نجم كرة القدم المصري محمد صلاح في دوامة النوايا السياسية المبيتة

عدم احتفاء اللاعب المصري المحترف في فريق ليفربول الإنكليزي محمد صلاح بالتهديف في مونديال روسيا يثير جدلا بمصر وغضب في بريطانيا.
الخميس 2018/06/28
تواضع صلاح هدف المآرب السياسية

القاهرة – حزن وعدم احتفاء بالتهديف في مونديال روسيا، أثارتهما صور ومشاهد عدة للاعب المصري المحترف في ليفربول الإنكليزي محمد صلاح، خلال الساعات الماضية، كانت مثار جدل بمصر وغضب في بريطانيا.

جاء ذلك بالتوازي مع تقارير صحافية؛ لا سيما بريطانية تتحدث عن عرقلة مبكرة لـ”مو”، بإقامة بعثة منتخب بلاده في العاصمة غروزني، واحتفاء رئيس الشيشان رمضان قديروف، مرات عدة بشكل “مسيس”، ينفيه الأخير المقرب من روسيا التي تواجه أزمة سياسية مع بريطانيا.

وفي مارس الماضي، اتهمت لندن روسيا بالتورط في تسميم العميل الروسي سيرغي سكريبال وابنته يوليا، وقررت عدم التمثيل البريطاني الرسمي في المونديال، رغم النفي الروسي.

و”مو”، الذي يعد إحدى أيقونات التشجيع لدى الجمهور البريطاني، ظهر بهذا الحزن والجدل بقوة، قبل مباراة السعودية الإثنين، التي هُزمت فيها مصر بهدفين مقابل هدف، حيث انتشرت صور لصلاح في التدريبات يقف ووجهه للأسفل، يحمل ملامح انكسار بعيدا عن باقي زملائه بالملعب.

هذه الملامح الحزينة، سبقتها بيوم مفأجاة نقلتها “سي إن إن” الأميركية، لم ينفها اللاعب رسميا حتى الآن عن نيته الاعتزال الدولي، عقب ما اعتبر “استغلالا سياسيا ودعائيا” له من جانب الرئيس الشيشاني، ونفى الاتحاد المصري لكرة القدم ذلك.

وعقب خروج المنتخب المصري بـ”صفر” من المونديال عقب 3 هزائم، تجدد الحديث عن أن الخاسر الأكبر هو “مو”، وليس المنتخب فقط، خاصة مستقبله الرياضي في بريطانيا. ويرى خبيران عراقي ومصري في حديثين منفصلين، أن مستقبل صلاح سيلقى دعما كبيرا من جماهيره، وسيستمر مع منتخب بلاده ومع الفريق الإنكليزي، وستمر تلك الأزمات بسلام.

ولفت أحدهما إلى أن تلك الأزمة السياسية ستكون لها تداعيات نفسية، يحتاج اللاعب لتجاوزها بخلاف تداعيات الإصابة التي يبدو أنه بحاجة لتجاوزها أيضا.

ومنذ الظهور الأول للرئيس الشيشاني في 10 يونيو الجاري بملعب تدريبات منتخب مصر في عاصمة بلاده غروزني، وانتهاء بمنحه المواطنة الشيشانية الفخرية لصلاح، لم تتوقف وسائل إعلام بريطانية عن إبداء الملاحظات والانتقادات، دون أن يصرّح اللاعب أو ناديه ليفربول عن مستقبل تلك التداعيات.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في 12 يونيو الجاري، عن بيارا بوار الأمين العام لمنظمة “فير” المعنية بقضايا التفرقة في الرياضة قوله، “لقد رفعنا شكوى للفيفا حول اختيار الشيشان مقرا للتدريبات، ولو كنت تعرف قديروف، فستكون متأكدا أنه سيحاول تحقيق مكاسب سياسية من هذا الملف وهو الأمر الذي حدث فعلًا”، وهو ما نفاه قديروف كليا في تصريحات لاحقة آنذاك للمصدر ذاته.

وحينها، قالت منظمة “العفو الدولية” (مقرها لندن)، إن ما حدث لصلاح، واستضافة قديروف عبارة عن “عملية غسيل سمعة بشكل رياضي”.

ونشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية مقالا للكاتب بينيدكت سبنس، بعنوان “اعتزال محمد صلاح سيكون مؤلما له ولمحبيه، ولكنه سيكون أيضا القرار الصحيح”.

ضغوطات كبيرة
ضغوطات كبيرة انتقلت إلى الملعب

وقال سبنس إنه ما من شك أن صلاح قد أصبح وجها عالميا في مجال الرياضة، لكن الطريقة التي استخدم بها من قبل بعض الحكومات لأسباب دعائية وسياسية تركته دون خيار، نافيا أن يكون صلاح سعيدا بهذا الأمر. واستنكر الكاتب “استغلال قديروف لوجود صلاح لغسل سمعته المتهمة بالانتهاكات”.

وانتقدت صحيفة “تليغراف” البريطانية، مؤخرا حصول صلاح على المواطنة الشيشانية من قبل حاكم متهم بانتهاك حقوق الإنسان.

وفي مصر، اعتبر الرياضي والإعلامي المصري أحمد شوبير، في برنامجه التلفزيوني أن تكريم رئيس الشيشان كان عاديا، وتحول عكس ذلك بعد الهجوم الإنكليزي. وقال “بمجرد أن هاجمت الصحافة الإنكليزية مقابلة محمد صلاح، بدأ رئيس الشيشان الهجوم من الصحافة المصرية”.

ونفى اتحاد الكرة المصري في بيانات وتصريحات صحافية لمسؤوليه، أن يكون المنتخب المصري طرفا في أي مسألة سياسية، مؤكدا أن اختيار غروزني لتكون مقرا للإقامة والتدريبات، كان بالتنسيق مع الاتحاد الدولي لكرة القدم. ومن جانبه، قال الخبير الكروي العراقي مجبل فرطوس، “الكل يعرف أن محمد صلاح مستقيم، وأي كلام خارج عن هذا الإطار مرفوض، ولا يؤثر عليه ولا على شعبيته أو مستقبله الرياضي”.

وأوضح أن صلاح ذهب إلى الرئيس الشيشاني بحسن نية، وهو لاعب كبير يتمنى الجميع استقباله أو التحدث معه، مستدركا، “لكن لا أعتقد أن هناك أي تأثير سلبي على مستقبله الكروي في بريطانيا”.

وأشار إلى أنه “لو بريطانيا، وهذا مستبعد، أقدمت على أي موقف ضد صلاح بسبب رفضها زيارته للرئيس الشيشاني، فهناك أندية كبرى تتمنى أن يلعب لها”.

ودعا فرطوس إلى دعم صلاح كنجم عربي ومصري كبير له مستقبل، قائلا إنه “سيستمر مع منتخب بلاده” دون أي توجه لاعتزال للعب الدولي. أما الناقد الرياضي المصري طارق عوض، فقال إن “أي مشكلات يمر بها نجم في أوقات حساسة مثل كأس العالم، لا شك تؤثر على مشواره الكروي، لكن مع محمد صلاح نتمنى أن يتجاوز تلك المشكلات، فهو اللاعب الأكثر التزاما ومكانة ويجب الحفاظ عليه”.

وبشأن اعتزال اللعب الدولي، استبعد عوض أن يقدم صلاح على تلك الخطوة، قائلا “صلاح يدرك قيمة بلاده وحب جماهيره، ولن يقدم على هذه الخطوة، وسيعود مع منتخب بلاده الفترة المقبلة للظهور بشكل قوي”.

ويذكر أن منتخب مصر ودّع بطولة كأس العالم 2018 بعد خسارته 3 مباريات أمام أوروغواي وروسيا والسعودية، وتذيله قائمة المجموعة بإجمالي هدفين من إحراز محمد صلاح.

وأثار “الصفر المصري” في المونديال أجواء حزن كبيرة، ومطالبات بفتح تحقيق حول أسباب مستوى المشاركة بكأس العالم التي تمت بعد غياب 28 عاما، منذ مشاركة 1990.

20