نحارب التكييف لمنع تلوث البيئة فيموت الناس حرا

استخدام المزيد من الطاقة النظيفة يحمي الناس من التغيرات الطارئة.
الاثنين 2023/02/13
المكيفات ضرورية لكبار السن

يسعى القادة للتخفيف من استخدام المكيفات للحد من تلوث البيئة وتداعيات التغير المناخي، لكنهم في تحركهم للحفاظ على استدامة الحياة للأجيال القادمة ينسون تأثير ارتفاع درجات الحرارة على الناس والذي قد يفاقم عدد الوفيات في صفوف كبار السن.

لندن - تتجه الحكومات نحو فرض قوانين للحد من استهلاك الطاقة، بعضها من خلال تخفيف استعمال المكيفات، وهو ما يقول خبراء إنه غير ممكن كما أنه يعرض حياة الأشخاص لمخاطر لم تكن موجودة بكثرة في السابق.

عندما أوقفت اليابان مفاعلاتها للطاقة النووية إثر كارثة فوكوشيما في 2011، طلبت من مواطنيها الاقتصاد في الطاقة بطرق تشمل استخدام المراوح بدلا من تكييف الهواء أثناء حرارة الصيف.

لكن يُقدر أن جهود المحافظة على البيئة، من النوع الذي تشهده جميع أنحاء أوروبا هذا الشتاء استجابة لنقص الغاز إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، تسببت في 7710 حالات وفاة مبكرة مرتبطة بالحرارة سنويا. وسُجّل معظمها في صفوف كبار السن في اليابان، حسب دراسة جديدة.

وغطت هذه الدراسة الفترة الممتدة من 2011 إلى 2015، أي التي كانت فيها تدابير الحفاظ على الطاقة استجابة للإغلاق النووي قائمة.

وتشير البيانات إلى أن السياسة العامة حسنة النية التي تهدف إلى تقليص استخدام الطاقة للحد من تغير المناخ أو معالجة التهديدات الأخرى يمكن أن يكون لها عواقب صحية غير مقصودة. ويصبح الاستثمار السريع في الطاقة المتجددة بذلك هو أفضل طريقة لتجنبها.

وقال غيوجون هي وهو مؤلف مشارك في الدراسة وأستاذ مشارك في جامعة هونغ كونغ، إن الكثيرين “يعتقدون أن توفير الطاقة هو أمر جيد. حيث يساعد في التخفيف من تغير المناخ ويساعد الناس على توفير المال”. لكن البيانات الواردة من اليابان تشير إلى أن “تقييد استهلاك الأفراد قد يكون فكرة سيئة. يجب أن يكون هدف السياسة هو استبدال الطاقة الملوثة بالطاقة المتجددة ولا يهم مقدار الطاقة التي تستهلكها”.

التكلفة والحماية

غيوجون هي: تقليل استخدام المكيفات يزيد من الوفيات جراء الحر
غيوجون هي: تقليل استخدام المكيفات يزيد من الوفيات جراء الحر

وجدت الدراسة التي من المقرر نشرها في المجلة الاقتصادية الأميركية أبلايد إيكونوميكس، أن مناشدات الحكومة اليابانية لتقليل استخدام مكيفات الهواء بعد فوكوشيما أدت إلى خفض الجمهور بسرعة لاستخدام الكهرباء بنسبة 15 في المئة في بلد امتصت فيه مكيفات الهواء ما يقرب من نصف استهلاك الكهرباء في الصيف في المنازل.

لكن تحليل البيانات الصحية يشير إلى وفاة حوالي 7710 أشخاص إضافيين سنويا على مدار سنوات جهود الحفاظ على الطاقة، وتوفي كثير منهم في أيام الصيف الحارة بشكل خاص، كما قال غيوجون، الذي يشغل أيضا مركز مدير أبحاث الصين في معهد سياسة الطاقة بجامعة شيكاغو.

ووجدت الدراسة أن معظم الذين توفوا قد تجاوزوا 65 عاما، وهي فئة عمرية أكثر عرضة للإجهاد المرتبط بالحرارة. كما تعرض الشباب لارتفاع حاد في ضربة الشمس غير المميتة.

وقال غيوجون في مقابلة إن فهم مثل هذه المخاطر يعدّ أمرا بالغ الأهمية، حيث يسعى القادة لتحقيق التوازن بين الدفع للحد من استخدام الوقود الأحفوري وتغير المناخ لحماية الأجيال القادمة مع ضمان سلامة الأشخاص اليوم.

وتابع “يجب أن يكون صانعو السياسات مدركين لهذه المقايضة عندما يصممون سياسات تغير المناخ وينفذونها. إن من السيء أن تطلب من الناس تقليل استهلاك الطاقة” بينما هم في أمس الحاجة إليها. لكن تشجيع شراء أجهزة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة يعد أمرا ذكيا.

وتؤدي زيادة موجات الحر مدفوعة بتغيّر المناخ على الصعيد العالمي إلى تعريض المزيد من الأفراد للخطر في كل البلدان والمجتمعات الغنية والفقيرة وفي أماكن لم يُنظر إليها على أنها معرضة للخطر.

وقد مات أكثر من 100 شخص، على سبيل المثال، خلال موجة حر غير مسبوقة في 2021 في ولاية واشنطن الأميركية. وشهدت الولايات التي عادة ما تكون مدنها باردة مثل سياتل درجات حرارة وصلت إلى 42 درجة مئوية.

القادة يسعون لتحقيق التوازن لحماية الأجيال القادمة مع ضمان سلامة الأشخاص اليوم من تداعيات تغير المناخ

ويقول خبراء المناخ إن البلدان الأكثر ثراء ذات أنظمة الطاقة الأكثر استقرارا والسكان الأكثر قدرة على تحمل تكاليف التبريد عادة ما تكون أكثر قدرة على التعامل مع موجات الحر.

ولكن الطلب الهائل على التبريد أثناء موجات الحر يمكن أن يطغى على الشبكة حتى هناك، أو يمكن أن تنقطع إمدادات الطاقة أثناء الكوارث التي يغذيها المناخ مثل العواصف أو الفيضانات، مما يترك الناس دون حماية.

وشهدت فلوريدا، على سبيل المثال، زيادة بنسبة 25 في المئة في الوفيات بين 28 ألفا من سكان دور رعاية المسنين الذين تُركوا دون كهرباء في الأسبوع الذي تلا إعصار إيرما الذي ضرب الولايات المتحدة في 2017، وفقا لمجلة الجمعية الطبية الأميركية.

وقال الباحثون إن من المهم الاعتراف بالحاجة إلى الاستثمار الآن في الطاقة المتجددة لتوفير طاقة مستقبلية رخيصة ومنخفضة الكربون لتشغيل مكيفات الهواء، خاصة في البلدان الساخنة بالفعل مثل الهند، للحفاظ على سلامة السكان مع تفاقم موجات الحر.

وحث غيوجون الدول الفقيرة على “التفكير في هذا السؤال قبل أن تواجهه”، مشيرا إلى أن معدل الوفيات بسبب الحرارة أعلى بالفعل بنسبة 20 إلى 30 مرة في الهند من الولايات المتحدة لأن “الناس لا يتمتعون بإمكانيات أساسية للحصول على الكهرباء”.

وقال إن إضافة طاقة متجددة جديدة هائلة يمكن أن توفر حماية فعالة من درجات الحرارة القصوى دون تفاقمها. وتابع “طالما بقي سعر الكهرباء من الطاقة النظيفة زهيد الثمن بدرجة كافية في السنوات القادمة، فلن تكون هناك قيود على الكمية التي يمكن أن يستهلكها الناس حتى يتمكنوا من التخفيف من تغير المناخ بينما يتكيفون معه”.

تحويلات السياسة

الوضع لا يطاق دون مكيفات
الوضع لا يطاق دون مكيفات

تعمل الهند اليوم على مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، باستثمار 14.5 مليار دولار في السنة المالية 2021-22، وفقا لمعهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي.

وأشار غيوجون إلى أن إجراءات السياسة الأخرى يمكن أن تساعد البلدان أيضا على تجنب الوفيات الناجمة عن الحرارة عند انقطاع التيار الكهربائي. فعندما تقلصت الطاقة الكهرومائية بسبب الجفاف في الصين، على سبيل المثال، فرضت البلاد قيودا على الاستخدام الصناعي للكهرباء بدلا من الاستخدام المنزلي مما أضر بالشركات وحتى الناس.

وقال غيوجون إن من الواضح أن كبح استخدام طاقة الوقود الأحفوري للحد من تغير المناخ أمر بالغ الأهمية لحماية الأجيال القادمة، لكن “تكلفته غير ضئيلة” بالنسبة إلى الأشخاص المهددين بالظواهر المناخية المتطرفة اليوم.

وأكّد أن “تغيّر المناخ يؤثر علينا بالفعل. ويمكن أن يموت الكثيرون بسبب التشجيع على استخدام أقل لمكيفات الهواء أو وسائل أخرى للتكيف مع درجات الحرارة القصوى”. واعتبر أن النهج الأفضل يكمن في تسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة وتشجيع الناس على استخدام المزيد من الطاقة النظيفة لحماية أنفسهم.

16