نسبة التخصيب والصواريخ عقدة الخبراء الإيرانيين والأميركيين في محادثات مسقط

إمكانية تمديد الجولة الثالثة من المحادثات النووية خاصة مع التركيز على القضايا الفنية والمتعلقة بالخبراء وفحص التفاصيل.
السبت 2025/04/26
رهان جديد على الدبلوماسية في عُمان

مسقط (سلطنة عمان) - انطلقت في سلطنة عُمان اليوم السبت جولة ثالثة من المحادثات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وسط أجواء من الترقب الحذر وتصاعد التصريحات المتبادلة بين البلدين.

وتأتي هذه الجولة بعد جولتين سابقتين عُقدتا في مسقط وروما بواسطة عمانية، حيث أشار الطرفان إلى إحراز "تقدم" في تلك الاجتماعات، إلا أن الخلافات العميقة حول القضايا الجوهرية لا تزال قائمة.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، بما في ذلك وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، أن هذه الجولة الثالثة "قد تُمدّد إذا اقتضى الأمر"، خاصة مع التركيز على "القضايا الفنية والمتعلقة بالخبراء وفحص التفاصيل".

وأوضح التلفزيون الرسمي الإيراني أن المحادثات ستُعقد على مرحلتين، تبدأ باجتماعات فنية على مستوى الخبراء تليها مفاوضات رفيعة المستوى.

وتُعد هذه السلسلة من الاجتماعات أعلى مستوى من التواصل المباشر وغير المباشر بين طهران وواشنطن منذ أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب الأحادي لبلاده عام 2018 من الاتفاق النووي التاريخي الذي أُبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى. وقد أعقب هذا الانسحاب إعادة فرض عقوبات أميركية مشددة على إيران في إطار سياسة "أقصى الضغوط".

وسيقود المحادثات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. كما سيعقد البلدان اجتماعا فنّيا على مستوى الخبراء.

ولن تُعقد الاجتماعات بالتزامن، إذ ستُعقَد المحادثات الفنّية أوّلا متبوعة بالمفاوضات الرفيعة المستوى، وفق التلفزيون الرسمي الإيراني.

ويترأس الوفد الإيراني في المحادثات الفنية نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، ونائب الوزير للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، ويضم الفريق الأميركي نحو 12 ممثلا من عدة وزارات، بينها وزارة الخارجية والخزانة، وأجهزة الاستخبارات، يترأسه مايكل أنطوان مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأميركية، علما أن أنطوان كان من أشد المعارضين للاتفاق النووي عام 2015 بين البلدين.

ومن المتوقع أن يدور جوهر النقاش حول ملف تخصيب اليورانيوم في إيران، وخاصة نسبة التخصيب الحالية التي وصلت إلى 60 بالمئة، وهي نسبة قريبة من مستوى 90 بالمئة اللازم لصنع الأسلحة النووية. وبينما أعربت واشنطن عن قلقها الشديد إزاء هذا الأمر، تصر طهران على أن برنامجها النووي سلمي تماما.

وتأتي هذه الجولة من المحادثات في ظل تصريحات متباينة من الجانبين، فقد صرح الرئيس ترامب في مقابلة نُشرت الجمعة بأنه يعتقد بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران، لكنه في الوقت نفسه كرر تهديده باللجوء إلى عمل عسكري إذا فشلت المساعي الدبلوماسية.

وأكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على ضرورة توقف إيران الكامل عن تخصيب اليورانيوم واستيراد أي يورانيوم مخصب تحتاجه لمحطتها النووية في بوشهر. بينما شدد مسؤولون إيرانيون على أن إنهاء برنامج التخصيب أو تسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب يعتبر من "الخطوط الحمراء الإيرانية التي لا يمكن المساومة عليها" في المحادثات، مع استعداد طهران للتفاوض على بعض القيود مقابل رفع العقوبات الأميركية.

إضافة إلى ملف تخصيب اليورانيوم، تبرز خلافات أخرى تعقد جهود التوصل إلى اتفاق شامل. فقد اقترحت دول أوروبية على المفاوضين الأميركيين ضرورة تضمين الاتفاق قيودا تمنع إيران من امتلاك أو استكمال القدرة على وضع رأس نووي على صاروخ بالستي، وهو ما ترفضه طهران بشدة، مؤكدة أن برنامجها الصاروخي دفاعي وغير قابل للتفاوض.

وتلعب سلطنة عُمان دور الوسيط النشط في هذه المحادثات غير المباشرة، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع كلا الطرفين. وقد أشارت الخارجية العمانية إلى أن اجتماعات روما السابقة "أسفرت عن توافق الأطراف للانتقال إلى المرحلة التالية من المباحثات الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق منصف، دائم، وملزم، يضمن خلو إيران بالكامل من الأسلحة النووية ورفع العقوبات بالكامل عنها، مع الحفاظ على حقها في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية".

ولطالما اتهمت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران باستمرار، مؤكدة أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية.

وهذا الأسبوع، أكّد عراقجي موقف إيران قائلا "إذا كان مطلب الولايات المتحدة الوحيد هو عدم امتلاك إيران أسلحة نووية، فإن هذا المطلب قابل للتحقيق"، مضيفا "إذا كانت لديهم مطالب أخرى، أو مطالب غير عملية أو غير منطقية، فسنواجه مشاكل بطبيعة الحال".

وفي خطوة تصعيدية قبل أيام من هذه الجولة، أعلنت واشنطن عن عقوبات جديدة تستهدف شبكة النفط الإيرانية، وهو ما وصفته طهران بأنه "نهج عدائي" يقوض فرص نجاح المحادثات.

وتتزايد المخاوف الدولية بشأن الأنشطة النووية الإيرانية، خاصة بعد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أشارت إلى انتهاك إيران للقيود النووية المنصوص عليها في اتفاق 2015 وتسريعها لتخصيب اليورانيوم.

ودعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إيران الأربعاء إلى توضيح أسباب وجود أنفاق حول منشأة نطنز النووية، معربا عن أمله في أن تؤتي المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران ثمارها.

ونشر معهد العلوم والأمن الدولي، وهو مركز أبحاث مقرّه واشنطن، صورا التُقطت بالأقمار الصناعية الأربعاء قال إنها تظهر نفقا عميقا جديدا على مقربة من نفق قديم حول نطنز، إضافة إلى إجراءات أمنية جديدة.

وقال غروسي إنه "لا يستبعد" أن تكون الأنفاق قد أقيمت لتخزين مواد غير مصرّح بها، لكنه شدّد على أنه لا يريد التكهّن.

في مقابلة نُشرت الأربعاء، أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو موقف واشنطن الحازم ضد تخصيب إيران لليورانيوم.

وقال في بودكاست "أونستلي" "إذا أرادت إيران برنامجا نوويا مدنيا، فيمكنها امتلاكه كما هو حال العديد من الدول الأخرى في العالم، عبر استيراد المواد المُخصَّبة".

من جهته، وصف عراقجي حقّ إيران في تخصيب اليورانيوم بأنه "غير قابل للتفاوض".

ووصف عراقجي الخميس العلاقات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بـ"المتدهورة"، بعد جولات عدة من المحادثات النووية سبقت الاجتماعات الأميركية، لكنه أبدى استعداده لزيارة تلك الدول لإجراء نقاشات بشأن برنامج بلاده النووي ومجالات الاهتمام والقلق المشتركين.

وقال عراقجي على منصة إكس "بعد المشاورات الأخيرة التي أجريتها في موسكو وبكين، أنا مستعدّ لاتخاذ الخطوة الأولى بزيارات لباريس وبرلين ولندن".

وحضّ روبيو الأسبوع الماضي الدول الأوروبية على اتخاذ "قرار مهم" بشأن تفعيل "آلية الزناد" التي نصّ عليها اتفاق 2015، ومن شأنها إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران تلقائيا على خلفية عدم امتثالها للاتفاق النووي. لكنّ خيار تفعيل الآلية ينتهي في أكتوبر.

من جهتها، حذّرت إيران من الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي في حال تفعيل تلك الآلية.