نزاع تركيا وقبرص يعرقل العقوبات الأوروبية على بيلاروسيا

اقتراح قبرص في يونيو فرض عقوبات على تركيا لم ينل الموافقة لأن الكثير من دول الاتحاد الأوروبي تريد نزع فتيل الأزمة عبر الحوار.
الجمعة 2020/09/11
تصعيد في المتوسط يفاقم مخاوف المواجهة

تواجه القمة الأوروبية المزمع عقدها يومي 24 و25 سبتمبر الجاري، والتي من المنتظر أن تسفر عن قرارات بشأن استراتيجيات التعامل مع الأزمتين في شرق المتوسط وبيلاروسيا، تحديات جمة تختبر جدوى التضامن الأوروبي زمن الأزمات، في ظل انقسامات بشأن الخطوات التي يجب اتباعها لكبح استفزازات أنقرة ودعم الديمقراطية في مينسك.

بروكسل – قال أربعة دبلوماسيين بالاتحاد الأوروبي إن فرض عقوبات على بيلاروسيا تأخر بسبب نزاع منفصل بين قبرص وتركيا على موارد الطاقة في شرق المتوسط، في أحدث علامة على الشلل الذي تعانيه سياسة التكتل الخارجية.

وأعطى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي موافقتهم السياسية على فرض عقوبات على مسؤولين كبار في بيلاروسيا خلال اجتماع في برلين الشهر الماضي لبحث الانتخابات التي أجرتها في التاسع من أغسطس والتي يقول الغرب إنها مزورة، وذلك في محاولة لإبداء الدعم للمحتجين المؤيدين للديمقراطية.

وقال دبلوماسي قبرصي إن نيقوسيا أيدت العقوبات لكنها طلبت منحها وقتا لدراسة حظر السفر وتجميد الأصول الذي ينوي الاتحاد الأوروبي فرضه لأنها لا تملك القدرة التنظيمية اللازمة لمراجعتها سريعا.

وأضاف “ننفي نفيا قاطعا عرقلة الأمر والربط بين الإجراءين”، في إشارة إلى مسألتي بيلاروسيا وتركيا.

لكن عدة دول في الاتحاد تشعر أن طلب قبرص ما هو إلا محاولة للضغط على باقي الأعضاء ليوافقوا على فرض إجراءات عقابية مماثلة على أنقرة.

وبدأت تركيا التنقيب عن النفط والغاز بالقرب من قبرص العام الماضي بالرغم من تحذيرات بروكسل.

ولم ينل اقتراح قبرص في يونيو فرض عقوبات على المزيد من الشركات والأفراد الأتراك الموافقة لأن الكثير من دول الاتحاد الأوروبي، ومنها ألمانيا، تريد نزع فتيل الأزمة مع تركيا عبر الحوار، فيما يتطلب إقرار السياسة الخارجية للاتحاد توافق جميع الدول الأعضاء الـ27.

وتحاول ألمانيا التي تجمعها علاقات اقتصادية كبيرة مع أنقرة وتخشى موجة جديدة من المهاجرين لتفادي هذا السيناريو الذي قد يعمق الانقسام الأوروبي بشأن أكثر الملفات حساسية على الإطلاق.

وتنظر ألمانيا بجدية بالغة إلى هذا التهديد، فالمستشارة أنجيلا ميركل عازمة على تفادي أزمة مهاجرين جديدة خلال توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي لنصف السنة الجاري.

وأدى إعلان تركيا في مطلع العام فتح حدودها مع اليونان إلى تدفق عشرات الآلاف من المهاجرين، بعدما رفض الاتحاد الأوروبي دعم سياسات أنقرة في سوريا وهدد بفرض عقوبات عليها.

وفي المقابل، يقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جهودا مضنية لضبط استراتيجية أوروبية موحدة في مواجهة التهديد التركي للمجال البحري الأوروبي في قبرص واليونان ويجنح لفرض عقوبات على تركيا حال عدم التزامها بوقف التصعيد والجلوس لطاولة المفاوضات.

و يرى مراقبون أن فرنسا تضع العقوبات الاقتصادية كخيار استراتيجي ثان حال فشل جهود الوساطة التي تقودها ألمانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أيضا.

وأبدت فرنسا بوضوح دعمها لقبرص واليونان بنشرها سفنا حربية وطائرات مقاتلة في المنطقة في مبادرة شجبها بقوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المغتاظ أساسا من فرنسا.

وتنسف تصريحات المسؤولين الأتراك خيار المباحثات وايجاد حلول سلمية لتسوية خلافات التنقيب عن الغاز شرق المتوسط.

وشدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت، لهجته حيال اليونان، محذّرا إيّاها بالقول “إمّا أن يفهموا بلغة السياسة والدبلوماسيّة، وإمّا بالتجارب المريرة التي سيعيشونها في الميدان”.

ضبط استراتيجية أوروبية موحدة في مواجهة التهديد التركي
ضبط استراتيجية أوروبية موحدة في مواجهة التهديد التركي

وقال في كلمة خلال افتتاحه مدينة طبية في إسطنبول “سيدركون أن تركيا تملك القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية لتمزيق الخرائط والوثائق المجحفة التي تُفرض عليها”، في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها بين تركيا واليونان وقبرص.

وتواجه قمة الاتحاد الأوروبي المزمع عقدها يومي 24 و25 سبتمبر الجاري تحديات جمة قد تعمق الخلافات بين القادة الأوربيين المنقسمين أصلا بشأن استراتيجية موحدة للتعامل مع الملفين التركي والبيلاروسي.

وفرضت ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا قبل أسبوعين حظر سفر على رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو و29 مسؤولا آخرين بحكومته وذلك في مؤشر على نفاد صبرها إزاء تلكؤ الاتحاد الأوروبي تجاه مينسك.

وقادت دول البلطيق الثلاث دعوات للغرب باتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه لوكاشينكو الذي يتهمه معارضوه والغرب بتزوير الانتخابات لتمديد حكمه المستمر منذ 26 عاما.

وتستهدف العقوبات التي أعلنتها الدول الثلاث بشكل متزامن مسؤولين متهمين بتزوير الانتخابات والضلوع في أعمال عنف ضد المتظاهرين منذ انتخابات التاسع من أغسطس، فيما لا يزال الاتحاد الأوروبي يدرس اتخاذ مثل هذه الخطوة.

ونفى لوكاشينكو، حليف موسكو، تزوير الانتخابات ويقول إن المتظاهرين يتلقون دعما من الخارج.

ويواجه الرئيس البالغ 66 عاما أكبر تحد له عقب تظاهرات ضخمة لا تزال متواصلة احتجاجا على نتيجة الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، والتي أعلن فيها فوزه على مرشحة المعارضة زفيتلانا تيخانوفسكايا التي فرت إلى ليتوانيا.

والأسبوع الجاري، أعربت الحكومة الألمانية عن دعمها للمتظاهرين الذي يطالبون بإسقاط لوكاشينكو بعبارات واضحة وغير معتادة.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت في برلين، إن “الحكومة الألمانية تقف بقوة إلى جانب الشعب في بيلاروسيا في رغبته في السلام والمشاركة الديمقراطية والتغيير السياسي… شجاعة الآلاف من الأشخاص أمر مثير للإعجاب حقا، فهم لا يهابون القمع المستمر من قبل لوكاشينكو وقواته الخاصة”.

5