نحاتون سوريون يصقلون الحجارة شواهد فنية في طرطوس

يجمع ملتقى النحت السوري الثالث على الحجر عددا من الفنانين والمبدعين السوريين لعرض مهاراتهم في فن النحت على الحجر. ويهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على فن النحت كجزء من التراث الثقافي السوري، وتعزيز التواصل بين الفنانين والمجتمعات المحلية والعالمية.
طرطوس (سوريا) - للعام الثالث على التوالي يبدع ثلاثة عشر نحاتاً ونحاتة من مختلف المحافظات السورية في مواصلة تنفيذ بانوراما جدارية وثمانية تكوينات فراغية ذات مواضيع متنوعة وفريدة ضمن فعاليات ملتقى النحت السوري الثالث على الحجر، وذلك على الشاطئ البحري بمنتجع جونادا في محافظة طرطوس.
المشهد البصري للبانوراما الجدارية بالنحت النافر، والتي طولها 75 متراً وارتفاعها متران، سيكتمل خلال هذا الموسم، حيث سيرى الزائر والسائح كل مترين تقريبا مشهدا لكل فنان قدم رؤيته الجمالية وتجربته الفنية لهذه التكوينات التي تخللتها عناصر ومفردات موسيقية وأسطورية ومن البيئة البحرية كالسفن والسمك والأحصنة البحرية والطيور وغيرها.
وأوضح المشرف على الملتقى النحات العالمي أكثم عبدالحميد لـ”سانا” أن النحاتين المشاركين خمسة منهم ينفذون جدارية وثمانية آخرون ينجزون تكويناً فراغيا (الحجرية) بهدف تقديم رؤية بصرية وجمالية تخدم الجانب السياحي والثقافي للمكان، لافتاً إلى أن الحجر التدمري يتميز بتماسكه وبلونه الأبيض وذراته المتماسكة ويتفاعل مع النحات بكافة الاتجاهات، والدليل على ذلك أن الحضارة التدمرية تتميز بهذا النوع.
من جهتهم عبر النحاتون المشاركون عن أهمية الملتقى وضرورة تسليط الضوء على الأعمال الفنية، وذكر النحات أسامة عماشة من محافظة السويداء أنه ينفذ عملاً نحتياً من الفن التجريدي بعنوان “بوابة الحياة”، والذي يشكل ثنائية ومزيجا بين النبات والإنسان، وتربطهما علاقة محبة وتواصل، مبيناً أنه يستوحي أعماله الفنية سواء بالرسم الزيتي أو بالنحت من الأسطورة في منطقة الشرق الأوسط ومن القصص والحكايات القديمة والموروث الشعبي.
ويشارك النحات غاندي خضر بتكوين فراغي يجسد حصاني البحر والبر لما يتمتعان به من أصالة وقوة وصلابة؛ حيث جمع وآلف بينهما بطريقة تشكيلية. وأشار إلى أهمية الملتقى لكونه يشكل ملتقى ثقافياً واجتماعياً مع الفنانين وغنى للنفس وحالة ثقافية مهمة خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة. ويواصل النحات المهندس علي السليمان تنفيذ منحوتة تجسد عازفا على آلة تشيلو في وضعية الحزن.
وذكرت النحاتة عهد قطان من محافظة حلب أن الملتقى يعطي خبرات إضافية عبر التعرف على أساليب الفنانين المشاركين وطريقتهم في العمل، وأن طول التكوين الجداري لهذا الموسم يصل إلى 16 متراً تقريباً وارتفاعه متران وبتقنية النحت البارز، وسيتم الانتهاء من تكوين المشهد البصري للجدارية، لافتة إلى أنه خلال المواسم القادمة سينفذ المشاركون فقط تكوينات فراغية.
فيما شارك النحات حسان حرفوش في الملتقى كتجربة أولى، حيث أشار إلى أن عمله يجسد لوحة لها خلفية تاريخية فينيقية وتعبر عن مجموعة من الفرسان العائدين والمحتفلين بالنصر، وترافقهم امرأة تعزف الموسيقى على إثر الحدث. ووظفت النحاتة دارين الشلق طيور السنونو مع موج البحر ضمن لوحتها الجدارية لأنها طيور تعبر عن البيئة البحرية، وترمز إلى تفاؤل البحارة قديماً والسفن القادمة من بعيد لأنها تبشرهم بوصولهم إلى البر، ويشكل وجودها حالة من السلام والأمان.
وفي رؤيتها للنحت والفن التشكيلي تعتبر الفنانة دارين الشلق أنه بالرغم من وجوب تلازم الموهبتين معاً فإن النحت عندها يختلف تعبيرياً وبنيوياً عن الرسم وإن كانت لكل منهما حالاته وطرائقه، فللنحت أدوات متعددة لكن له شكل واحد، أما في الفن التشكيلي والرسم فيمكن أن تكون الألوان متبدلة ومختلفة وتعطي دلالات مغايرة خلال المزج واستخدام الريشة، موضحة أن لكل منهما متعته وأهميته ودلالاته وأن وجود النحت والرسم عند فنان واحد يعود إلى وجود القدرة على الأصعب والأشمل، فالنحات بالضرورة هو رسام وليس ضروريا أن يكون الرسام نحاتا، ولاسيما إذا كان أسلوبه تجريدياً.
أما المديرة التنفيذية في منتجع جونادا دينا الزركلي فأكدت أن المنتجع يدعم مختلف الجوانب السياحية والثقافية وخاصة في مجال النحت، كما أن استكمال اللوحة الجدارية والمجموعة من التكوينات الفراغية يضيف إضافة جميلة لجونادا ويشكل مصدر جذب جماليا وسياحيا وثقافيا لمحافظة طرطوس ويساعد على التنمية المستدامة التي تعد من أهداف المنتجع، لافتة إلى أن المنتجع يهتم بمختلف أنواع السياحة من خلال التركيز على إقامة مختلف الفعاليات الرياضية والثقافية والفنية وغيرها. يذكر أن الملتقى انطلقت فعالياته يوم العاشر من أكتوبر الماضي ويستمر حتى اليوم السادس من نوفمبر الجاري.