأة
سلوك الكائن الروبوتي لا يختلف كثيرا عن أي كائن بشري، وهو نسخة ذكورية من فيلم "إيكس ماشينا" الذي كان فيه الروبوت امرأة

وبموازاة ذلك كله، هناك خطوط سردية يتم من خلالها تقديم نمطين متوازيين من الأداء، الأول يتعلق بالروبوت شبه البشري والقادر على التأثير في من يحيطون به وسرعة التقاطه الجانب المرتبط بالحس والمشاعر، والثاني يتعلق بالزوجين اللذين يواجهان تحولا يتهدد حياتهما الزوجية.

ومن خلال هذه الخطوط السردية نمضي في تتبع الأحداث حتى نصل إلى نقطة التمرد النهائية التي سوف تقع ما بين صانع الروبوت ومدير الشركة المصنعة له وبين الزوجين على افتراض أن هنالك خللا عابرا في نظام الروبوت يمكن إصلاحه.

على أن المواجهة سوف تتطور وسوف ننتقل بالأحداث إلى منطقة الجريمة عندما يتم الإجهاز على رجال الشرطة وينتقم الإنسان الروبوتي من صانعه بشراسة في خاتمة درامية ملطخة بالدماء، وأحسب أن كاتب السيناريو والمخرج قد اتجها إلى هذا الحل الدرامي بعدما استنفدت الأحداث ولم يبق هناك الكثير مما يمكن أن يتم البناء عليه في ما يتعلق بسلوك ذلك الإنسان الآلي وشبه البشري.

التحول في هذا المسار يتمثل في إيقاف ما يمكن أن نسميه بمساحة الغواية التي صار الروبوت البشري يتحرك بموجبها متمثلا شخصية حقيقية بمشاعر وبإمكانه التأثير في الزوجة التي تشتكي لزوجها من ذلك.

هذا النموذج الدرامي الممثل في أنسنة الذكاء الاصطناعي يقدم لنا معالجة أخرى كان من الممكن أن يجري التعمق فيها أكثر مما قدمته لنا أحداث الفيلم، لكن المخرج وهو نفسه كاتب السيناريو اكتفى بالوصول إلى نقطة جعلت من الروبوت البشري مجرد ند للشخصيات.

وشكلت الحوارات ركنا أساسيا مهما في هذه الدراما الفيلمية، وهي معالجة لجأ إليها المخرج ربما لعدم توفر الحبكات الثانوية وعدم وجود تحولات درامية حاسمة، إذ بقي المسار مباشرا معتمدا على الحوارات اليومية بين الروبوت البشري والزوجة بشكل خاص.

وعلى صعيد البناء المكاني يمكن عدّ هذا الفيلم من الأفلام قليلة أو محدودة التكلفة، فقد تم التصوير في الغالب في أماكن حقيقية وتم الاستغناء عن الكثير مما يمكن توظيفه بصريا لدعم المسار الدرامي، لكن الخطاب البصري بقي متقشفا إلى حد بعيد.

ربما تكون هذه المعالجة الفيلمية لثيمة الكائن – الروبوتي البشري أضعف من معالجات أخرى أكثر درامية، حيث تم تجريد هذا الكائن من أدواته التي تمكنه من التغيير في مسار الشخصيات، ومن ذلك النزعة العدوانية أو دوافع العنف، إلاّ في المشاهد الأخيرة، وما عدا ذلك فقد تم تقديم شخصية مسالمة ووديعة وغير عدوانية حتى بدا انتقامه الأخير مفاجئا وغير متوقع.

ولم يقدم الفيلم أيضا إضافة استثنائية لهذا النوع من المعالجات الدرامية، فهو فيلم ينتمي إلى نوع كامل من الأفلام التي انشغلت بهذه الثيمة طويلا وكانت حصيلتها العديد من الأفلام التي تم فيها توظيف الكائن الروبوتي البشري بأشكال وأساليب عدة.

16