نجاح مشروع قناة السويس الجديدة مشروط بتحويل التوقعات إلى حقائق

دعا مراقبون إلى استغلال حالة الاتحاد بين الشعب والسلطة، التي عكستها الاحتفالات بافتتاح قناة السويس الجديدة في إطلاق مشروعات جديدة، تحقق المصلحة الوطنية، مشيرين إلى أن النجاح في استغلال هذه الحالة يعزز من مكانة مصر على المستويين الإقليمي والدولي. وطالب خبراء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتبني مشروع سياسي كبير يوحد صفوف المصريين وينهي خلافاتهم، داعين في الوقت نفسه إلى استبعاد المتطرفين وكل من يرفع السلاح في وجه الشعب.

وشدد حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، على ضرورة البدء بخطوات سريعة في إطلاق مشروع سياسي مستقبلي يلمّ شمل المصريين، بكل طوائفهم، استغلالا للفرحة الشعبية. وحذّر من أنه دون وجود رؤية سياسية واضحة للمستقبل فإن المشروع يمكن أن تتبخر فوائده، خاصة في ظل التوقعات المبالغ فيها أحيانا لعوائد المشروع، الذي يصعب الحديث عن تأثيراته وانعكاساته على الدور الإقليمي لمصر في الوقت الحالي، لا سيما أن تبعات الاحتفال لم تنته بعد.

وأكد نافعة، في تصريحات لـ”العرب”، أن الحكم على نجاح المشروع يتوقف بشكل كبير على الخطوات التي تليه، ونية النظام في التعامل مع الإنجاز وكيفية استغلال الاحتفاء الشعبي بشكل إيجابي. وأشار إلى أن تاريخ مصر مليء بالإنجازات والإخفاقات، ففي عام 1956 نجح النظام في تأميم القناة وبناء السد العالي وسط تأييد شعبي كبير، لكنه فشل في استغلال ذلك فكانت النتيجة حدوث نكسة يونيو 1967، نفس الأمر تكرر عقب انتصارات أكتوبر 1973، حيث فشل النظام في استغلال الانتصار العسكري والفرحة الشعبية، فكانت النتيجة توقيع معاهدة كامب ديفيد التي وصفها نافعة بالهزيمة السياسية.

لكن نافعة رأى أن إنجاز مشروع ضخم بحجم قناة السويس في عام، أمر يحسب للنظام ويعطي ثقة للمواطنين بقدرته على تنفيذ تعهداته، مشيرا إلى أن تأثير الإنجاز يتوقف على خطوات وتصرفات ما بعد الاحتفال.

وقال إن حفر القناة تم بأموال مصرية وهذا أمر جيد، لكن استكمال المشروع بتنمية محور القناة لا بد أن يكون باستثمارات خارجية، وهذه مسألة لن تحدث دون وجود استقرار سياسي بمصر.

كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دشن الخميس قناة السويس الجديدة، بمشاركة العشرات من رؤساء وملوك ووزراء ومسؤولين يمثلون نحو 121 دولة فيما اعتبره البعض رسالة بوقوف النظام الدولي مع مصر في مواجهة الإرهاب.

مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومدير مركز شركاء التنمية للحوار، أكد أن تأثيرات مشروع قناة السويس على دور مصر الإقليمي، لا يمكن أن يتضح الآن، ولا بد من الانتظار حتى نجاح المشروع.

وأوضح لـ”العرب” أن مصر تلعب دورا بالفعل في القضايا الإقليمية، لكن هذا الدور مرشح لأن يكون أكثر فعالية ونفوذا، حال نجاح المشروع بما يصاحب ذلك من زيادة دخل مصر من العملات الأجنبية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، التي تمكّن الحكومة من لعب دور أكثر محورية في المحيطين الإقليمي والدولي.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن الحضور الدولي الكبير في حفل الافتتاح كشف أن دولا كبرى مثل فرنسا والهند وروسيا والصين تقدّر الدور المصري، وتثمّن مواقفه الدولية وتسعى لمساعدة القاهرة على تجاوز كبوتها.

واعتبر أن الخطوة الأهم التي تعزز النفوذ المصري نجاح مشروع تنمية إقليم قناة السويس بعد توسعة المجري المائي، منوّها إلى أن مشروع محور التنمية قفزة كبيرة للاقتصاد المصري سيتبعها بالتأكيد توسع الدور الإقليمي والدولي لمصر.

وحول حديث البعض عن الحاجة لمشروع سياسي يوحّد المصريين أكد مصطفى كامل السيد، أن المشروع المنتظر يتطلب توفر الإرادة السياسية على الجانبين، سواء من الحكومة أو من جانب المعارضين لها، وهو أمر غير متوفر الآن. من جهته قال يسري العزباوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات، إن قناة السويس الجديدة نقلة نوعية في مكانة مصر الإقليمية والدولية.

وأوضح العزباوي لـ"العرب" أن القناة توفر المزيد من الاستقرار لمصر بما يتيح لها دورا أكبر في قضايا مكافحة الإرهاب والوضع في ليبيا واليمن. وناشد النظام المصري الاستفادة من المناسبة لتعزيز طلب مصر بالحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن المقرر تحديد الدولة الفائزة به العام المقبل.

عبدالمنعم حلاوة، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، رد على حملة التشكيك في عوائد وجدوى قناة السويس بقوله إن القناة الجديدة ستساهم في تعزيز دور مصر عالميا لإسهامها الفعال في تعزيز طرق التجارة الدولية وتقليل ساعات المرور.

ومعروف أن شركات الشجن العالمية تبحث دائما عن خفض وقت نقل البضائع وتقصير الرحلات لخفض التكلفة، مشيرا إلى أن تقليل زمن العبور بنسبة 39 بالمئة سيكون عاملا مساعدا في زيادة الاعتماد على قناة السويس، الأمر الذي سيعزز وضع مصر دوليا.