نشر الوعي بأهمية الوثائق والتوثيق ينقذ ذاكرة الشعوب

سلطنة عمان تحافظ على تاريخها العريق من خلال الوثائق والمخطوطات.
الأربعاء 2023/06/14
الوثائق أكثر من ضرورية اليوم

تبقى الوثائق والمخطوطات كنوزا راسخة يمكن تثمينها والاستفادة منها، إذ تعتبر حافظة للذاكرة وبالتالي سجلات حية عن الماضي يمكن الاستفادة منها في رسم تصورات للحاضر والمستقبل، وهذا ما تؤمن به سلطنة عمان من خلال مؤسساتها ممثلة بشكل خاص في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

عوض المديلوي

مسقط - قال رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان الأكاديمي حمد بن محمد الضوياني، إن خطة الهيئة خلال النصف الثاني من العام الجاري تشمل عقد ندوة تقترح إقامتها في المنامة خلال شهر أكتوبر القادم، وتنظمها الهيئة ومركز عيسى الثقافي بمملكة البحرين على مدى يومين بعنوان “العلاقات العُمانية البحرينية: تاريخ عميق ومستقبل مشرق”.

وأكد على أن هذه “الندوة تأتي استمرارا للجهود التي تقوم بها الهيئة للتعريف بالتاريخ الحضاري لعُمان وعلاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة التي ارتبطت معها بعلاقات تاريخية وثيقة، وإبرازا للإرث التاريخي العميق بين البلدين الشقيقين”.

نشر الوعي بالوثائق

سلطنة عمان تنشر الوعي عبر ندوات ومعارض وإصدارات كتب بين المواطنين بأهمية تسجيل وثائقهم الخاصة

ستناقش الندوة محاور تشمل المحور التاريخي والسياسي والمحور الثقافي والاجتماعي والمحور الاقتصادي، وتتضمن أوراقا بحثية تتناول الموقع الجغرافي وأهميته التاريخية ودوره في تعزيز الروابط التاريخية بين البلدين (قبل الإسلام، التاريخ الوسيط “الإسلامي”، التاريخ الحديث والمعاصر)، والعلاقة بين حضارتي مجان ودلمون عبر التاريخ، والنشاط البحري بين عُمان والبحرين، والعلاقات الاقتصادية بينهما عبر التاريخ.

كما ستطرح مواضيع الطرق والقوافل والرحلات التجارية البرية والبحرية بينهما، ودور التجار العُمانيين والبحرينيين في ترسيخ العلاقات الثنائية، والأسواق والحركة التجارية، والعادات والتقاليد المشتركة، والمواقع الأثرية فيهما وأوجه التشابه والاختلاف بينهما، وأبرز الشخصيات العُمانية والبحرينية المؤثرة في مجال النشاط البحري (ربابنة، تجار، صناع، عمال).

كما ستتطرق أوراق البحث المطروحة خلال الندوة إلى المعاهدات والاتفاقيات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، واستعراض الوثائق والمخطوطات المتعلقة بتاريخ العلاقات بين البلدين وتحليلها، إضافةً إلى إبراز مجالات التعاون، وسيقام معرض وثائقي ضمن برنامج الندوة يحتوي على العديد من الوثائق والصور والخرائط والمخطوطات المتعلقة بالعلاقات بين البلدين الشقيقين والمنطقة.

هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تهدف إلى التعريف بسلطنة عمان وبالجوانب الحضارية والتراثية والتاريخية المشرقة لها

وقال الأكاديمي حمد بن محمد الضوياني إن “دائرة البحوث والدراسات بالهيئة سترفد قريبا البحث العلمي والباحثين في مجالات التاريخ والآثار والاقتصاد والثقافة، والمتخصصين، والدارسين والمهتمين والكتّاب بمجموعة كبيرة من الوثائق بعد انقضاء مدد الاستبقاء وانتفاء سريتها، لتكون مجالًا خصبًا لخدمة تخصصاتهم، وتسخيرها في مصادر البحث، وستكون هناك أيضا عدة إصدارات خلال هذا العام ضمن إصداراتها المتنوعة، ومن بينها الإصدار الثالث عن الإمبراطورية العُمانية، وما لا يقل عن إصدارين عن الندوة التي أقيمت بولاية عبري في مارس من العام الماضي بعنوان ‘محافظة الظاهرة في ذاكرة التاريخ العُماني‘، وسيصدر هذا العام الجزء الخامس عن ‘علاقة عُمان بالجمهورية التركية من منظور الأرشيف الدبلوماسي‘”.

وأضاف أن الخطة تشمل أيضا تنفيذ معرض وثائقي في أغسطس المقبل بمحافظة ظفار في موقع متميز، يهدف إلى التعريف بسلطنة عُمان، وإبراز الجوانب الحضارية والتراثية والتاريخية المشرقة لها، ويبين من خلاله علاقاتها بدول العالم، وسيبرز قيمة الوثائق التاريخية والاجتماعية والسياسية لخدمة البحث العلمي والإبداع الفكري، وسيمثل المعرض فرصة لزوّاره خاصة السائحين خلال موسم صلالة السياحي للاطلاع على الكنوز من الوثائق التي توضح مكانة سلطنة عُمان التاريخية والحضارية، وسيتضمن خرائط ووثائق ومراسلات بين الدولة والمجتمع والعلاقات الدولية وتقارير تتناول جوانب اقتصادية واجتماعية وبعض النوادر من المخطوطات إيمانًا من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بأهمية نشر الوعي الثقافي في مجال الوثائق والمحفوظات.

توثيق الذاكرة

pp

يوضح الضوياني أنه ستنطلق خلال شهر يوليو القادم في المعرض الدائم للوثائق والمحفوظات الوطنية بمقر الهيئة، فعاليات الأسبوع الثقافي الطلابي الذي تنظمه الهيئة ممثلة بدائرة المعارض الوثائقية، ويستهدف طلبة المدارس والجامعات والكليات، للتعرف على دور الهيئة في حفظ ذاكرة الوطن، وفي حفظ وصيانة الوثائق، وما تم توثيقه من أحداث وشواهد تواصلت عبر حقب زمنية ممتدة، وإكسابهم قدرا كبيرا من العائد الثقافي والفكري والمعرفي، والاطلاع على الإجراءات المتّبعة في كيفية التعامل مع الوثائق بكافة المراحل بدءا من استلامها وتعقيمها، إلى نشرها وإتاحتها للعموم، لإيجاد جيل واع ومقدر لقيمة الوثيقة، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الأنشطة والمسابقات التفاعلية المثرية التي تجمع المتعة والمعرفة.

وفيما يتعلق بنظام “وصول” إلى إدارة المستندات والوثائق الإلكترونية، الذي أطلق في أكتوبر من العام الماضي، ويعد من أهم المشروعات الوطنية الخاصة بالتحول الرقمي، أشار إلى أن الهيئة ستغطي قبل نهاية العام الجاري عشرين وزارة ضمن المرحلة الأولى لهذا النظام، وستشرع أيضا قبل نهاية هذا العام في وضع الترتيبات الأخرى للمرحلة الثانية، حيث تقود هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالشراكة والتعاون مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات كشريك إستراتيجي مشروع بناء النظام في بقية الجهات.

وأشاد “بالوعي المتزايد الذي يبديه المواطنون سنويا لتسجيل وثائقهم الخاصة لدى الهيئة، نتيجة لما تقيمه من ندوات ومعارض وما يشاهدونه من إصدارات، إضافة إلى جهود فريق العمل الذي يقوم بزيارات إلى ولايات سلطنة عمان، مما يدفع الناس للمبادرة في التسجيل، وهو حراك متنام نقدره وندعو إلى المزيد في هذا الجانب”.

وتطرق رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إلى مشروع التاريخ الشفوي الذي تعمل عليه الهيئة قائلا “بدأنا لقاءات مع مجموعة من الوزراء السابقين والسفراء ومع قيادات مختلفة، وهذا يحدث نقلة نوعية في هذا المجال لرفد الهيئة بالمعلومات القيمة، وهي شخصيات عاصرت أحداثا ووقائع كثيرة، كما أن الهيئة وثقت مع عُمانيين في الخارج مثل زنجبار لقاءات مع شخصيات مختلفة وفي بوروندي ورواندا وفي نهاية العام 2023 ستكون هناك لقاءات في كينيا مع الجالية العُمانية هناك”.

12