نساء يدرن مباريات الرجال.. سابقة تاريخية في منافسات المونديال

باريس - في سابقة تاريخية في منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم، سيكون مونديال قطر 2022 أول نسخة على الإطلاق تضم حكمات، حيث ستدخل ثلاث سيدات التاريخ وهن يأملن في أن يتم الحكم على قدراتهن وليس على جنسهن.
وأدرجت الفرنسية ستيفاني فرابار والرواندية سليمة موكانسانغا واليابانية يوشيمي ياماشيتا ضمن قائمة 36 حكماً اختارهم الاتحاد الدولي (فيفا)، في حين ستشارك ثلاث سيدات أخريات كحكمات مساعدات.
واختيرت حكمات الساحة الثلاث بالإضافة إلى الحكمات المساعدات، وهن البرازيلية نويزا باك والمكسيكية كارين دياس ميدينا والأميركية كاثرين نيسبيت، بعد أن أثبتن جدارتهن في لعبة الرجال.
وقال رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الدولي، الإيطالي بييرلويجي كولينا، “هي المرة الأولى في التاريخ التي تُحكّم فيها سيدات البعض من مباريات البطولة، وما هذا إلا ثمرة للجهود الحثيثة التي انطلقت منذ عدة سنوات في سبيل نشر حكام إناث في بطولات فيفا للذكور الناشئين والكبار”.
استضافة المنطقة للمونديال ستساعد في تشجيع الفتيات والنساء على المشاركة في مختلف الرياضات
وأضاف “نؤكّد بوضوح أن الجودة هي التي تهمنا وليس الجنس”.
وأشارت ألكسندرا شالات، مديرة المشاركة المجتمعية وخبيرة إرث كأس العالم في مؤسسة قطر، إلى أن استضافة المنطقة لكأس العالم ستساعد في تشجيع الفتيات والنساء على المشاركة في مختلف الرياضات.
وقالت “الأمر المثير حقًا هو أن بطولة كأس العالم للرجال التي ستقام في قطر في غضون أسابيع قليلة، ستضم ثلاث حكمات، وهي المرة الأولى في تاريخ منافسات بطولة كأس العالم، ونحن حقّا فخورون بذلك”.
بالنسبة إلى فرابار (38 عاماً) بدا اختيارها لكأس العالم بمثابة الخطوة المنطقية التالية، بعد صعودها السريع في مجال التحكيم على أعلى مستوى في أوروبا. فقد كانت أول امرأة تدير مباراة في دوري الدرجة الأولى الفرنسي عام 2019، وفي العام نفسه تولت إدارة نهائي كأس العالم للسيدات في بلدها الأم.
وأدارت فرابار أيضا نهائي الكأس السوبر الأوروبي 2019 بين ليفربول وتشلسي الإنجليزيين، قبل أن تقود مباريات في دوري أبطال أوروبا عام 2020 ثم نهائي كأس فرنسا في الموسم الماضي.
وعلقت على مشاركتها في كأس العالم قائلة “أنا متأثرة فعلا لأنني لم أتوقع ذلك، فلا شيء يعلو على بطولة كأس العالم”.
وكانت فرابار تعمل 3 أيام أسبوعياً في اتحاد رياضي لكنها قررت التفرغ للتحكيم عقب نجاحاتها في السنوات الماضية.

أما ياماشيتا التي تصغر فرابار بعامين فقد برزت بشكل لافت في اليابان وأصبحت أول امرأة تدير مباراة في دوري أبطال آسيا للرجال عام 2019. وانتقلت إلى عالم الاحتراف في وقت سابق من هذا العام، بعد أن تخلّت عن عملها كمدربة لياقة بدنية.
وقالت ياماشيتا إن التحكيم في كأس العالم “مسؤولية جسيمة لكني سعيدة بإسنادها إليّ”، مشيرة إلى أنها “لم تتخيّل أبدا” أن تُمنح مثل هذه الفرصة.
وفي الواقع أصبحت اليابانية حكمة بعد أن أقنعها صديق في الجامعة بأنها قادرة على تحكيم المباريات، وكشفت أنه “دفعها” إلى تحمّل هذه المسؤولية للمرة الأولى.
كما تم استدعاء موكانسانغا (34 عاماً) للمشاركة في فعاليات بطولة كأس العالم بعد أن أصبحت أول امرأة تتولى الإشراف على مباراة في كأس الأمم الأفريقية للرجال في يناير الماضي.
وتولت سليمة إدارة مباراة زيمبابوي ضد غينيا لحساب الجولة الثالثة من المجموعة الثانية، والتي انتهت بفوز زيمبابوي 2 – 1.
وقادت الحكمة الرواندية المباراة باقتدار، لكنها تعرضت لموقف محرج وطريف في إحدى اللقطات، عندما أرادت إشهار البطاقة الصفراء في وجه حارس مرمى زيمبابوي؛ فقد ركضت سليمة صوب الحارس لإنذاره، ولكنها عندما وضعت يدها في جيبها لم تجد البطاقة الصفراء، فظلت تبحث عنها قبل أن يحضرها لها بسرعة أحد اللاعبين الذي وجدها على أرضية الملعب، لتشهر الحكمة بعدها بطاقتها في وجه الحارس.

وكانت الرواندية تحلم بأن تصبح لاعبة كرة سلة محترفة، ولكنها كانت تدير مباريات في الدوري المحلي للسيدات في بلدها في سن العشرين.
وأدارت سليمة العديد من مباريات كأس العالم للسيدات وكأس الأمم الأفريقية للسيدات ودوري أبطال أفريقيا للسيدات، كما شاركت في أولمبياد طوكيو ضمن منافسات كرة القدم للسيدات.
بيد أن الحكمات الثلاث يجمعن على أنهن لا يردن أن يكون جنسهم مجالا للنقاش، وأكّدن أنهن لا يسعين إلى الشهرة.
وقالت ياماشيتا في مقابلة مع موقع الاتحاد الدولي “سأفعل كل ما بوسعي لكي يتم التأكيد على جمالية كرة القدم. لست مهتمة بالسلطة أو السيطرة”.
أما فرابار التي تحظى بتقدير كبير في فرنسا بفضل أسلوبها الدبلوماسي، بالإضافة إلى ثبات مستواها، فتقول “لم يعد الأمر يتعلق بجنسك. إنه يتعلق بقدرتك”.
وأضافت فرابار التي تأمل أن تكون نموذجا يحتذى به للجيل القادم من الحكمات “فيفا والهيئات الإدارية يبعثان رسالة قوية من خلال وجود حكمات”.
وختمت “أنا لست متحدثة باسم النساء، ولكن ربما يمكن أن يساعد هذا في دفع الأمور إلى الأمام”.