نصف دول العالم غير مستعدة للكوارث

جنيف - تُلحق الكوارث الناجمة عن المخاطر الطبيعية الضرر بالملايين من الأشخاص سنويا في جميع أنحاء العالم. ومن هنا يرمي اليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث، الموافق 13 أكتوبر من كل عام، إلى تسليط الضوء على الطرق التي تتبعها الدول والمجتمعات المحلية من أجل الحد من تعرضهم لمخاطر الكوارث.
ويركّز اليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث على الهدف (ج) من إطار سينداي، والذي ينص على “زيادة كبيرة في توافر نظم الإنذار المبكر بالأخطار المتعددة والمعلومات والتقييمات المتعلقة بمخاطر الكوارث والوصول إليها بحلول عام 2030”.
وقد تعززت الحاجة الملحة لتحقيق هذا الهدف في مارس 2022 من خلال إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن “الأمم المتحدة ستقود إجراءات جديدة لضمان حماية كل شخص على وجه الأرض بواسطة أنظمة الإنذار المبكر في غضون خمس سنوات”.
والهدف الأساسي من إطار سينداي (والذي اعتُمد في مدينة سنداي باليابان) للحد من مخاطر الكوارث هو الوقاية منها. ولكن عندما لا يكون ذلك ممكنا، فمن المهم التقليل من الضرر الذي يلحق بالناس من خلال نظم الإنذار المُبكر.
ويكتسي هذا الأمر أهمية خاصة في حالة الأخطار المفاجئة أو السريعة مثل أمواج تسونامي والأعاصير والانفجارات البركانية، ولكنه مهم أيضا في حالة الأخطار بطيئة الانتشار مثل الجفاف وتفشي الأمراض.
الأمم المتحدة تدعو كل البلدان للتزود بأنظمة إنذار مبكر في غضون خمس سنوات للحد من مخاطر الكوارث
وتم اعتماد اليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث في عام 1989، بعد دعوة من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعزيز ثقافة عالمية للتوعية بمخاطر الكوارث والحد منها.
وحذّرت الأمم المتحدة الخميس من أن نصف دول العالم تفتقد لأنظمة الإنذار المبكر المتقدّمة الضرورية لإنقاذ الأرواح والبنى التحتية على الرغم من تضاعف الظواهر الجوية الحادة والكوارث المناخية.
ونظام الإنذار المبكر هو إجراء تكيفي لتغير المناخ، باستخدام أنظمة الاتصال المتكاملة لمساعدة المجتمعات على الاستعداد للأحداث الخطرة المتعلقة بالمناخ.
وفي تقرير أصدرته مؤخرا، حذّرت وكالات الأمم المتحدة المعنية بالطقس والحد من مخاطر الكوارث من أن البلدان التي لديها أنظمة إنذار مبكر ضعيفة تسجّل في المعدّل حصيلة وفيات ناجمة عن الكوارث أعلى بثمانية أضعاف مقارنة بالبلدان ذات الأنظمة الأكثر فاعلية.
وتتيح أنظمة الإنذار المبكر الملائمة التي تحذر من الفيضانات والجفاف وموجات الحر والعواصف وغيرها من الكوارث، التخطيط لتخفيض التأثيرات الضارة إلى أدنى مستوى.
وقال غوتيريش إن “الظواهر المناخية الحادة ستحدث، لكن يجب ألا تتحول إلى كوارث مميتة”.
ومع تزايد الآثار الملموسة للتغير المناخي، يشهد العالم المزيد من الكوارث التي تنطوي على “آثار مضاعفة وتراكمية”، وفق التقرير الصادر الخميس.
وخلص التقرير إلى أن البلدان يجب أن تكون مجهّزة بأنظمة إنذار مبكر للمخاطر المتعددة إلا أن نصف دول العالم فقط لديها حاليا أنظمة من هذا النوع.
والمناطق الأكثر فقرا وغالبا الأكثر عرضة لتداعيات الصدمات المناخية والكوارث الطبيعية، هي الأسوأ تجهيزا، فهذه الدول تواجه بشكل متزايد أوضاعا متعددة التأثيرات.
وأشار التقرير إلى أن نحو نصف بلدان العالم الأقل تقدما وثلث الدول الجزرية الصغيرة النامية فقط لديها أنظمة إنذار مبكر للتحذير من الأخطار المتعددة.
وحذّرت الممثلة الخاصة للأمين العام للحد من مخاطر الكوارث مامي ميزوتوري من خطورة وجود “ثغرات كبيرة” على صعيد الحماية. وقالت “هذه الأوضاع تتطلب تغييرا عاجلا لإنقاذ الأرواح وسبل العيش والأصول”.
ومع تزايد المخاطر، أسهمت أنظمة الإنذار المبكر بدرجة كبيرة في الحد من الوفيات المتصلة بالكوارث.
وأظهر تقرير الأمم المتحدة أن حصيلة الأشخاص المتضررين من الكوارث ارتفعت بنحو الضعفين من معدّل قدره 1147 شخصا من أصل مئة ألف في السنة بين العامين 2005 و2014، إلى 2066 شخصا في الفترة الممتدة بين العامين 2012 و2021.
لكن في الوقت نفسه، وفي مقارنة بين هاتين الفترتين (2005 - 2014 و2012 - 2021) انخفضت الحصيلة السنوية للأشخاص الذين قضوا من جراء الكوارث أو فُقد أثرهم من 1.77 شخصا لكل مئة ألف إلى 0.84 شخصا.
وفي هذا السياق، أشارت ميزوتوري إلى الفيضانات الموسمية الكارثية التي اجتاحت باكستان مؤخرا وغمرت ثلث أراضيها، أدت إلى مصرع نحو 1700 شخص.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للحد من مخاطر الكوارث، إنه على الرغم من هذه الكارثة “كانت حصيلة الوفيات لتكون أعلى بكثير لولا وجود أنظمة الإنذار المبكر”.
وتدعو الأمم المتحدة كل البلدان للتزود بأنظمة إنذار مبكر في غضون خمس سنوات، ومن المقرر أن تعرض خطة عمل خلال النسخة الـ27 من “مؤتمر الأطراف” المعني بتغيّر المناخ والذي ستستضيفه مصر في نوفمبر.
وقال غوتيريش إن “الأقل تسببا بالأزمة المناخية هم الذين يدفعون الثمن الأكبر”.