نجدة أنزور يريق دم النخل في تدمر لإعادة ترميمها

يبحث المخرج السوري نجدة إسماعيل أنزور من خلال أحدث أفلامه “دم النخل” عن فرصة تعرّف العالم بأسره بحجم الدمار الذي لحق مدينة تدمر الأثرية، وإلى أي مدى تم طمس الإرث الإنساني بها، في محاولة لإيجاد مساعدة عالمية على إعادة بناء المدينة من جديد.
دمشق – ينظر المخرج السوري نجدة إسماعيل أنزور إلى ما لحق بمدينة تدمر الأثرية من دمار بسبب الحرب بعين تملؤها الحسرة وأخرى مفعمة بالأمل، إذ يتطلع إلى تكاتف الجهود من أجل ترميم ما تبقى من معالم لإعادة المدينة إلى سابق مجدها.
ويستخدم أنزور أحدث أفلامه ليبعث برسالة إيجابية بشأن إمكانية إعادة بناء المواقع الأثرية في مدينة تدمر التي تعرضت للتدمير إبان الحرب السورية.
وأوضح أنزور أن فيلمه الروائي الجديد “دم النخل” هو دعوة للتفاؤل، مضيفا أنه بوسع السوريين إعادة بناء تدمر إذا تلقوا مساعدة خارجية لأن الأمر مكلف للغاية.
وجعل المخرج السوري مدينة تدمر في الفيلم كخلفية لقصة ثلاثة جنود ينتمي كل فرد منهم إلى مدينة سورية مختلفة وقد تم تكليفهم بنقل آثار مهمة من تدمر إلى دمشق.
وأثناء مهمتهم يلتقون بعالِم الآثار خالد الأسعد، مقتبسا قصة عالم الآثار الفعلي، خالد الأسعد، الذي قُتل في تدمر، فيسلّم كل واحد منهم دفترا صغيرا لكتابة ما يرونه ويفعلونه خلال فترة تكليفهم.
وعمل الأسعد في الموقع الأثري نحو 50 عاما، حيث كان يُشرف على الآثار هناك، قبل أن يقتله المتشددون وعمره يناهز 82 عاما.
وبعد أن ينتهي مصير الثلاثة بالموت تصل دفاتر الملاحظات إلى يد صبي صغير قُتل والده لأنه كان يخبّئ جنديا في منزله.
وتظهر خلال جميع مشاهد القتل امرأة مرتدية السواد أمام الضحايا والآثار المدمّرة ليكتشف المشاهد في وقت لاحق أن هذه السيدة هي زنوبيا ملكة تدمر التي تمسك بيد الطفل الصغير نحو المستقبل.
وتعيش سوريا التي تضم آثارا من الحضارات البابلية والآشورية والحيثية واليونانية والرومانية على وقع حرب متعددة الأطراف منذ 2011، ما أغرى البعض بنهب المتاحف والمواقع الأثرية أو تدميرها.
واحتل تنظيم داعش في 2015 تدمر التي تدرجها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على قائمتها لمواقع التراث العالمي.
وفي أغسطس من العام نفسه أعدم التنظيم مدير الآثار خالد الأسعد وعلق جثمانه على عمود أثري.
وتم تدمير الكثير من الآثار والمباني علنا باعتبارها أوثانا بينما انتفع التنظيم سرّا من بيع قطع أخرى بشكل غير مشروع. وإبان فترة سيطرتهم الأولى على تدمر خرب المتشددون الآثار بما فيها القوس الضخم الذي يعود تاريخه إلى 1800 عام.
ويقوم بأدوار البطولة في “دم النخل”، الذي استغرق تصويره ستة أشهر، كل من لجين إسماعيل وجوان خضر ومصطفى سعدالدين وجهاد الزغبي ومحمد فلفة وعدنان عبدالجليل ومجد نعيم وعامر علي وقصي قدسية وآخرون.
وقال أنزور “تدمر ليست إرثا حضاريا سوريا فقط، هي فعلا للشعب السوري ولكن هي إرث إنساني وعالمي، فأهمية تدمر تأتي بعد التحرير أن ندع الناس تتعرف على حجم الدمار الذي تعرضت له المدينة الأثرية العظيمة، هذا التخريب هو كان تخريب مقصود.. لم تكن الغاية الدخول للمدينة السكنية بل الأثرية تحديدا”.
وأضاف “الفيلم يدعو إلى التفاؤل وإلى الأمل بأننا كسوريين بمقدورنا أن نعيد بناء هذه المدينة مرة أخرى. لكننا غير قادرين بمفردنا على ذلك لأن الأمر يحتاج إلى إمكانيات هائلة، لذلك فإن هناك فرصة أمام هذا الفيلم لأن يُعرض في أوروبا، حتى يرى أكبر عدد من الناس حجم الدمار الكبير الذي لحق بهذا الإرث الإنساني”.
ويأمل أنزور في أن يعرض فيلمه، الذي عُرض للمرة الأولى أمام ممثلي وسائل الإعلام هذا الأسبوع، في دور عرض سينمائية أوروبية لإظهار حجم الدمار في تدمر.
وتابع المخرج السوري “هذا الفيلم مختلف تماما عما تم تقديمه من قبل، فهو يركز على الآثار الإنسانية”. واستعادت سوريا مدينة تدمر من أيدي المسلحين المتشددين في 2016.
وأكدت كاتبة الفيلم ديانا كمال الدين أنها ابتعدت عن التوثيق في أدوار البطولة عدا شخصية الأسعد وحاولت إظهار أن الفيلم يتضمن رسائل إنسانية ووطنية عميقة للداخل والخارج.
وأوضحت “بغض النظر عن تعدد طرق الموت ولكن النتيجة واحدة. بالنسبة إلينا نرى الموتى أرقاما. لكن بالنسبة لأهاليهم هم جروح لا تندمل”.